٭ لم يدر بخلد الفتى الذي ترعرع وسط أسرة صوفية تنتمي للطريقة العجيمية أن يصبح سياسياً ودبلوماسياً ذائع الصيت، فقد كان يحلم كبقية رصفائه في ذلك الزمن بأن يصبح معلماً، إلا أن الأقدار شاءت أن يصبح طبيباً للأسنان، ثم يغوص بعدها في بحر السياسة .. ذلكم هو دكتور مصطفى عثمان إسماعيل أمين القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني الذي أبصر النور في العام 1955م بقرية رومي البكري بالولاية الشمالية، وتربى في كنف والد كان يحترف الزراعة.. ٭ الاشتغال بالسياسة لكن مصطفى إحترف السياسة والتي ولج عالمها منذ أن كان طالباً بالمرحلة المتوسطة بمدرسة القولد الثانوية العامة غداة المرحلة الانتقالية التي اعقبت ثورة 21 أكتوبر 1964م، وكان وقتها رئيساً للجمعية الأدبية، ومن هنا كانت بداية التحاقه بالحركة الاسلامية.. وأكد في أحد لقاءاته الصحفية أن الشهيد حسن عوض الله الذي أُعدم في نظام مايو هو من جنده، وأن أول لقاء له بالشيخ حسن الترابي كان في العام 1966م عندما حضر لمنطقة القولد لتقديم محاضرة برفقة ياسين عمر الإمام والشيخ الكاروري وتسلل مصطفى من الداخلية ليلاً للاستماع للمحاضرة، الأمر الذي كلفه عشر جلدات من إدارة المدرسة .. وكانت تلك بداية الانطلاق للحركة الاسلامية . وواصل نشاطه بعد ذلك في المرحلة الثانوية بدنقلا .. وتخرج في جامعة الخرطوم كلية طب الأسنان 1978م.. وحصل على درجة الماجستير من جامعة ليدز بالمملكة المتحدة عام 1985م.. و درجة الدكتوراه من جامعة بريستول بالمملكة المتحدة 1988م. - كما تحصل علي درجة الدبلوم في طرق التدريس جامعة الخرطوم عام 1990م ليكون ضمن القائمة الطويلة من الإسلاميين الذين درسوا الطب وهجروه أمثال علي الحاج، عبد الحليم المتعافي، غازي صلاح الدين وأسامه توفيق. ٭ محطات عملية بدأ عثمان حياته العملية بوزارة الصحة خلال الفترة 1978م 1980م. وإنتقل بعدها لوظيفة مساعد تدريس بجامعة الخرطوم لعامين وعاد محاضراً بذات الجامعة بعد ست سنوات وظل بها حتي العام 1991م، وكان ذلك آخر عهده بالعمل في الحقل الطبي، حيث إنتقل لمجلس الصداقة الشعبية العالمية أميناً عاماً.. وبقي بالمنصب أربع سنوات كانت كفيلة لتؤهله للعمل في الدبلوماسية (الرسمية) إذ إنضم إلى الفريق الحكومي وزيراً للدولة بالخارجية 1996م - 1998م، ليتم ترفيعه بذات الوزارة ويبقى في المنصب إلى تاريخ إتفاقية السلام في العام 2005م، ويغادر المنصب الذي شغلته الحركة الشعبية (د. لام أكول) لكنه انتقل إلى القصر مستشاراً لرئيس الجمهورية، وبعد (الحكومة الرشيقة) وإلغاء منصب المستشار الرئاسي، عُين وزيراً بالمجلس الأعلى للاستثمار، وكان ذلك آخر محطات عمله بالجهاز التنفيذي. ويصف البعض في الدولة وحزبه فترة توليه حقيبة الخارجية ب (المميزة) وأكدوا أنه أحدث اختراقا في علاقات السودان الخارجية التي كانت فاترة مع كثير من الدول حتي الجارة منها، فيما يرى فريق آخر أن مصطفى من المجموعة التي استأثرت بالسلطة على حساب جيلين بالإنقاذ، كما أنه يواجه بإنتقاد آخر، كونه يحاول الاستقواء بالرئيس . ٭ رحلة السلام نال د. مصطفى ثقة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وكلفه برئاسة وفد الحكومة لمفاوضات الشرق التي أسفرت عن اتفاقية الشرق مع مؤتمر البجا في العام 2005م أبان عمله مستشاراً بالقصر، والتي تعد من أكثر الاتفاقيات صموداً حتى الآن، كما أنه مثل السودان في العديد من المحافل الدولية، وكان مبعوثاً للرئيس في عدد منها. ٭ الدبلوماسية مجدداً كل المناصب التي تبوأها د. مصطفى لم تذهب بعيداً عن الدبلوماسية بالطبع عدا تمثيله لأهله في البرلمان عن دائرة القولد ..حتى أن وزارة الاستثمار كانت محطة دبلوماسية من نوع آخر، والآن يعود مصطفى إلى الحقل الدبلوماسي سفيراً بالدرجة الأولى، لكن عدداً من تصريحاته كانت تفتقر للدبلوماسية أبرزها وصفه للسودانيين بالشحاتين قبل مجيء الإنقاذ، وكاد ذلك التصريح الذي أدلى به للشرق الأوسط في العام 2009 أن يطيح به، فضلاً عن أنه ظل متهماً بإنحيازه لحزب الأمة القومي دون سائر الأحزاب، عندما كان أميناً سياسياً بحزبه، أما في مجال الاستثمار، لم تحدث نقلة في عهده بحسب الكثيرين وربما أصابته الوزارة باللعنة حيث خرج لأول مرة من الحكومة نهائياً ٭ ويقول زميله في الحزب مسؤول الأمانة العدلية د. الفاضل حاج سليمان بأن الاختيار صادف أهله .. ويصف شخصية عثمان بالمقبولة للجميع وأنه أحدث اختراقاً في علاقات السودان الخارجية، وأنه رجل انسان بمعنى الكلمة ويحترم الآخرين.. ومتواضع ويقبل بالرأى الآخر .. وقال إن القطاع السياسي سيفتقده .. ربما لدى البعض نظرة لاختياره سفيراً بعد بالخارجية بعد أن كان وزيراً لها إلا أن د. الفاضل وصف هؤلاء بأصحاب الشكليات والنظرة الضيقة.