الوشم هو شكل من أشكال التعديل الجسدي ويتم بوضع علامة ثابتة في الجسم، وذلك بغرز الجلد بالإبرة أو تقطيع أجزاء من الجلد ثم وضع الصبغ عن طريق هذه الفتحات والجروح ليبقى داخل الجلد ولا يزول، ويعتبر الوشم على جسم الإنسان نوعاًً من التعديل الجسماني والزخرفة، بينما على الحيوان فهو أكثر شيوعاً ويكون لأغراض تحديد الهوية أو المالك لهذا الحيوان. الوشم موجود منذ عدة قرون في جميع أنحاء العالم.. فالآينو وهم السكان الأصليون لليابان.. كانوا يقومون بوشم الوجوه كنوع من العادات والتقاليد، وفي الوقت الحالي الوشم متداول عند «الأمازيغ والتامازغا شمال أفريقيا»، وعند «الماوري» في نيوزيلندا، والهوسا في شمال نيجيريا، ومعظم قبائل السودان، والعرب في شرق تركيا، والبدو في سوريا، وعند «الأتايال» في تايوان مع وشم الوجه. كان الوشم موجوداً على نطاق واسع عند الشعوب البولينيزية، وعند مجموعات قبلية معينة في تايوان والفلبين وبورنيو وجزر مينتاواي وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى وأوروبا واليابان وكمبوديا ونيوزيلندا ومايكرونيزيا، وبالرغم من بعض المحرمات التي تحيط بالوشم، إلا أن هذا الفن لا يزال يحظى بشعبية كبيرة في مناطق متعددة من العالم. ٭ تاريخ الوشم التوشيم هو ممارسة أوراسية وعلى الأقل منذ حوالي العصر الحجري الحديث، مومياء أوتزي والتي تعود إلى العصر النحاسي أي حوالي عام 3400 قبل الميلاد، تم العثور عليها في وادي أوتز في جبال الألب، وعليها ما يقارب ال 57 وشماً كربونياً يتكون من نقاط وخطوط بسيطة في العمود الفقري السفلي، وخلف الركبة اليسرى وعلى الكاحل الأيمن، ويعتقد بأن هذه الوشوم كانت شكلاً من أشكال العلاج بسبب موضعهم الذي يشابه الوخز بالإبر.. وقد تم اكتشاف مومياءات أخرى تحمل الوشم والتي يعود تاريخها إلى نهاية الألف الثاني قبل الميلاد.. مثل مومياء أمونيت في مصر القديمة ومومياءات بازيريك في هضبة أوكوك الجرمانيون ما قبل المسيحية والكلت وقبائل وسط وشمال أوروبا الأخرى، كانوا يوشمون بشكل كبير، وكان البيكتس مشهورين بالتوشيم أو «التخديش» بوضع صباغ نبتة الوسمة ذات اللون الأزرق الداكن أو ربما النحاس من أجل اللون الأزرق. وصف يوليوس قيصر تلك الوشوم في كتابه «حروب الإغريق» التوشيم في العالم الغربي وجذوره في بولنيزيا من قبل المستكشفين في القرن الثامن عشر، وهذه العادة البولينيزية أصبحت شائعة بين البحارة الأوروبيين، قبل أن ينتشر في المجتمعات الغربية عموماً. ٭ الوشم في السودان تحدث الكاتب عبد العزيز بركة ساكن عن الوشم في السودان قائلاً: أكدت الحفريات والمشاهدات من قبل بعض العلماء والباحثين في ممالك النوبة القديمة بشمال السودان أن الوشم على الجسد كان مستخدماً في العهد المروي الكوشي على منحوتات البجا والنوبة، كما أنه مورس في جميع الممالك النوبية اللاحقة مثل مملكة علوة والمقرة وسوبا وكبوشية ونوباتيا، وأن المسلمين - المستعربين والعرب -واصلوا أيضاً ثقافة الوشم في المشيخات والمجتمعات والممالك التي نشأت بعد سقوط الدويلات النوبية وظلوا يوشمون أوجههم وأجسادهم، واستمر ذلك إلى تاريخ اليوم، حيث ما زالت الكثير من القبائل والأسر المستعربة بالسودان الحديث تتبنى ثقافة الوشم، خاصة عند قبائل النوبة في غرب وشمال السودان وقبائل الفور والزغاوة بغرب السودان، والبرتا في النيل الأزرق والمجموعات النيلية بالجنوب، وبعض القبائل الشمالية مثل الشايقية والجعليين، وكثير من القبائل الوافدة للسودان من غرب ووسط أفريقيا ومجموعات حضرية في بقاع السودان الشاسعة يظهر عليها الوشم في أشكال مختلفة، كان عبارة عن ثلاثة خطوط أفقية في الخدين عند قدماء البجا والنوبة مع وجود رسوم لأشكال وخطوط في البطن والساعدين والوجه والكتفين والخدين والصدغين، أيضاً في بعض الأحايين في الرجلين والظهر أحياناً قليلة. لا يمكن الحديث عن جواز سفر أو شهادة ميلاد أو بطاقة شخصية، فعبقرية الظروف الموضوعية هي التي اختارت الجسد ليصبح الوثيقة الدائمة المتنقلة التي لا تفسد ولا تزور أو تتلف طالما بقي الإنسان حياً، فنجد علامة ثلاثة خطوط أفقية عند وشم قبيلة الشايقية، وثلاثة خطوط رأسية عند الجعليين، وعلامة على شكل الحرف (V) على الجبهة عند النوير، وإزالة الأسنان الأمامية عند الدينكا مع بعض الخطوط الأفقية وسط الجبهة، وثلاثة خطوط رأسية عند الخدين لدى البجا.