٭ أثناء زيارة قام بها الزعيم الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى السودان وذلك تلبية للدعوة الموجهة له من الرئيس الراحل جعفر محمد نميرى رافقه في هذه الرحلة معالى أحمد خليفة السويدى وزير خارجية الإمارات حينها.. والذي تجمعنى به صداقة استمرت طويلاً، وأثناء عملى في دولة الإمارات ذات يوم دار بيننا حوار عن أيامه التي أمضاها في السودان.. فقال: لقد كانت أياماً متوجة بالطيب .. وبخاصة الزيارة التي قمت بها إلى محمية الدندر، حيث شهدت أعداداً من الحيوانات بمختلف أشكالها، كنت أرى الأسود تتمشى على طبيعتها دون أقفاص تكبلها أو حراس يقفون من حولها بالبنادق، وأضاف أن العصافير كادت أن تهبط على أكتافنا وهي تغرد.. وقال إن هذه المشاهد الجمالية لن تفارق خياله ما دامت هناك زهرة تتوضأ بعبيرها. ٭ قال لي أحد العرسان القادمين لتمضية شهر عسل في مدينة كسلا إن قصائدي في مدينتي الخضراء كان لها الأثر الكبير في اختيارها لتكون إتكاءة على حضن جبالها السمراء، وأشار إلى أنه فوجئ بأنها مدينة مثل كل مدينة سودانية لا يميزها شئ عن مثيلاتها ، فقلت له: لو أنك نظرت إلى كسلا بعيوني أنا لرأيت فيها ما لم تره عيون في حدائق بابل المعلقة ولكنك نظرت إليها بعين عريس عابر ، وشعرت فجأة بالأسف عليه وأنا أقول لنفسي ليت هذا العريس يعلم أن مسقط الرأس لو كان مجرد شجرة علي طريق سيظل دائماً عزيزاً على القلب ما دامت هناك تسبيحة لشمس أو سجدة لقمر. ٭ تبين من دراسة أجرتها إحدى الهيئات الطبية أن العيون الناعسة التي تغنى بها عدد كبير من شعراء الرومانسية هي عيون مريضة تعاني من اختلال في بعض الشرايين الدقيقة، مما جعلها قابلة لنوع من التهدل الناعس.. فيخيل للناظر إليها أنه يموت شوقاً في مسافة بين الغمضة والصحيان.. فإذا تأكد إن هذه حقيقة فلا عزاء لشعراء العيون الناعسة. ٭ يعتبر العازف المعروف عبد الله عربى أحد عباقرة العزف على آلة (الكمان) كما يعتبره معظم الفنانين السودانيين الأب الروحي لكل من احتضن (كماناً) .. والمعروف أن طريقة العزف التي يتعامل بها هذا المبدع مع (كمانه) تحمل من الرقة والشفافية ما يجعلك تحس بأنك تتمشى بين حدائق التاكا في يوم مشرق.. وقد أكد لى أحد الموسيقيين أن عبقريته في العزف يفترض أن تدرس في أعظم الكليات المتخصصة في علم الموسيقى.. الذي يؤلمنى أننا تعودنا دائماً أن نتعامل مع العباقرة من أبناء شعبنا بتجاهلهم وهم أحياء بيننا، ثم نعود لنبكى عليهم عند لحظة المغادرة.