(أم دريا حبيبة ويا غنايا ويا قصيد ناس مليانة طيبة قلوب مليانة ريدة).. أم در الشامخة.. وقبلة المحبين.. أم در الطابية والبوابة لكل السودان.. فلو إنت أمدرمان فأنت السودان، ذلك السودان القديم المتوسد على وسادة التاريخ والأصالة المتشبع بالعراقة فلكل (زقاق) من أزقة أمدرمان قصة وطن، وهوية راسخة. ثقافة ورياضة وفن.. وأنت في طريقك في شوارع أمدرمان متنقلاً في هذا الحي تتلاقى الدروب لتوصلك إلى حي العمدة القيافة..وهو من أعرق وأبرز أحياء أمدرمان.. والتسمية بهذا الأسم كانت على (العمدة المقبول) وهو من أوائل من سكنوا هذا الحي العريق.. بشرقه وغربه يُعبر عن لوحة سودانية جمعت أطياف المجتمع، ومزجت كل أعراقه لتشكل هذه اللوحة الجميلة، و(حجوة) سودانية أصيلة تحكي عن الوطن لأنه يتميز بوجود (حوش) يجمع في داخله الأسرة الممتدة التي عرفت بالتكاتف والانصهار والمحنة (عند باب السنط والدكة والنفاج والحوش الوسيع للساكنين أفواج)... هذه الأغنية وكلماتها العطرة تعبر عن حال هذا الحي الأنيق ليس هذا فحسب بل هذا الحي العملاق قدم للسودان فلذات أكباده لينشروا ويعمروا فيه فلو بدأنا لن تستطيع أقلامنا... التوقف إجلالاً لإنسان أمدرمان عموماً وإنسان حي العمدة بالأخص بدءاً من عالم الصحافة الأستاذ/ علي حامد، الخليفة تاج السر علي الشيخ والعائلة هو (مادح الرسول وأصحاب (تاج للتجميل) وهم من أوائل العاملين في هذا المجال، محمد علي الشيخ من أوائل التجار الذين قاموا ب(سودنة) السفنجة، «ووزة» صاحب الرأس الذهبية، عبدالوهاب نور الدائم مدير مدرسة الهاشماب أساس وهي من أبرز المدارس التي خرجت معظم الوزراء، الشريف عبدالرحمن البيلي الذي أسس خلوته قبل (80) عاماً تقريباً إلى أن تحولت وتطورت إلى مسجد الآن، إبراهيم الشريف أول أسرة أدخلت الطربوش للسودان ولقبت أسرة الطرابيشي، الأمين محمد الأمين تاتاي من أسرة (تاتاي) وهو من أول القضاة في السودان، وتدرج في القضاء إلى أن وصل قاضي محكمة، وأشهر قضاياه قضية (الشنطة) المشهورة. الشيخ مرزوق وهو يدرس القرآن الكريم بأربعة لغات ومؤسس جامع مرزوق، الشيخ إدريس الصادق «أحقين» صاحب الخلاوي، مختار إبراهيم تاتاى من أوائل العاملين في الجلود وريش النعام، محمد علي مختار (أوائل مفتشي الصحة، خضر حسن سعد تاتاي من الشعراء المميزين في الأربعينات، الشيخ محمد علي فضل وأخوانه من أوائل أصحاب مصانع الزيوت والصابون، على الصاحب عيد من أوائل مؤسسي وكالة للسفر والسياحة ووكالته ( السر) والأستاذ أحمد مرزوق الذي كان يدرس المعلمين للمرحلة المتوسطة وعذراً سادتي إذا سقط اسماً أو نساه القلم وذلك من عظمتكم وما قدمتموه لهذا الوطن من أبناء ولا ننسى المركز الذي يضم الثقافة والجمال والفن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي الذي يقف ويعبر عن حال الوطن.. وكيف لا والدكتور عثمان سوار الدهب قدم الفن في كتابه الجزء الأول أحياء أم درمان لعراقة وتميز الفن مفرداً له مساحة مقدرة ومضيفاً في حديثة «لآخر لحظة» بأنه من أبرز الأحياء الأمدرمانية وهو يضم أبرز الأعلام والعاملين في السودان.