تورط الكاتب الكبير شفيف العبارة (مؤمن الغالي) في أكثر من مقال ينسب فيه البكاء على فجائع الحب، وصعوبة سلوان الهوى الى الرجال وحدهم دون النساء، واستشهد بعدد من شعراء الحداثة وعباراته جيدة السبك، متينة البنيان، ويا له من ظلم يخالف الفطرة !!!لا ننكر عاطفة الرجال الممتزجة في غالبها بالحكمة والعقلانية، ولكنني أؤكد أن الرجل ياسيدي الكريم سرعان ماينسى، ويسلو لطبيعته الراكنة نحو الصمود وقوة التحمل والاعتزاز بالنفس واستشعار الكرامة، الزائد عن الحد والذي بموجبه اشتعلت حروب واحترقت مدن وذابت قلوب، وفي الآذان وقر ومناعة عن سماع الآهات وغض طرف متعمد عن رؤية دموع بللت الخدود وفاتت الحدود. كيف بالله عليك تجرد المرأة الرقيقة العاطفية شديدة الحساسية، قليلة الصبر من حقها في مناحة البكاء على عشق تملكها وتجعله حصرياً على الرجال بصمودهم وقوتهم بعزمهم وعزماتهم. مازال التاريخ الذي (يكتبه الرجال) يردد أبيات كثير عزة- وقيس العامري مجنون ليلي- والأعشي المشبوب بهريرة التي ملكت لبه، فنعى فؤاده المنحور بوداع هريرة- والمنخل اليشكري الذي أناخ رحل قوافيه على باب معشوقته فتاة الخدر- وابن الرومي الذي كلف بالمغنية وحيد وغيرهم من شعراء المحبة والوفاء-اأقول خلدهم التاريخ لأنهم كانوا متفردين في الصبابة ونموذج مخالف لما هو معتاد من السلوان والهجران والصبر والتصبر لدى الرجال. تبكي الحرائر وتظل القلوب بجروحها ونزفها.. ما انطوت صفحة حب أو رحل حبيب لأن تلك سماتها وفطرتها، فكيف بالله عليك تقارن مابين ذوبان الحديد واصطلاء الوجنتين؟ هل لأن الرجال أجدر في التعبير وأكثر انتاجاً للشعر؟ أم لأن المرأة تعيش في مجتمع يحصي عليها شتات الخصلات، وكل دمعة مسفوكة على حبيب راحل، حتى وقت قريب كانت المرأة الشاعرة تعيد صياغة أبياتها وتلبس قوافيها حجاب مجتمع يجيد ترسيم الحدود بين الأنوثة والذكورة في سوح الحب، وجفرافية العواطف، .لكنه موجود هناك في القلوب الشفيفة، والمشاعر الرقيقة والدموع الفياضة التي تتحقق بموجبها مقوله الغساني الدمشقي:فكم قتيل لنا بالحب مات جوى ++ من الغرام لم يبدئ ولم يعد.فقلت استغفر الرحمن من زلل ++ إن المحب قليل الصبر والجلد . قد خلفتني طريحاً وهي قائلة + تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد .سؤال ماذا يمكن أن يفعل الظبي بالأسد، والعكس التلاعب بالحروف والألفاظ لا يخول لكم تزييف الحقائق والباس الرجال ثوب الرقة والوفاء على حساب المرأة، لا اطلق ذلك على صفة العموم، فلا يخلو عالمكم من وفاء ومشاعر وصدق ونبل، لكنه حتماً لا يجاوز مشاعر ووفاء المرأة إذا أحبت. زاوية أخيرة: بميزان الكيل وحسابات الدموع أرجو أن تستغفر على ماكتبت وترى بعين البصيرة، كم من قبيلتك أسالوا دموعاً وفتقوا جروحاً وبللوا خدوداً.