مراصد تكنولوجيا الفضاء التي تطورت في قفزات كبيرة في التسعينيات، وُضعت في الفضاء البعيد في مسافات تقاس بملايين الكيلومترات، تنتظر أخباراً مزلزلة عن الكون البعيد، ستؤكد حقائق علمية موثقة لدى العلماء. من بين هذه الأهداف ظاهرة الثقوب السوداء التي تشبه إلى حد كبير جهنم يوم القيامة الموصوفة في القرآن، وقد تكون جهنم إحدى هذه الثقوب!! وربما هناك تفض بكارة البشارة : (كلا سوف تعلمون٭ ثم كلا سوف تعلمون٭ كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم). هذا هو خلاصة فهمنا لكتاب الأستاذ الشيخ محمد سعيد (الحفيان).. وهو بعنوان (هل جهنم ثقب أسود؟.. القيامة في ضوء العلم الحديث).. إذن سنوات معدودة لا تتعدى العشر سنوات لنرى (العلم) قد بلغ بوابة جهنم، هذه الأخبار ليست خيالاً بل أحلام (علمية) شبه مؤكدة، أي: مؤكدة بالحسابات الفلكية !! *** تكنولوجيا الاتصال التي ننعم بها (الآن) بانبهار على شكل موبايلات وأجهزة ذكية، كانت قبل أربعين عاماً (حقائق علمية) لدى العلماء ومجرد أحلام وخيالات ربما لم يصدقها الكثيرون من العامة.. هذه التطورات التكنولوجية بلغت الآن أبعاداً مهولة مع كاميرات «التداخل الليزري» التي تستعملها وكالة ناسا الأمريكية، هذه الكاميرات تطارد منذ سنوات خبر الأجرام السماوية والنجوم البعيدة جداً، التي انفجرت منذ ملايين السنين أو تلك التي بقيت على شكل ثقوب سوداء. لو حاولنا أن نفهم كيف تعمل هذه الأجهزة لن نستمتع بها.. تماماً كالموبايل نستعملها ونضعها في جيوبنا وكفى، ولكن كل ما يمكن أن يقال إن هذه المراصد الفضائية موبايل فضائي، تستقبل الإشعاعات الكونية التي تحملها موجات الجاذبية وتحولها إلى صور!! هكذا يمكن أن نتجاوز تفاصيل هذه المصطلحات، ولكن فقط نقول موجات الجاذبية التي يحاولون قراءتها هي (تموجات في النسيج الكوني تحدثها الموجات الصادرة من حركة الأجسام بالغة الكتلة) والتي تفوق حجم الأرض بملايين المرات!!. *** يدخل مؤلف هذا الكتاب هذه المعامل الفضائية وهذه المراصد، ويقابل رواد فضاء ليشرحوا له ظلمات السماء.. كل ذلك يحدث وهو يتأبط الكتاب والسنة والتفاسير واللغة العربية. يعود من هناك، وقد أكد افتراضات كانت تعبر عن نفسها باستحياء في كتب المفسرين وبعض الدعاة المعاصرين. من هذه الافتراضات: - إن البشرية (سترى) أطراف جهنم وصور من الجحيم في الدنيا قبل يوم القيامة، ولكن الرؤيا (رؤيا علمية) وليست رؤيا مباشرة (عين يقين)!! أما موعد هذا الاكتشاف فلن يتجاوز سنوات معدودة جداً!! - قيام الساعة لا يعني خراب الكون كله، بل سيطال الخراب المجموعة الشمسية التي تدور حول الشمس، وسيبدأ الخراب بشفط الحرارة من الشمس عن طريق جهنم، وهناك ستتكور الشمس!! وستنطلق أصوات مهولة على أثرها، سنموت ونحيا وربما هنا معنى النفخ في الصور ! في سياق هذه الافتراضات يقدم المؤلف قراءات جديدة مغربلاً مفاهيم قديمة على مدى صفحات طوال باحثاً عن الإنسان في البدء والمنتهى ثم علاقته بالأرض.. ثم عن التفجيرات التي تحدث عند قيام الساعة، وكيف ستقوم الساعة وكيف سافر أهل الكهف (في الزمن)! وبعد تفاصيل أقسام جهنم التي فيها سينتقل المجرم كحبة فولة في حلة بريستو محكمة الإغلاق؛ يصف القنطرة التي تربط بين النار والجنة، ويقدم نموذجاً علمياً لها تحت مسمى (ثقب دودي)، ثم يضع معادلاً (علمياً) للصراط ويسميها (الخيط الكوني).. ويقف مع أهل الأعراف برؤية جديدة غير تقليدية تثير إشكالات حول المفاهيم السائدة؛ ولا أعتقد أن أغلب المسلمين سيستوعبونها بسهولة للركون الطويل للخرافة والهروب من العقل العلم. *** خلاصة تذوقي لمعاني هذا الكتاب تتجمع عند إحدى البشريات التي أطلقها القرآن التي بدأت تتحقق الآن، وهي في صورة الكوثر «.. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ٭ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ٭ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ٭ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ٭ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ٭ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ٭ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ». اعتماداً على الكتاب والسنة والتفاسير واللغة وحقائق العلم يضع مفاهيم جوهرية منها: - السموات السبع لا تتعدى طبقات الغلاف الجوي. - الجنة والنار مخلوقة وموجودة الآن. - الرؤية (العلمية) ستتحقق قبل قيام الساعة بالنسبة للجحيم.. أما الجنة فغير قابلة للرؤية في الدنيا.. - أقرب ظاهرة كونية من حفرة نار جهنم الموصوفة بالقرآن هي الثقوب السوداء.. وهي ظاهرة كونية ثم تثبيت وجودها علمياً اعتماداً على حسابات فلكية منذ عام 1967. والثقوب السوداء في الأصل حفرة في الفضاء الكوني مهولة الأعماق تستطيع ابتلاع نجوم أكبر من الشمس ملايين المرات، ومعلوم أن الشمس أكبر من الأرض بمليون ومائتين مرة!! نستطيع أن نصفها في هذا السرد المقتضب بأن الثقوب السوداء مقبرة ضخمة للنجوم الميتة وكل النفايات الكونية! جاذبيتها بالغة القوة من يدخل في شراكها لا يستطيع العودة حتى الضوء لا يعود منها، لهذا؛ فهي سوداء لا ترى رؤية مباشرة.. عددها بالملايين في المجموعة الفلكية التي نحن ندور فيها والتي تسمى بسكة التبانة. حفرة نار جهنم الموصوفة بالقرآن- طبقاً لهذه الرؤية- من بين هذه الثقوب ولكنها تتميز عنها جميعاً بمثل: الإشعاعات التي تظهر خارجها بألسنة متعددة دخانية (ظل ذي ثلاثة شعب). الثقوب السوداء طبقاً للحسابات الفلكية ظل من شعبة واحدة!! أما وجه الشبه بين حفرة الثقوب السوداء وحفرة جهنم كثيرة يعددها الكتاب باستفاضة منها: شدة الجاذبية: للثقوب جاذبية هائلة تستطيع بها أن تبتلع كل شيء مهما كبر حجمه: مجرات، غبار كوني.. وهكذا أيضاً تملك جهنم ما يفوق قوة الثقوب، (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور).. الأعماق البعيدة للمركز وقوة حركة الأجسام والجاذبية الهائلة، وصفت بالشهيق وقوة الطرد وصفت في آيات أخرى بالزفير! هذه الجاذبية الهائلة تستطيع ابتلاع أحجام في حجم الشمس والقمر، وفي الآية «إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ» في كلتا الحفرتين اللون الأسود هو السائد، وفيها أيضاً من دخل لا يخرج منها.. وعند فوهة الحفرتين ينحني الزمن، أي يبطئ بحيث يتمدد (اليوم) إلى (ألف سنة)، وفي حفرة جهنم يتوقف الزمن تماماً (وكل فيها خالدون).. لكلتاهما حدود حرجة من يجتازها لا يملك إلا أن يهوى فيها، هذه الحدود تسمى لدى علماء الفلك ب (أفق الحدث).. وربما نجد هذا المعنى في (على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم) التوبة :109 وما يسميها العلماء هنالك بنظرية هوكنغ يشرحها المؤلف بالقول :«إنها تقول إن الثقوب السوداء تشتد حرارتها كلما وقع فيها مادة! ويقرب هذا المعنى بمعنى الآية (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) ق :30 *** .. نواصل في نقل المقارنات.. لنصل لصورة الإنسان (الحجم والطول)، وهو يتنقل بين الأقسام السبعة لجهنم، وهو يعذب بالعصر عذاب الجمل الذي يتم إدخاله في فتحة إبرة خياطة!!