كلما اطلعت على أخبار أو كلمات مباشرة عن رأي الناس في السودان وأهله، والحالة التي يعيشها، أجد نفسي مدفوعة للكتابة عن ذلك، لأن بعض السودانيين لا يرون في بلادهم الخير الذي يراه الآخرون فيها فهم دائماً ما يقولون إن السودان أصبح طارداً، ولكن سعي الآخرين للجوء إليه والعيش في أمانة، ويقتسم اللقمة مع أهله الكرماء والطيبين، ويفتخر بوجوده فيها، ولا يبدي ضيقاً أو تذمراً، ولعل سيرة السودانيين تسبقهم، وخيرهم الكثير مثار حديث الكثيرين، وحتى حل مشاكلهم السياسية كان لها نصيب في تلك الأحاديث، فأهل هذه البلد هم من علموا الشعوب الانتفاضات الشعبية التي أطلقوا عليها الآن اسم الربيع العربي، هم من قاموا بها أولاً وهم من حافظوا عليها بمحافظتهم على القوات وكيانها القوي، محافظتهم على كياناتهم السياسية، إلا أنهم الآن لا يريدون الانخرط في الحوار الوطني الذي يمكن أن يحل مشاكل البلاد، ويخرجها من الأزمات التي تعيشها بسبب المتربصين بها.. المهم سادتي لقد وجدت هذه القصة التي روتها إحدى السوريات، أو هي ممن اضطرتهم الحرب لمغادرة بلادهم والتي روتها (للفرنسية 42) ليتنا نجد فيها العبرة وتقول القناة «دفعت الحرب في سوريا أم محمد الى مغادرة حلب في شمال سوريا، واللجوء إلى الخرطوم لتجد في السودان ترحيباً غير متوقع.. لجأت هذه الأم الخمسينية لخمسة أولاد الى الخرطوم قبل أكثر من سنة، وسرعان ما انصرفت الى العمل من خلال طهي أكلات مشرقية الى جانب 24 شخصاً، يشاركون في مشروع تضامني مع السوريين الذين فروا مثلها من الحرب في بلادهم.. ولا يعد السودان الذي يواجه اقتصاده صعوبات جمة، ويستضيف ملايين الأشخاص الذين هجرتهم الحرب الأهلية، بلداً مثالياً للجوء، لكن أم محمد -وهو اسم مستعار- تتذكر اليوم الذي قررت فيه العام الماضي مغادرة مدينة حلب بأي ثمن هرباً من المعارك المستعرة فيها. تقول أم محمد بهدوء- كان ابني نائماً في سريره عندما انفجرت في الصباح قذيفة على مقربة من بيتنا.. تحطمت النوافذ لقوة الانفجار وأصابته شظايا الزجاج بجروح بالغة. كاد يموت.. تضيف أنها فكرت أولاً في الالتحاق بمئات آلاف اللاجئين في الاردن.. لكن عندما قال لها أحد أبنائها الذي يعمل في السودان، إن السوريين لا يحتاجون الى تأشيرة دخول، سارعت الى حجز بطاقات سفر الى الخرطوم مع أبنائها الاربعة.. ومنذ ذلك الحين، تعمل هذه الأرملة في المطبخ في إطار مشروع أعدته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لجنة دعم العائلات السورية التي يتولى رجال أعمال سوريون إدارتها لمساعدة حوالي 45 ألف سوري وصلوا منذ 2011 الى السودان، وفي الباحة التي تعد فيها ورق العريش والحساء والدجاج بالأرز والبهارات، تقول أم محمد إنها وجدت الأمان في السودان.. وتضيف مبتسمة -الناس هنا لطفاء جداً.. ).