أزمة الجوع:- يتخوف الحكماء من أزمة الجوع في العالم، ويقولون إنه ربما تنفجر (ثورة الجياع) وفي الاحصاء أن في العالم الآن 800 مليون جائع، وألف مليون تحت خط الفقر، وتصبح الحاجة ملحة جداً الي ثورة خضراء، أو نفرة خضراء مثلما يقول حكماء السودان، وطبعاً ثمة علاقة بين الفقر والجوع، فالفقر أساس الجوع، والغريب أن الجوع أكثر انتشاراً في المجتمعات المنتجة للطعام بسبب عدم وجود المال اللازم لاستعمال التكنولوجيا في الزراعة، وفي السودان الآن أمل كبير في زرعٍ كثيرٍ ووفير، ولكن يترك المواطن وحده لكي يجاهد، ويحلم المواطن السوداني ومن حقه أن يحلم، وتتعثر أحلامه عند صخرة واقع الزراعة في السودان، وبدلاً من أن تساعده المحليات تفتح فاها طالبة أتاواتها، وعندما لا يدفع يصدر ضده أمر قبض، ويصبح متهماً، وبعدها يقف قاضٍ خاص يتحيز لجهة تشغيله، وينتهي بأن يودع في السجن، حتى يأتي إليه رفقاء آخرون.. وعندما يأتي مستثمر من الخارج لا يساعده أحد لكي ينجز شيئاً، ويضيع عمره في حل اشكال خلو الأرض من الموانع، ويجري به الوقت، ويفقد ما يفقد ويعود أدراج الرياح وقد قبض الريح، ويا ويل من يأخذ سلفيات من البنوك، فكل البنوك تطلب ديونها في سرعة البرق، ستة شهور أو عام بينما الزراعة تحتاج كما يقولون الي مال قارون، وعمر متوشالح، وصبر أيوب، وإذا سألتني عن متوشالح أحيلك الى سفر التكوين الذي يذكر أن متوشالح عاش 962 عاماً، عداً وحصراً، أعوام بالضبط مثل أعوامنا الآن. وكان بروفسور قنيف وهو الآن على قمة النفرة الزراعية، وعندما كان وزيراً للزراعة يقول لا بد من وجود آلية اوميكانزم، يقدم المال دعماً للزراعة في قروض تبدأ بأعوام سماح ثم أقساط مريحة، وليس المال فقط هو المطلوب لنزرع إنما الماء، ويتمتع السودان بماء الأنهار والأمطار والمخزون من المياه الجوفية، ماء الأنهار بعيد جداً عن الزراعة ويحتاج الي شق القنوات والترع وتقديم الماء مجانا للمزارع، ولكم طالبنا أن تكون لرموز البلاد ترعا باسمائها ترعة الإنقاذ، ترعة الميرغني، ترعة قرنق، ترعة بييوكوان، ترعة المهدي، ترعة القذافي، ترعة دبي، ترعة الأنصار، ترعة اكتوبر، ترعة أبريل، وكل هذا لا يتم إلا إذا أقامته الحكومة، خدمة لرب العزة وتعاوناً مع المواطن، وعندما نأتي الى مخزون المياه الجوفية، وهو والحمدلله كثير جداً، ولكنه يحتاج الى الجازولين والكهرباء وسعرهما المرتفع يجعل ماء الآبار غير ذي جدوي اقتصادية. نحو الآخر:- في مقال لخبيرة في المشكلات المزمنة أورد د. أحمد أبو زيد في مجلة العربي ديسمبر 2004م تقول كارول جوي: إننا جميعاً نقف في صف واحد على هاوية سحيقة، وإن لم يقتنع الكثيرون بذلك، ولكن حقيقة المأساة التي نعيش فيها لن تتضح بكاملها، إلا لهؤلاء الذين يعرفون كيف يمكن التوحد مع الآخرين، بالرغم من اختلافهم عنهم في كل شيء، وكذلك الذين يتمتعون بالقدرة على اكتشاف الجانب الإنساني المشترك بين أبناء العشر، بالرغم من كل الاختلافات والفوارق، لأن مثل هذا الاكتشاف هو الذي يحدد لنا أساليب وطرق تؤكد مؤازرة العلاقات داخل الإنسانية العالمية، وهذا ما سوف يتحقق في المستقبل. وأرى أننا الآن في احتياج الى أن نخطو كل واحد نحو الآخر، الغني نحو الفقير، المتقدم نحو المتخلف، صاحب التكنولوجيا نحو معدومها.. ونذكر كيف أن السيد المسيح أراد أن يحقق مجتمعاً إنسانياً متآخياً، من خلال مثل السامري الصالح، الذي رغم احتقار اليهودي له اتجه نحوه وضمد جراحه وصب عليها زيتاً وخمراً، وأخذه الى فندق ودفع مبلغاً من المال تحت الحساب، إن دعوة كارول جوي نحو الاهتمام بالآخر دعوة سوف تحقق الرفاهية للإنسان قبل أن يضيع نصف العالم ضحية الفقر والجوع، والنصف الثاني ضحية الأرق والألم لأنه لم يقدم شيئاً للآخر، وفيه قليلة جداً من النصف الثاني سوف لا تشعر بأي شيء.