من أين أبدأ .. لا أدري ، فالحال كما غنت الست أم كلثوم من كلمات الشاعر أحمد رامي وألحان رياض السنباطي (دليلي احتار.. وحيرني) وكما غنى الفنان ابراهيم الكاشف من نظم الشاعر عبيد عبد الرحمن (أفكاري الحيارى.. ضاعت باختيارا) وكما غنى الفنان ابراهيم خوجلي من كلمات شاعر توتي بر محمد نور (أفكاري تائهة.. من أوصاف عديدة.. ظهرت بي قوافي وفنون جديدة)، ولماذا لا يحتار الدليل ولاتتوه الأفكار وتصبح في حيرة، طالما أن بعض إذاعاتنا الخاصة ما زالت تمارس الفوضى الإذاعية على (أصولها) وتواصل مسلسل الضحك على عقول المستمعين، لدرجة إهدار الساعات والمساحات الزمنية الشاسعة للحديث في (اللا شيء) أو بالأصح في أمور (فارغة) وثرثرة مع المستمعين فيما لا يفيد، وهو ما يؤكد أن هذه الإذاعات ليس عندها ما تقدمه للناس، وإنما أنشئت لأغراض أخرى لا علاقة لها بالعمل الإذاعي ناهيكم أن تكون لها علاقة برسالة الإعلام نحو المجتمع. فالمهم هو استجلاب مال الرعايات و(بس). وإلا ماذا تقولون في برامج علي شاكلة سؤال يطرحه المذيع: (بماذا ترد على من يقول لك يا غالي)، ثم يتيح الفرصة للمستمعين للمشاركة وتكون الإجابات متباينة بين الذي يقول إن رده سيكون: (أنت الأغلى) وبين الذي يقول (غالي الفي بالك) ويستمر البرنامج على هذه الحالة قرابة الساعة قبل أن يبشرنا المذيع بانتهاء الحلقة مع هديته لنا أغنية (في بعدك يا غالي) أو (دنيا المحبة) كما أسماها شاعرها عوض أحمد خليفة وغناها العندليب الراحل زيدان ابراهيم، وحتى عندما قدم المذيع الأغنية مارس معها (قرصنة) منقطعة النظير وهو يتجاهل ذكر شاعرها وملحنها وحتى مؤديها . (ما علينا وما علينا).. فهذا المذيع يبدو أنه متعود على ذلك لأن هذه سياسة معظم الإذاعات مع تقديم الأغنيات، وبالطبع الخطأ الأكبر هو خطأ لجان الرقابة بالمصنفات المنوط بها العمل على حفظ حقوق المبدعين، وعندما نامت هذه اللجان، نامت الإذاعات في (عسل) القرصنة. خلاصة حديثنا أن الإذاعات الخاصة تحتاج إلى مراجعة حسابات من وزارة الإعلام، ولا تكفيها عبارات الوعيد التي أطلقها السيد وزير الإعلام من قبل، ولا هجوم السادة أعضاء مجلس تشريعي ولاية الخرطوم الذين شغلوا الجلسات الماضية بالهجوم على هذه الإذاعات، دون أن تكون هناك خطوات جادة لتصحيح الأوضاع، لأن ما قيل كان مجرد (هوشة) وأحاديث (لا ودت ولا جابت)، ولا نظن أن أمر ضبط آداء الإذاعات يحتاج إلى شيء أكثر من تكوين لجان للرصد والمتابعة، ومن بعدها تكون القرارات واضحة وجريئة، ونحن على يقين أنه إذا ما تمت محاسبة إذاعة واحدة، فسيكون ذلك رسالة للبقية، ولكن. خلاصة الشوف : إنشاء إذاعة خاصة في الخرطوم أصبح أيسر من إنشاء إذاعة مدرسية.