مشاهد تذهل العقول وتدمي القلوب أن نسمع يوماً حواء السودانية تعمل كخادمة بداخل وطنها، ناهيك عن أن تذل بعقالات العرب الكل منا بين مكذب ومصدق لما تناولته مواقع التواصل الاجتماعي عن الفتيات العاملات «الخدامات» بمنطقة الجوف بالمملكة العربية السعودية جعلت العديد من التساؤلات تدور في أذهان الكثيرين ....لم تكن قضية الفتيات وحدها، بل هنالك العديد من السودانيات تعرضن لمواقف مزرية بسبب الحوجة والعوز بعد فقدان العائل «آخر لحظة» سلطت الاضواء على القضية من النواحي الشرعية والاقتصادية وحاورت الجهات ذات الاختصاص وكانت الحصيلة التالية. تحقيق-زكية الترابي قصص تدمي القلوب مشهد أول فتاة تبلغ من العمر (30) عاماً أكملت جميع مراحل التعليم بتفوق وجدارة إلى أن تحصلت على درجة الماجستير من جامعه عريقة.. بعد رحلة معاناة ومشقة للحصول على وظيفة لم توفق في الحصول على الوظيفة .. ولكن الحاجة كانت أقوى من ظروفها مما دفع بها إلى التفكير في الهجرة، وتحصلت على عقد عمل بالمملكة العربية .. ولكن بعد أن أكملت إجراءات الخروج تفاجأت بأن العمل في منزل إحدى السعوديات ..رفضت العمل كخادمة ولكن طالبها الكفيل بدفع مبلغ مالي قدره (15) ألف ريال سعودي، ولم تستطع الفتاة دفع المبلغ.. فرضخت للعمل كخادمة بمنزل المرأة السعودية إلا أنها لم تجد الا الإذلال والإهانة والمعامله القاسية . مشهد ثاني أم لسبعة أطفال تقيم بشقة بإمارة البطحاء توفى عنها زوجها وترك لها مبلغ (18) ألف ريال عبارة عن متأخرات إيجار الشقة ..التي دفعتها عنها امرأة سعودية فاعلة خير، ثم ذهبت للسفارة السودانية بالسعودية حتي تمنحها تذاكر العودة ولكن السفارة رفضت منحها أكثر من تذكرتين . لم تكن قصة الأرملة التي توفى عنها زوجها وترك لها ابنتين أرشدها عدد من الناس إلى الذهاب إلى إمام المسجد لكي تجد المبلغ الذي يساعدها على العودة، وبينما هي في المسجد فإذا بعربة مكافحة التسول تأخذها بعد أخذ البصمة، وسجلت في دفاتر المتسولين عند الشرطة. التلاعب بالقانون ٭ وبجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج أشار نائب المدير العام نجوي هلالي لوجود جهات لم تسمها تعبث وتتلاعب بالقانون بإصدارها جوازات وإقامات تحت مسمى عاملات منازل، مبينة أن هنالك قانون منذ العام1989م مصادق عليه بالتنسيق مع إدارة الجوازات ينص على عدم استصدار جواز عاملة منزلية أو مربية، مضيفة أن الجهاز لايملك ملفاً أو أوراق ثبوتية تخص الفتيات فيما نفت وزارة العمل والإصلاح الإداري علاقتها بعمل سودانيات يعملن خارج السودان بمهن «عاملة منزلية» وقال وزير العمل أحمد بابكر نهار هنالك قوانين صارمة تمنع سفر أي سودانية للخارج للعمل في مثل هذة المهنة، مبينا أنها إذا وجدت فإنها لم تخرج عبر الإجراءت الرسمية، وكانت الوزارة قد كلفت الأستاذ خالد حسن برئاسة لجنة لمتابعة قضية العاملات السودانيات مع الجهات المختصة الظاهر آنه وجد إنكاراً من المرأة السعودية وأضاف العضو باللجنة التمهيدية لمكاتب الاستخدام الخارجي محمد الحسن يوسف الكنزي أن مثل هذه الممارسات تحدث من قبل وكالات الاستخدام الوهمية .. موضحاً أن مثل هذه الفيز تأتي عبر السفارة السعودية وباسم الشخص المقصود، ويتم الإجراء بواسطة مكاتب الاستخدام أو بعض وكالات السفر والسياحة الوهمية دون علم وزارة العمل السودانية .. وكشف الحاجب عن عدد مراكز الاستخدام المنضوية تحت وزارة العمل البالغ عددها 214 مكتباً ًتعمل بلوائح مكتب العمل بموجب الضمان وهو عبار عن «شيك» يحمل رقماً مادياً معيناً. ودعا المواطنين لتوخي الدقة عند التعامل مع مكاتب الاستخدام، وذلك بالنظر والتمعن لرخصة الوكالة التابعة للغرفة التجارية ووزارة العمل. وقالت فتحية حسن رئيس جمعية نسيبة الخيرية بالرياض بالمملكة العربية السعودية إن هنالك مكاتب أمام السفارة السودانية تقوم ببيع مثل هذة العقودات، وطالبت فتحية جهاز المغتربين بضرورة وضع صندوق تكافلي للمرأة المعسرة أو الأسر التي فقدت عائلها في إشارة منها لوجود أكثر من (30) رجل بترت رجله بسبب السكري، مبينة أن المرأة السعودية أصبحت تستنكر ظاهرة العاملات السودانيات، وتوجه لنا العديد من التساؤلات، مما دفعنا لنكران السودانيات اللائي يمارسن مثل هذه المهن في المنازل الفتيات يحملن أوراق ثبوتية وقال الدكتور فتح الرحمن محمد فضيل أحد المهتمين بملف الفتيات المقيم بمنطقة الجوف أن الفتيات العاملات بالجوف يحملن أوراق ثبوتية وصور إقامات تثبت ذلك، ولم اقم بنشرها خوفاً من الضرر على صاحباتها، مبيناً أنه ليس للعاملة الحق في اصطحاب محرم أو طفل وتسافر لحالها، ويكون في انتظارها رجل لاتعرف عنة شيئاً وليس لها الحق في العودة إذا لم يطب لها المقام، وإذا لم توفق في العمل تدفع مبلغاً مالياً قدره (15) ألف ريال سعودي لتحرر نفسها أو تذهب للسجن، وأوضح أن مثل تلك الهجرة تتم بشكل غير شرعي من تجار البشر، مبيناً أن الفتيات لايعلمن شيئاً عن طبيعة المهنة، مشيراً لوجود تلاعب علي مستوى عالي ويحتاج لحصر لمن خرجن بهذه المهنة، والإتصال بهن لمعرفة هل هن بالسجون، متهماً السفارة السودانية بالقصور في القيام بدورها المنوط بها وهذا مايشتكي منه المقيمون نتيجة غياب أزرع السفارة ممثلة في الجاليات التي لايعرفها الناس إلا في مواسم الاحتفالات والانتخابات، مشيراً لتحركهم حيال قضية الفتاة صاحبت المشكلة والتي قضت في السجن (15) يوماً واكتشفوا أن هنالك (3) فتيات يمكثن بالسجن وأخرى منذ رمضان ٭ الحدث يوضح مدي الحاجة وقال الخبير الاقتصادي كمال كرار إن هروب القوة المنتجة للخارج تؤدي لفقدان المورد البشري، وهو أساس للإنتاج وخاصة أنها عمالة مدربة ومؤهلة ومن حقها أن تعمل بالداخل، ويعود عائد عملها للوطن والشعب، مبيناً أن استنزاف الموارد البشرية ينعكس سلباً على الاقتصاد مضيفاً أن هذا الحدث مأساوياً يوضح الحوجة التي دفعت السودانيات للعمل في الخارج، مبينا أن هذا النظام السياسي أغلق أي منفذ أمل بالتوظيف العادل للخريجين، إذ اعتمد برنامجة الاقتصادي علي تحطيم القطاعات الانتاجية واعلن بصوته العالي عدم توظيف الدولة لكل الفئات بحجة خروج الدولة من النشاط الاقتصادي، مبيناً أن هذا هو برنامج صندوق النقد الدولي الذي لا يريد للسلطة أن تعمل في النشاط الاقتصادي، ولا أن توظف شبابها في القطاع العام، مضيفاً أن من ذلك أنها اعتمدت تصفية القطاع العام من أساسه، وعليه أصبح خريجو الجامعات بدون عمل في ظل ضعف القطاع الخاص وعدم مقدرته على التوظيف.. ولم يعد أمام الناس سوى الهجرة للخارج، وهذه الطريقة مكلفة وغير مقدور عليها مادياً في ظل غياب الخبرة العملية للخريجين والامكانيات المادية التي تمكنه من دفع فيزا محترمة، فان البعض يسافر بأقل تكاليف وبإمكانه الحصول على تأشيرات خروج وفيز عمل كمربي مواشي «راعي» أو خادمة منزل لأنها لاتتطلب خبرات أو معاناة، وهي فيزات بثمن زهيد، مضيفا أن ما حدث ينبغي أن يدق جرس الانذار على المستويين الرسمي والشعبي اللوم على أجهزة الدولة وأضاف حسين عووضة أستاذ الدراسات الاسلامية بجامعة النيلين أن النظام القائم في المملكة يمنح الكفيل حق التصرف في مكفولة بالقانون، مبيناً أن الدين الإسلامي منع سفر المرأة من غير محرم .. ملقيا باللوم على عاتق الدولة التي منحت التأشيرات والأسر التي عرضت بناتها لمثل هذه المخاطر، داعياً لضرورة تشديد الرقابة على سفر المرأة من غير محرم، لأن الدين الإسلامي أوصى بذلك، مناشداً الجهات ذات الصلة بضرورة الاهتمام بشرائح الفقراء والمساكين، لأن المال العام أصبح دولة بين الأغنياء الذين لهم المناصب السيادية وهم لايحسون بهذه المآسي