وما زلنا في أتون تلك الأيام المشتعلة بالجحيم.. ويا للمفارقة.. عندما يكتب عبد الهادي الصديق رائعته نقوش على قبر الخليل.. أكتب أنا في أسف عن نقوش على كتاب وعهد وحقبة «شيخنا».. ولابد من إضاءة.. وهي أن الإنقاذ عندما جاءت لم تكن تكتفي فقط بإنقاذ البلاد من حقبة وعهد الديمقراطية الثالثة فحسب.. فقد جاءت وهي تحلم بأن تظلل بأجنحتها كل أرجاء الأرض.. كانت أحلاماً مضحكة حلم أن تقود العالم كل العالم.. تقود أمريكا وكل معسكر الكفر الصليبي الأوربي الكافر من «أضانه».. وأن تسوق أمامها كل الأغنام «قطيع» الشيوعيين الملاحدة من أمثال روسيا وكل المنظومة الاشتراكية.. هذا غير أولئك المضمون وضعهم في «جيب الساعة» والذين لم يكونوا غير دول الشرق الأوسط ملكيات وإمارات وجمهوريات.. وإلا لما أنشد شاعرهم- حنشيد نحن بلادنا وحنفوق العالم أجمع.. ويا لبؤس الحصاد.. و«أمبارح القريبة دي» الصومال تخرجنا من كأس العالم للناشئين.. والصومال يا أحبة.. ليست بها حكومة منذ عشرين عاماً وتزيد.. والصومال يا أحبة.. ظل الرصاص يمطرها لمدى عشرين سنة وتزيد بلا توقف لساعة واحدة.. والصومال يا أحبة يزيد عائدها من تصدير الإبل والأغنام العام الماضي عن دخل أمتنا العظيمة.. والتي قالت إنها سوف تفوق العالم أجمع.. والآن إلى حلم يقظة شاسع.. كنت أنا أحد شهوده.. ونعود بالزمن إلى سنوات خلت وتحديداً كان ذلك عام 1996.. فقد كنت عضواً في مجلس إدارة اتحاد الخرطوم لكرة القدم.. وبموجب عضويتي تلك فقد كنت عضواً بالجمعية العمومية للاتحاد السوداني العام لكرة القدم.. في تلك الأيام.. كانت هناك جمعية عمومية عادية للاتحاد العام.. لتعديل وإضافة وترقيم بعض مواد القواعد العامة الحاكمة للنشاط الرياضي في عموم السودان.. انعقدت الجمعية العمومية في قاعة الصداقة الرهيبة والرحيبة.. وبينما كنا بصدد بدء الجمعية العمومية.. جاءتنا أنباء بأن شخصية رفيعة سوف تخاطب هذه الجمعية.. كنا نظن أن السيد وزير الشباب والرياضة هو من سوف يخاطب الجمعية.. وبدأت حركة نشطة من أفراد الحراسة الذين تدفقوا حول قاعة الاجتماعات.. سألت صديقي وزميلي طارق عطا.. عن توقعاته عن من تكون هذه الشخصية.. وقبل أن يجيبني.. نهضت كل القاعة من مقاعدها.. فقد أطل شيخنا من أحد الأبواب.. سرعان ما استوى على كرسي يتوسط المنصة.. وبدأ الرجل يتحدث في أي شأن إلا كرة القدم.. وعندما تحدث عن الرياضة تحدث عن الأولمبياد.. وامتلأت وجوهنا دهشة.. ولم تكن الدهشة تعرف طريقها إلى عيوننا لو كان الرجل قد تلقى التعليم العالي في كابول وفي ظل حكم طالبان ومولانا الملا عمر.. فقد نهل الرجل علمه ذاك الغزير من عاصمة النور باريس.. أنفق أنضر وأزهى أيام شبابه في تلك البلاد التي يشع منها النور وتضاء منها مشاعل العرفان.. قال وأظنه كان يحلم ما معناه مخاطباً لنا.. لماذا نكون تابعين لقوانين صاغها هؤلاء الكفرة من أوربا وأمريكا.. لماذا نشارك في ألعاب ابتدعوها هم.. لماذا لا ندخل على اللجنة الأولمبية وعليهم ألعابنا نحن.. وألعابنا التي يعنيها شيخنا هي «شليل وينو» و«الرمة وحراسها».. اجتاحت الناس دهشة أغرقتهم في لجة من الذهول واللا وعي.. أما أنا فقد ضحكت سراً «طبعاً» من هذه الأحلام المستحيلة. وأورد تلك القصة لسببين.. أولهما هو دحض كل حرف كتبه تلميذه النجيب ولأبرهن له بالدليل.. أن الرجل كان ملماً بكل الخيوط حتى خيط «الكورة» ومسابقات الأولمبياد.. والسبب الآخر.. هو ذاك الحلم الذي داعبه وصدقه «الإخوان» بأن السودان في عهدهم الزاهر سيفوق العالم أجمع.. ونكتفي بالمطالعة في الجزء الأول من الكتاب الذي خصصناه بالكامل قراءة في عهد شيخنا.. وبكرة حلقة واحدة من مطالعتنا للجزء الثاني. ولكم ودي..