قال لي ساخر «حينا» وهو عابر.. لبست الطرحة غيرت بالتوب كانت لها معايير وطقوس.. كانت لها أجواء خاصة في العائلات البنت إذا غيرت الطرحة ودخلت في عالم الثوب انفصلت تماماً عن الطفولة.. وتجردت من الرؤية الطفولية لتنغمر في عالم المرأة الناضجة المقيدة بقوانين البيت، وإذا خرجت تخرج بخطوات مختلفة عن سابقتها تلازمها بعض الشروط فتكون رؤية المجتمع الينا دقيقة فتكون هي الأحرص.. عندما تكون في الشارع العام حينما تتوجه.. ويضيف الساخر هذا الانتقال في وقت سابق أعطى المرأة حجمها وقدرها الاجتماعي ليلعب الثوب السوداني في حقبة زمانية حضوراً أدبياً متوجاً بالتقدير والاحترام.. حتى في المناسبات كان للثوب السوداني رونقه عندما تتزين به يجعل شكلها متوازناً ومتناسقاً. ويضيف الرجل الباسم.. اليوم اختلفت الرؤية وغلبت الفوارق لتظل الطرحة هي القيد طويل الأجل.. ليتوه الثوب السوداني ويبدو محدوداً في أضيق نطاق، وبتلك الألوان الخالية من الهدوء النظري.. فيظهر الثوب في المناسبات السعيدة وداخل صالات الأفراح مزاحماً الطرحة الحديثة.. الطرحة الحديثة جلست في الأوساط النسائية شكلت خصوصية التعامل في العمل العام فانتفى الثوب السوداني بمظهره الجاذب وشحت صورته القديمة فغابت مقاطعه الجمالية ليبقى حالة من ذكريات.. لتجلس الطرحة وأخواتها من العباءات ويكونن سيدات الموقف بلا منازع. قال صديقي الباسم الساخر.. انقطاع الثوب أفقده كثيراً من الجماليات وسحب البساط تماماً عن المظهر المتفق عليه، فبدأت النظرة للمرأة أكثر من عادية لينهدم الوصف الجمالي الذي غطاه الثوب في كثير من الحالات.. فعندما قال المغني لبست الطرحة وغيرت بالتوب يعلم تماماً أن الثوب هو الواجهة المشرقة التي تعكس أنوثة المرأة ورقتها وخروجها إلى الحياة بشكل يعطي قدسيات المرأة وسلوكيات «المندسة» في الثوب. أقول الثوب السوداني كان في فترة من الفترات الواجهة الناطقة لمكانة المرأة السودانية داخل وخارج القطر.. فعندما ترتقي به في المناسبات الكبرى يبدو في أنظار الجميع مشهداً فلكلورياً متوهجاً بالنضارة وعاكساً لأدبيات المجتمع السوداني المسلم، بل كان حديث الآخرين بأنه شكل معبراً يؤمن على مفهوم الآخرين بكثير من التأصيل لأخلاقيات المرأة السودانية أقول الطرحة هي جزء مكمل (للحشمة) ولكنها تظل حالة مقرونة لبعض الدول العربية وغير العربية.. مما حدا للمتابعين أن يتساءلوا عن الثوب السوداني الناصع البياض المطرز ببعض الألوان المعبرة في كثير من اللقاءات.. وقد أظهرت المرأة السياسية في فترة من الفترات حضورها بالثوب الأبيض انموذجاً متفرداً بل كان نقطة إشادة نالت من خلاله المرأة السودانية الإشادة وهي ترتدي الثوب كشعار ثابت مازال مجسداً في ذاكرة السياسيين والمتابعين والإعلاميين وحتى الأدباء العرب أفضوا إليه بمفردات التألق فكتبوا عنه بمدادهم أدق الوصف ليحظى الثوب السوداني في تلك الحقبة بهذا التميز. أقول من هنا ما جاء به باسم المدينة جعلني أروق لبعض من الذكريات المدفونة وأعددها بحسابات الزمن واختلاف الأجيال.. لأنني التمست أن الثوب السوداني بدأ في الانحصار والانحسار.. وقلّ التعامل معه في مجال العمل وانحسر الثوب الأبيض وبدأ يتلاشى تدريجياً.. فكلما توالت السنين تعرض للغياب المتعمد.. والدليل أن الثوب غير مساعد للعمل.. بينما الطرحة هي مساهمة في الأداء بشكل منطقي.. ففي ظل هذا التفسير والعذر المستحدث سيكون الثوب السودان. قد كتب على تاريخه العريض الوداع الأخير ليبقى الجلباب والعمة للرجل وهو المظهر الباقي في المناسبات أياً كانت.. فهل سيصارع الثوب السوداني ليؤمن على مسيرته القديمة أم تبقى طرحة الجيل الحديث هي الظاهرة التي تنفي الثوب الناصع البياض من خريطة تاريخ المرأة السودانية؟!.