سلم الروح بعد معاناة وصراع مرير مع المرض إلى بارئها، فقيد الوطن والعيلفون المهندس/ عباس مناع شقيق كل من أحمد مناع محافظ الخرطوم الأسبق، والمهندس/ عبد السلام مناع والطيب، وحمزة مناع النقابي المخضرم المعروف في نقابة المهن الصحية والتنظيمات النقابية الأخرى بالبلاد وبابكر مناع من قادة العمل المصرفي بالبلاد أمد الله في عمرهم، والفقيد من منطقة العيلفون إلا أنه كان مشهوراً في أم درمان حيث عمل فيها كبير مفتشي المباني ببلدية أم درمان وهي كانت تضم جميع المحليات القائمة الآن بما فيها الريف الشمالي والجنوبي ، متزامناً مع ابن منطقته المهندس/ يوسف محمد السيد كبير المهندسين ببلدية أم درمان وهو من قادة العمل الإسلامي وممثل الجبهة الإسلامية القومية بالبرلمان الأسبق، وفي أم دبان في ذلك الوقت إذ اتجهت شمالاً من مبنى بلدية أمدرمان في شارع الموردة وكان ذا اتجاهين لوجدت على اليمين مبنى بنك الشعب التعاوني وقبلها كان هذا المبنى بنك مصر، ثم بنك باركليز وأخيراً صار بنك الخرطوم لوجدت بابكر مناع شاباً غض الإيهاب يعمل مصرفياً حتى صار اليوم من قادة العمل المصرفي بالبلاد، وإذا استمريت سيراً شمالاً حتى المحطة الوسطى ثم اتجهت غرباً قبل الوصول لدكان التيمان لوجدت في مكاتب شركة البرير الطيب النص وهو غني عن التعريف، ثم إذا استقليت بص أبوروف قيمة التذكرة «تعريفه» ونزلت في الشاطيء بالقرب من مدرسة أم درمان الصناعية لوجدت الأستاذ/ أحمد وداعة الله وهو يعمل الآن خبيراً في سلطنة عمان لدى إدارة المعاهد والمدارس الصناعية، لذلك أكون صادقاً لو قلت كانت العيلفون حاضرة عندنا في أم درمان، سواء في متجر والدي بشارع دنقلا مربع (30) وهو شارع الشنقيطي الآن، أو في منزلنا بحي أبوروف مجتمعين أو فرادى، الفقيد بجانب عمله كان سياسياً بعيداً عن الأضواء والإعلام ولقد نذر نفسه لخدمة وطنه وآمن بمباديء الديمقراطية ولو قدر له أن يتولى رئاسة حزب سياسي لعلم الناس الديمقراطية الحقة وكان يحترم الرأي والرأي الآخر ويتقيد بأدب الخلاف وعنده اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية، وله إسهامات كبيرة في العمل العام وكان دائماً متقدم الصفوف، ولم يسعَ لمنصب أو مغنم، بل كان زاهداً ويشهد له الجميع بذلك، وكان همه هو إسعاد أهل السودان ورفاهية أبنائه ويعمل جاهداً من أجل قضايا المواطنين والوطن وكانت هذه رسالته في الحياة حتى آخر لحظة في حياته، حيث بعث لنا برسالة وهو في فراش الاحتضار وهي قضية رأي عام مكتملة الأركان ووفاء لمباديء الفقيد في طرح قضايا الرأي العام فها نحن عبر صحيفة «آخر لحظة» نطرح هذه القضية، وهي متعلقة بعمل المستوصفات العلاجية الخاصة، فلقد كان الفقيد طريح أحد المستوصفات العلاجية الخاصة «سوف نحتفظ بالأسماء» بغرض غسيل فشل الكلى وهذا المستوصف قام بتقديم الموز ضمن وجبات الطعام مما ساعد في زيادة البوتاسيوم في الجسم مما سبب إليه مشاكل إضافية ومضاعفات مما حدا بشقيقه بابكر أن يحوله لمستوصف آخر شهير وأيضاً واجهته في هذا المستوصف مشكلة أخرى هي أنه بعد غسلة أولى اتضح أن جسمه العليل لا يستحمل هذه الماكينة لغسيل آخر كان في أمس الحاجة إليه، ولكن لا توجد نوع الماكينة التي يتحملها جسمه المنهوك وأشاروا إليهم بأن هذه الماكينة توجد في مستوصف كذا وكذا وذهبوا للمستوصف الثالث الذي أجاب بإمكانية إجراء الغسيل ووجود الماكينة المناسبة إلا أن المحاليل لا توجد لدى صيدلية المستوصف وفي تسابق مع الزمن قصدوا مستوصفاً يتبع لجهة نظامية أجاب باستعداده لاستقبال المريض بأن السرير متوفر وكذلك نوع الماكينة والمحاليل إلا أن المشكلة هي أن جهاز الأوكسجين لدى السرير معطل! كم يكلف تصليح هذا الجهاز؟.. وكم يأخذ من الزمن؟ حتى تتعرض حياة مريض للخطر من أجل إصلاح عطل صغير، واستمرت رحلة البحث لمستوصف آخر في أم درمان وكان مثل الأول لا توجد محاليل لديهم وعند سؤالهم هل توجد في السوق أجابوا بنعم علماً بأن جميع هذه الخدمات تقدم للمريض بملايين الجنيهات وفي ذهن المواطن توطين العلاج بالداخل ربما يوفر بعض الأموال ولكن يعرض حياة المريض للخطر، والقضية التي نطرحها هي لماذا لا يستعد كل مستوصف وخاصة إذا كان يعلم أن هنالك نوعين من ماكينة غسيل الكلى والمريض يدخله أهله وكلهم ثقة في أن هذا المستوصف جاهز تماماً لاستقبال معالجة مريضه فتحدث المفاجأة غير السارة وغير المفهومة وغير المقبولة، عليه نطلب من نواب المجلس الوطني وخاصة ابن الدائرة ونائبها الأستاذ/ محمد الحسن أبو شامة المحامي ليس بصفته نائب الدائرة، بل لأن القضية هي قضية قومية ويعلم تماماً أن الفقيد لم يكن يطرح قضايا لشخصه، وإنما يطرح القضايا العامة، بل لأنه بصفته كان شاهداً على ما حصل، كما يجب الزام كل مستوصف بتوظيف اختصاصي تغذية يشرف على طعام المريض حتى لا يعرض حياة المريض للخطر بنوع التغذية الخاطئة، هذه هي قضية الرأي العام التي نبعث بها لكل من يهمه الأمر والله المستعان. نسأل الله أن يتغمد الفقيد برحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء بقدر ما قدم لهذا الوطن والعزاء لأهل السودان عامة وأهل العيلفون بصفة خاصة، حيث فقدت العيلفون جزءاً منها، عوضها الله وجبر كسرها في فقدها و«إنّا للّه وإنّا إليه راجعون».