أقول.. لما تنزل من مبادئك.. أو تعدل من مواقفك أبقى راجع لي شجونك.. شوف محطات من حياتك هل حصاده وهج سنينك.. هل بحق راجعت نفسك ونازله دمعات من عيونك .. هل سألت مداخلك أنت لما تجلس بين عواطفك أو ظنونك.. أقسى أيام في حياتك تبقى معزول وتلقى كل الناس بدونك. هكذا جاء الرسم في مقدمة القول.. وأنا أطالع عبر رسائل الوسائط ولي ما بعدها تعقيب على بعض الرجال بفهم الحكمة واتخاذ القرار.. تقول القصة.. أعطى الأب لابنه يوماً كيساً مليئاً بالمسامير.. وقال له: يا بني كلما أهنت شخصاً أو ضربت شخصاً.. أو جرحت شخصاً اذهب إلى سور الحديقة وأطرق فيه مسماراً لم يفهم ذلك الولد.. لماذا طلب والده منه ذلك.. ولكنه امتثل لأمر والده وأصبح كلما يظلم أحداً أو يصرخ بوجه أحد أو يجرح أحد يطرق مسماراً في ذلك السور مع مرور الأيام أصبح الولد أكثر تحكماً في نفسه وانخفض عدد المسامير التي يطرقها في السور يومياً.. إلى أن وصل اليوم الذي لم يطرق فيه ذلك الولد أي مسمار في السور.. فطار الولد من شدة الفرح وذهب لوالده وأخبره بذلك.. قال له والده.. أحسنت يا بني أنت الآن شخص تتحكم في نفسك وأعصابك ولكن مهمتك لم تنتهِ بعد.. استغرب الولد وقال وماذا أفعل بعد ذلك يا أبي؟. قال الأب: كل يوم يمضي لا تزعج أو تجرح أو تظلم فيه أحداً أنزع مسماراً من ذلك السور مضت الأيام واستمر الولد في نزع المسامير في كل يوم لا يؤذي فيه أحداً إلى أن وصل اليوم الذي نزع فيه آخر مسمار في ذلك السور.. فطار الولد من الفرح وذهب لوالده ليخبره بذلك.. وعندما أخبره أخذ الأب ابنه إلى السور وقال أحسنت يابني.. فأنت لم تصبح شخصاً في أعصابك فقط ولكنك أصبحت شخصاً طيباً ولا تؤذي أحداً.. ولكن انظر إلى الثقوب في السور التي خلفتها تلك المسامير.. لقد استطعت يا بني أن تنزع المسامير التي طرقتها ولكنك لا تستطيع محو تلك الثقوب التي تركتها المسامير.. وكذلك هم البشر عندما تجرح أحدهم فأنت تطرق مسماراً في قلبه.. قد تستطيع أن تعتذر وتنزع ذلك المسمار ولكنك لن تنزع أثره وسيبقى ذكرى مؤلمه في حياة ذلك الشخص لذلك يابني لا تجرح الآخرين أو تؤذيهم بكلماتك فأنك لن تستطيع محو ذلك الجرح إلى الأبد. هذه القصة قد تكون أقرب إلى الخيال من الواقع.. ولكنها هي حصة في مدارس الحياة المغرية والمتشابكة بل أراها مجسدة في بعض الممارسات عند بعض الناس فهي متواجده منذ زمان طويل في تاريخ الحياة وعلى مدى الأجيال وفي كل المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، ولكن تبقى الإشارات المضيئة مسلكاً متورداً لبعض النماذج التي تؤمن بالرسالة الأخلاقية التي تمتنع عن مدرسة السور وما يخلفه من آثاره السالبة التي تنعي المثل بالبشرية وتجعل الإنسان عرضة للانقسام الإيماني والأخلاقي.. وهما مربطا التشريف للإنسان السوي والحذر جداً في معاملاته من حيث اللسان والقول المصان والتحسب لزلة النفس ومضنيات الاعتذار فالنفس التي تتعامل بأعلى درجات الأخلاق تستطيع أن تكون بعيده تماماً عن مخلفات المسامير على سور الحياة العريضة فمثل هؤلاء متواجدون بيننا يتحسبون خطاهم بفهم عقلاني يبرئون من الخصومة خصائلهم الامساك بفهم والحديث بإدراك تلازمهم سماحة الخلق والأخلاق فيكونوا أقرب إلى الإعتدال الدائم بل هم دائماً على الناصية الأشاد بروح التسامح وعناق السلام بين البشر.. أقول منذ فترة بدأت أتابع بعض الرموز التي تبحث عن نزع مسمار الخلاف من سورها.. فأيقنت تماماً إنني أمام إضاءات شاملة وكنت محق وأنا أشير بإخلاص إلى السيد فؤاد عيد علي وكيل وزارة الحكم المحلي في تسعينات القرن الماضي ورئيس الجهاز المركزي للشؤون القبلية في عام 92 وما قبلها ولعب دوره الجامع للإنذار المبكر للأمن الغذائي.. بل كان مثابراً نشطاً.. وقد لعب أيضاً في إخفاء روح العدائيات بين الشكلك والصبحة في منطقة الجبلين عبر مؤتمر كوستي في عام 77 إلى 79 تقريباً كانت بصماته واضحة في الفترة الأولى لإقناع بعض القبائل لوقف القتال بين الدينكا ملوال والرزيقات وقد رسم على سور السلام الدور الفعال.. وكان خير رجل تماشي مع الأحداث بحكمه تفوق الوصف والتقدير وهو اليوم يتحدى الظروف ويلتمس طرق الاستقرار عبر نافذة الحوار بفهم وحنكة فهو رجل جدير بأن أسطر في حقه لأنه صاحب مبادئ أخلاقيه عالية بل ينظر للحياة بواقع التجرد والإخلاص راجياً أن يقدم أسمى رسالة في سور الحياة السودانية دون أن يتعامل بنزع المسمار ليترك علاقة استفهام جديدة.. بأن لا تترك شوائب واجهة سورنا الوطني. أقول عن الرجل الثاني هو العقيد شرطة منتصر معتصم مأمون.. هذا الرجل سبق أن تحدثت عنه كثيراً وسأظل أتحدث عنه متى ما جاءت المناسبات الحسية الصادقة ورغم أنه أبتعث مؤخراً للعمل في السفارة السودانية بكينيا «نيروبي» فأنا في اعتقادي هذا الرجل هو رسالة في الأخلاق.. رجل يحب هذا الوطن بشكل فوق التصور خدوم قنوع متشبع بالإيمان المطلق صبور جلد.. محب لعمله مشارك مجامل متماسك في القول والاستماع هو للأمانة موسوعة متوازنة على سور هذا الوطن.. وتبقى سعادتي أن للشرطة السودانية رجلاً بهذا القدر والحجم من الكفاءات النادرة خلقاً وأخلاقاً وحكمة. دمتم