المصنفات وما أدراك ما المصنفات.. مسلسل طويل لا أول ولا نهاية طلقانة.. فالمصنفات كما هو معروف يضع على عاتقها العبء الأكبر في تصنيف الكثير من الأعمال، وهي الجهة المنوط بها تصنيف الأعمال الإبداعية وإجازة أو عدم إجازة من يقدمونها.. ونحن نتناول هنا هذه الجزئية لاعتبارات كثيرة.. ونحمل مجلس المصنفات الاتحادي مسؤولية الفوضى التي ضربت الساحة الفنية تحديداً حتى باتت مهدداً قوياً للثقافة والهوية السودانية، وبالطبع نحن لا نريد أن نصنع من الحبة قبة، ولكنها الشواهد التي تؤكد ذلك.. فما نسمعه اليوم من غناء وممارسات باسم الفن ما هي إلا أسلحة فتاكة موجهة على قلب الثقافة السودانية.. وليس بمستغرب إن كان الكثيرين من أبناء وبنات هذا الجيل لا يعرفون إلا مطربين ومطربات من خارج البلاد، ولا يحفظون إلا الأغنيات العربية ذات السلم السباعي أو إيقاع (عشرة بلدي).. والقلة منهم التي لها اهتمامات بالفن السوداني لا تفقه إلا (حبيبي شودت) طه سليمان، و(نظارات) شريف الفحيل مثلاً.. مثلاً. هذا جانب.. والآخر هو «نوم المصنفات في عسل الكسل».. والذي أتاح الفرصة لكل من هب ودب أن يصبح مطرباً أو مطربة على حساب مبدعين قدموا عصارة إبداعاتهم وأنضر سنوات عمرهم وصحتهم لهذا الإبداع.. فجاء قراصنة (آخر الزمان) ليسطوا عليه نهاراً جهاراً تحت سمع ومرأى المنصفات، فأثروا من ورائه وامتطوا الفارهات، وشيدوا أفخم المنازل، وفتحوا الحسابات في البنوك، وفي وقت لا يجد فيه عبد الرحمن مكاوي، وأبو قطاطي، والسني الضوي وغيرهم.. حق الدواء.. ويتكسب من وراء إبداعهم الآخرون بمباركة يجسدها صمت المصنفات وغيرها من اتحادات معنية في المقام الأول، بأن الضابط لايقاع الحركة الفنية والرقيب على حقوق المبدعين. نحن لا نتحامل على المصنفات، ولا على اتحاد نقابة المهن الموسيقية الدرامية، ولكن نرى أن دورها الحقيقي هو الاهتمام بالمبدعين والحفاظ والدفاع عن حقوقهم عبر تفعيل حقيقي لقانون الملكية الفكرية.. وعبر آليات تعين على إعانة الأعضاء.. ولا نظن أن من دور المصنفات أو النقابة هو «الجباية» عبر إجازة الأصوات أو الأعمال الفنية أو غيرها، وللأسف الشديد أن ثقافة الجباية أصبحت هي السائدة في الكثير من معاملاتنا الحياتية. خلاصة الشوف: من يصدق أننا من أوائل الدول التي عرفت قانون الملكية الفكرية ومع ذلك مازالت ثقافته غائبة.