٭٭ انتشر الربا بين المجتمعات وصار مشاعاً بين الناس في ظل ضعف العقوبات وقلة الوازع الديني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي أسهمت بصورة واضحة في انتشاره بين الناس، وقد وصفه أهل الاختصاص بالسلوك المنبوذ والمحرم في جميع الأديان السماوية ... وذهب العلماء إلى استحلاله عند الحاجة الماسة والفقر الذي يجعل الإنسان يأكل من لحوم الحيوانات الميتة، وعابوا على الناس التعامل به .. وقد منعت القوانين السودانية الربا وجعلته محرماً في المعاملات المدنية، وأفردت له الكثير من القواعد القانونية وربطته بالثراء الحرام.. خاصة بعد حديث المجتمع عن تعاملات ربوية تمت من منطلق قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات» فجاءت التساؤلات التالية هل يجيز فقه الضرورة الربا؟ وماهو مقدار الضرر الذي يجعل التعامل بالربا مباحاً؟.. هذه التساولات وغيرها حملتها (آخر لحظة) ووضعتها أمام المختصين وخرجت بالحصيلة التالية: ٭ تبادل منافع: المواطن (م.ن) الذي أجبرته ظروف الحياة والضائقة المالية إلى الاستدانة من أحد التجار على أن يرد المبلغ المالي بعد شهر من الاستدانة ولكن بمبلغ مضاعف.. لكنه عجز عن سداده مما أضطره للاستدانة من آخر حتى يتمكن من سداد ما علية - أقر (ج.ن) بإتجاهه لحل المشاكل المالية لبعض المواطنين وذلك بالقيام بتسليفهم قدر من المال بشرط استرداده بفائدة معلومة، وذلك لرفع العوز وتجنيب المواطنين من الوقوع في الخطأ والحرام، مضيفاً هذا من مبدأ (بارك الله في من نفع واستنفع) - فتاة تقوم بتوزيع مستلزمات المراة بأقساط شهرية، ولكنها تضاعف الأسعار بحجة أنها ديون متراكمة وأقساطها ضعيفة، وهي بذلك تعمل على تسيير عملها ولاتعلم أن هذه العملية ربوية ٭ قروض ربوية وكشف مصدر أن العام (2014)م شهد نقاشاً وسجالاً داخل البرلمان في السنوات الماضية بسبب ثلاثة قروض ربوية مقدمة من لجنة الشؤون المالية والاقتصادية تتعلق باتفاقيات تمويلية لمشروع سد أعالي نهر عطبرة، وستتم بين السودان والصندوق القومي للإنماء الاقتصادي بقيمة (90) مليون دولار، بفوائد ربحية تصل إلى (4%) بالإضافة لقرض من البنك الإسلامي للتنمية لهيئة السكة حديد وكان القرض بقيمة (10,6) مليون دولار بفوائد (5,5) مليون دولار.. بجانب قرضين من البنك الإسلامي لتوطين النازحين بولاية جنوب كردفان: الأول قيمته اثنين مليون دولار بفوائد قدرها 2,5% والثاني بلغت قيمتة اربعة ونصف مليون دولار بفائدة 5.7%، ولجأت الدولة لقرض من البنك الاسلامي للتنمية لتجهيز المركز القومي للعلاج بالأشعة بفائدة اثنين ونصف في المائة.. وبلغت قيمة الغرض 6.9 مليون دولار، وقرض من صندوق الأوبك لتأهيل بنيات الري بمبلغ ((100 مليون دولار.. بجانب اقتراضها من صندوق أبو ظبي لمحطة الجيلي الحرارية ب (14) مليون دولار بفائدة قدرها (3%) ٭ عجز مالي وأرجع النائب البرلماني الطيب إبراهيم كفوت إتجاه الحكومة للقروض الربوية لعجزها المالي وعدم ايفائها بوعودها مع الشركات العاملة في تشييد المطارات والكباري ومشاريع البنية التحتية التي وعدت بها المواطن من خلال برنامجها الانتخابي، وكذلك للحصار الاقتصادي الذي شكل عبئاً جديد في مجال تقديم الخدمات للمواطن وتنفيذ الوعود السابقة مما أدى لإعاقة تنفيذالمشروعات الاستراتيجية الحيوية للدولة مثل مطار الخرطوم الدولي وكبري الدباسين مضيفاً ومن أجل تحقيق وعودها للمواطن قامت الدولة بإجازة عدد من القروض عبر لجنة قانونية طارئة برئاسة الأستاذة بدرية سليمان مررت على المجلس. ٭ ربا المؤسسات وقال الخبير القانوني معاوية خضر الأمين لا توجد عقوبات رادعة في القانون السوداني لمرتكبي جريمة الربا، إلا التحلل من الفوائد الربوية، واعتبرالعقوبة ضعيفة وسهلة تفتح شهية المرابي لمزيد من المراباة، مبيناً أن عقوبة الربا هي السقوط وضياع المال، وقال دائماً ما أتحرى عند انهيار أي مؤسسة مالية أو بنكيه في حل وحرمة المال، مبيناً أن بعض مؤسسات المجتمع وبيوت المال تتعامل به، خاصة في عمليات العقود التي يراد بها التمويل في بعض أنواع المرابحات أو التمويل من البنوك (التمويل الأصغر) وبعض المرابحات التي تقوم على فوائد مقدمة منوهاً إلى أن أخذ الفائدة مقدماً به من المخاطر على المال.. وقال إن الربا سلوك منبوذ ومكروه بالفطرة، ويعاب على الناس التعامل فيه، أما من ناحية قانونية، فقد منعت القوانين السودانية الربا وجعلته محرماً في المعاملات المدنية والجنائية، وأفردت لذلك كثير من القواعد القانونية، وربطتة بالثراء الحرام، موضحاً أن الدولة جعلت له نيابات خاصة بعد حديث المجتمع بصورة متكررة عن المعاملات الربوية في بعض التمويلات التي تقوم عليها فوائد مشروطة أو التي يشوبها الربا محرك التضخم وقال الخبيرالإقتصادي كمال كرار من الناحية الاقتصادية فإن الزيادة على سعر الفائدة تسبب زيادة تكلفة الإنتاج الذي يؤدي بدوره لرفع الأسعار بالإضافة إلى أن الربا يعتبر المحرك الرئيسي للتضخم (وارتفاع الأسعار) بينما يجعل الأموال في أيدي فئة معينة من الناس، مضيفاً أن القروض الخارجية تزيد من ديون السودان الخارجية والتي تجاوزت (47) مليار.. مبيناً أن الربا يدخل الحكومة في تناقض إذ تعتمد في تعاملاتها الداخلية علي صيغ إسلامية مثل المرابحات، وفي الخارج تعتمد على سعر الفائدة تحت حجة فقه الضرورة، رغم أن المرجعية الفقهية تحرم الربا، مشيراً إلى أن الحكومة مضطرة للتعامل مع العالم الخارجي، ومن أجل هذا التعامل يمكنها تجاهل التعاليم الإسلامية حتى الواردة في الكتاب، مضيفاً لا أجد تفسيراً لذلك إلا بما يسمي (الغاية تبرر الوسيلة) وأضاف الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي أن الدول لاتلجأ للاستدانة إلا تحت ضغوط الحاجة الماسة لإقامة مشاريع تنموية هامة بعد عجزها عن توفير احتياجات التمويل، وفي هذه الحالة تكون القروض لمصلحة الاقتصاد من حيث أنها تسهم في إقامة مشروعات تنموية حيوية يحتاجها الاقتصاد، واذا لم تلجأ الدولة لذلك يترتب عليه تأجيل إقامة تلك المشروعات، وبالتالي تأجيل تحريك الطاقات الكامنة في الإقتصاد وفتح فرص عمل لأعداد كبيرة من المواطنين لعدد من السنوات، وربما يصل لعقود.. وعليه من مصلحة الإقتصاد اللجوء للاستدانة من الخارج، شريطة أن تذهب تلك المبالغ لإقامة مشروعات تنموية في البنية الهيكلية للاقتصاد أو مشروعات انتاجية في القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، وقال إن الحجم الكلي للمديونية لا يضر بالاقتصاد إذا صرفت المبالغ على مشروعات تنموية ٭ باب الضرورة قال عضو دائرة الفتوى بالهيئة مولانا عبدالرحمن حسن أحمد حامد لاتستطيع الدولة أن تمنع الأفراد من ممارسته طالما استحلته لنفسها، مشيراً إلى مانحن فيه من ضيق الحال سببه هذا الاستحلال للربا، وقال إن ارتكابة مع اعتقاد الحرمة أخف من استحلاله.. مبيناً أن الشرع أغلق جميع الأبواب الموصلة إليه ليعلم مرتكبو الجريمة أنه محارب من الله، مضيفاً حتى لايتحايل متحايل على الربا فإن الشرع لم يفتح باب الضرورة فيه.. كما فتح وأحل للمضطر أكل الميتة، مردفاً أن أكل الميتة في حال الاضطرار والحاجة أولى من الربا، فالأخير لايباح حله لأن كل مقترض يقترض عن ضرورة.. وأرجع عبد الرحمن انتشار هذه الجريمة إلى ضعف الوازع الديني والجهل بأحكام الشريعه الإسلامية مبيناً أن جميع الأديان السماوية حرمت الربا، وقد شدد فيه الإسلام وجعل ممارسيه ملعونين وأموالهم ممحوقه ويستحق العقوبة في الدنيا والآخرة