وعدنا يا أحبة.. وكل عام وأنتم بخير.. فالوطن بخير.. وقطارنا قطار الأمل نغني له في فرح.. عجبني مشيك طويت الوادي.. وراية في مقدمة «الوابور» منسوجة من شموخ النساء وكبرياء الرجال.. وقواد القطار ولله الحمد والسجود حكراً لله هم من الجنرالات الأشداء بعد أن ترجل ونأمل إلى الأبد من القيادة أحبابنا من «الإخوان» الذين قادوا هذا القطار منذ خمس وعشرين سنة وتزيد.. دهسوا به محطات تشع حضارة وتضاء منها مشاعل العرفان.. و«شلعوا» مؤسسات كان يباهي بها الشعب.. شعوب الدنيا ويفاخر بها الوطن أوطان الدنيا وها هي هيئة القيادة توافق أن يعود القطار بكل ركابه إلى محطة انطلاقته الأولى في ذاك الصباح الذي دوّت فيه صافرة القطار وهي تعلن انطلاقته.. وفي جوفه أحلام خلابة وأمانٍ شاهقة وشاسعة.. تهاوت واحدة إثر أخرى فكان الحوار الوطني ومد الأيدي للآخر الذي كان يرفض مجرد الاعتراف به «الإخوان».. الآن فقط عرف أحبابنا في الإنقاذ أن نظريات شيخنا وحلمه في أن يذيب كل الكيانات السياسية والأحزاب التي ظلت راسخة في الوطن لمدى ثمانين أو سبعين سنة وتزيد.. أراد شيخنا وبعد أن أنشأ المؤتمر الوطني أن يصبح وعاءً جامعاً لكل أهل السودان والأحلام تراوده أن تندفع داخل أسواره كل الأحزاب السودانية ليصبح حزباً واحداً.. وحده الذي يرى.. وحده الذي يقرر.. وحده الذي يحكم.. وحده الذي يحلم.. وحده هو «الصاح» وغيره هو الخطأ. نعود إلى القطار.. قطارنا الذي طلبنا من قواده أن يعودوا بنا إلى المحطة الأولى والتي اجتهدوا ولهم فقط أجر الاجتهاد.. أن ينقذونا عندها. نعود إلى القطار.. وقواده الجدد.. والتي أنا في غاية السعادة وفي شاسع الأمل في أن القطار سيصل بسلام وأمن ونجاح. ولكم يا أحبة أن تسألوا.. من أين استمد كل تلك الثقة في النجاح.. وأجيب.. كان ذلك قبل عامين من الآن.. والدولة تعفي ألمع وأبرز نجومها من الإخوان.. بل لم يكن قراراً عادياً ولا تقليدياً.. فقد كان في رأيي هو زلزال حميد النتائج بكل المقاييس.. أذكر عندها أن شيخنا إبراهيم السنوسي قد صرح وفي دهشة.. بل في غضب مبدياً عدم رضائه عن القرار.. كل ذلك عبر الصحف.. «يعني» علناً وليس سراً.. وقبل أن نعود إلى كلمات شيخنا «السنوسي» دعوني «اتونس» معكم يا أحبة بهذه القصة الواقعية التي جرت أحداثها على سطح هذا الكوكب.. القصة تقول: إن الحجاج بين يوسف الثقفي وقف أمام الرعية وفي أول يوم لتوليه الإمارة.. وقف يحمل سيفاً يقلبه بين يديه.. بل يعبث به في فرح كما يعبث طفل بورقة من كراس.. خاطب الرعية التي تعرف أنه ينعشه «الحنوط» ويبهجه تطاير الرؤوس ويفتنه اصطخاب الدماء وهي تندفع في سيل ملططم.. قال: أحمدوا الله أني يوم وليت عليكم فقد رفع الله عنكم الطاعون.. وران على الناس صمت القبور.. مذقه إعرابي وكأنه ينذر عمره للموت.. أو كأنه استهان بالحياة.. أو كأنه بات في قناعة أن باطن الأرض خير من ظاهرها.. قال للحجاج وفي كلمات كما الطلقات «إن الله أكرم من أن يجمع علينا الحجاج والطاعون». نعود إلى شيخنا إبراهيم السنوسي.. فقد قال يوم أعفى الرئيس تلك الباقة اللامعة من النجوم.. قال: «السنوسي» إن إقصاء هؤلاء هو إقصاء للحركة الإسلامية من الحكم.. وأذكر جيداً أني قد كتبت رداً عليه وفي ساحة «شمس المشارق» كتبت «من خشمك ولي الله يا شيخنا» واليوم أضيف أن الله أكرم من يجمع علينا الإخوان والإنقاذ.. بل نحن نأمل خيراً كثيراً في القيادة الجديدة من الجنرالات.