تقرير: ثناء عابدين: محمد عبد الله : «حديث المدينة» يدور هذه الأيام حول الحزب السياسي الجديد الذي يزمع الكاتب الصحفي ، رئيس تحرير الزميلة «التيار» عثمان ميرغني تأسيسه مع عدد من الشخصيات القومية وبعض قيادات الأحزاب الأخرى ويظهر السؤال من أين نشأت هذه الفكرة ولماذا هذا التوقيت؟ يؤكد صاحب «التيار » أن الفكرة نشأت من إحساس بعد مراقبة المشهد السياسي بأن هناك حزباً غائباً عن الساحة السياسية، الحزب يلبي مطلوبات الشعب السوداني بكل فئاته وعرقياته وثقافاته في التوقيت الحالي.. ويرى ميرغني أن هناك إحساساً بأن المجتمع السوداني يفتقد الآن للحزب الذي يجمع كل السودانيين في كيان واحد، وقال ل «آخر لحظة» أمس، صحيح أن هناك «أحزاب» بعضها يقوم على منطق آيدلوجي وبعضها يقوم على منصات ربما جهوية والآخر على منصات اجتماعية، ولكن الحزب الجامع الذي يجمع كل السودانيين غائب. فميرغني الذي خرج من أسرة اتحادية كان كادراً فاعلاً من الحركة الإسلامية لكنه خرج منها خروج سلس وبهدوء ولم تكن هذه التجربة الأولى له، بل كانت لديه مبادرات سابقة وأفكار مشابهة لهذه الفكرة، لكنها لم ترَ النور وها هو يعيدها هذه المرة بنظريات وآيدلوجيات جديدة، فهل يريد الصحفي عثمان أن يجعل من هذا الكيان منبراً ليقول رأيه في الحكومة من خلاله، علماً بأن صحيفته تعرضت للإيقاف كثيراً وأصبح مقيداً فيما ينشره؟ أحلام يقظة: ويمضي ميرغني في توضيح فكرة حزبه تنطلق من منصة آيدلوجية يجمع الجميع بمختلف اتجاهاتهم ويوحد فقط الأهداف والغايات التي يسعى إليها الجميع. وأطلق على الفكرة «الحلم السوداني »، ولكنه يرى أنه حلم سهل التحقيق، وقال في تقديري أن هناك مشكلة نعاني منها في السودان «أنه ليس لدينا أحلام»، إذا قرأت الصحف وسمعت الخطاب الحكومي اليومي وتأملت المشهد السياسي تعتقد أن مشكلة الشعب السوداني فقط أن يأكل ثم بعد ذلك أن يجد سيارة نفايات، وبعد ذلك يفتح صنبوراً متوفرة فيه المياه.. فلا يمكن لمثل الشعب، وفي هذه البلاد المترفة بالخيرات يجب أن نغير هذه الأحلام لنصبح على واقع جديد فهذه الأحلام ولا ينبغي أن تكون مجرد أحلام يقظة مبنية على الأوهام.. وكيف لهذه الأحلام أن تصبح حقيقة؟ يجيب صاحب الحلم بأنه لابد من ضرورة تغيير أنفسنا أولاً، ثم بعد ذلك عبر المنصات والآليات التي تستخدم في العمل السياسي وهي الاحزاب، فإذا كانت الأحزاب التي تملأ الساحة الآن هي التي أنشأت بموجب خبرات الثلاثينات والأربعينات هي التي تعيش تحت «جلباب أبي» طوال هذه الفترة، بالتأكيد لن تستطيع أن تقدم الحل الذي يرضي طموح الشعب السوداني. امتحان حقيقي: ويتفق أستاذ العلوم السياسية بروفيسر صلاح الدين الدومة مع رؤية الصحفي عثمان حول واقع الأحزاب السودانية، وقال إنها سليمة تماماً. ولكنه نوه إلى أن نقل الأفكار و كيفية تطبيقها هذا هو الامتحان الحقيقي للحزب، وأضاف أن ميرغني لم يأتِ بأفكار عامة، ونصحه بأن لا يبدأ فكرته بشعارات أيدلوجية محددة، لافتاً إلى أن الأيدلوجية هي علم وسلة من الأفكار. ويرى الدومة أن زيادة الأحزاب في الساحه السودانية ليس سلبياً، إلا أنه أكد أن الشعب يعي ما يريد والفيصل بين هذه الأحزاب صندوق الانتخابات. التغيير: لكن عثمان الذي مضى في شرح الفكرة والأهداف، نبه على ضرورة تغيير مفاهيم العمل السياسي بصورة عامة بالبلاد وإحداث صدمة في المسرح السياسي تعيد هيكلة العمل السياسي ومكوناته تقوم على أسس جديدة وتستوعب شروط الدولة الحديثة وآفاق الأزمة التي يمر بها الشعب السوداني وتستوعب الحلم السوداني الجديد، وبدا مرغني متفائلاً لهذه الفكرة وقال إن الحزب الجديد الذي نسعى إليه الآن ينطلق من هذه المنصة ويصنع واقعاً سياسياً جديداً مختلفاً عن المفاهيم السائدة في الوسط السياسي، ويقدم تجربة ستكون مدهشة ومبهرة، تختلف عن كل التجارب الحزبية السابقة، ويرى أنه سيصبح في النهاية محط آمال الشعب السوداني للخروج من الأزمة. السهل الممتنع: الصحفي صاحب فكرة الحزب الجديد يؤكد بأن الحلم السوداني الذي يسعى لتحقيقه سهل التحقيق، وقال إذا سألت أي شاب الآن تجد أن حلمه الزواج والبيت ومواصلات متوفرة فقط، ولماذا لاتكون أحلامنا أن تكون لدينا مدينة مثل دبي ما الذي يمنع ذلك؟! سؤال طرحه ميرغني وأجاب عليه، وقال لا يوجد ما يمنع أن تحدث هذه الطفرة خلال عام واحد، إلا أنه أكد أن الشعب السوداني لا يحلم، وألقى باللائمة على الحكومة التي روّجت لما يسمونه «قفة الملاح » وهذا تصغير للشعب السوداني . مآرب آخرى: وفي المقابل وجه القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل د. علي السيد انتقاداً للفكرة، وقال دعوة عثمان ميرغني قديمة ولها ارتباطات بجهات أخرى، مشيراً إلى أن ذات الاتجاه دعا له حسين خوجلي لحزب يضم كل السودانيين، ومن قبله الترابي والآن يأتي ميرغني، فجميعهم ذو خلفية مرجعية واحدة هي الحركة الإسلامية مما يؤكد أن الخطوة وراءها دوافع. لكنه عاد وقال لابد من الاختلاف، ويري أن الأمة إن لم تختلف ليس بها خير وأن الأحزاب العريقة بها شيء من التخلف وهذا طبيعي في العالم. حلم نبيل: أما الكاتب الصحفي مؤمن الغالي قال عن حزب ميرغني إنه حلم نبيل، لكنه غير قابل للتحقيق لا في المستقبل القريب أو البعيد.. ولكن صاحب الفكرة والمشروع بدأ واثقاً من خطوته وأكد أن الأيام القادمة ستفصح عن مفاجأة صادمة للشارع السوداني، وقال إنه يضم قيادات شابة ومعروفة وستكون مفاجئة بأن يجمع هذا الحزب هذه القيادات.. وقال لم تكن هناك إمكانية تجمع هذه القيادات في حزب واحد لأن اليميني يميني واليساري يساري.