من جديد يلتقي الجاران (الهلال والمريخ).. أو (المريخ والهلال) في قمة كروية جديدة بعد أقل من أسبوع للقائهما الذي انتهي بانتصار الفريق الأزرق والظفر بكأس الممتاز.. وهي بحسابات الرياضة مباراة عادية لا تخرج من نطاق انتصار أحدهما أو التعادل.. ولكنها بحسابات ومعطيات ما نتابعه الآن.. هي مباراة (كارثية)، ودعوة للكراهية والتعصب الرياضي الأعمى الذي كاد يحرق المجتمع.. فالمتابع للأحداث طوال الثلاثة أيام الأخيرة يلحظ عبارات الكراهية المتبادلة بين (بعض) إعلام الناديين.. ويلحظ تعبئة كل جانب لأنصاره وأنهم على أبواب معركة لا تبقي ولا تذر.. الكل يتحدث عن انتقام وعن رد رادع.. وتتحدث الصحف عن تحوطات أمنية.. ومن قبلها عن لاعب معروف دافع عن نفسه ب (الساطور) من غضبة الجماهير.. وأخرى تكتب في عنوان بارز (الهلال يهزم أشباه الرجال)، وحتى المحترفين الذين جئنا بهم شاركوا في بطولة المسلسل الكارثي.. فحديث النجمين التونسيين بالمريخ عن استعداد جمهور المريخ لمؤازرة الصفاقسي التونسي أمام الهلال أججت النيران الخامدة.. وزاد أحدهما بقوله إنه لن يشاهد المباراة من داخل الإستاد خوفاً من إغتياله.. هذا غير عبارات الكراهية التي تملأ شرائط الرسائل في قنواتنا الفضائية.. ومن خلال هذه المعطيات تتضح خطورة الأمر وتحول قمة هلال مريخ إلى قمة الكراهية والتهديد والوعيد والسواطير والهتافات غير المقبولة.. وهذا كله سببه بعض الأقلام التي تكتب هنا وهناك.. وهي أقلام وضح أنها بعيدة تماماً عن فهم دور الصحافة ورسالتها.. أقلام لا هم لها إلا الإنتصار لفريقها وإن كان على حساب الأرواح والقيم والأخلاق والمهنة.. وهذه الأقلام على قلتها جعلت من الساحة الرياضية وبالأخص بين الجارين الهلال والمريخ.. ساحة حرب.. والمؤسف أن الجهات المعنية.. سواء كانت في لجان الرصد بمجلس الصحافة أو وزارة الشباب والرياضة، ظلت صامتة تماماً ولا تحرك ساكناً وكأن الأمر لا يعنيها وليس من اختصاصها.. وهذا الصمت الغريب والمريب ليس له ما يبرره ولا ندري متى ستتحرك هذه الجهات.. هل بعد وقوع كارثة (لا قدر الله)، أم متى.. (العلم عند الله). (هلال مريخ) كانت إلى وقت قريب لا تخرج عن كونها مباراة عادية يفرح فيها المنتصر.. ويداعب المهزوم في حدود المقبول.. ولكنها اليوم أصبحت تهدد المجتمع بأكمله بعد أن جعل منها (الجهلاء) حرباً وليست كرة قدم.. لذلك ظهر ما ظهر من ظواهر تتطلب تدخلاً فورياً من الجهات المعنية.. قبل أن يقع الفأس على الرأس.. وقبل أن تصبح الرياضة أداة تدمير.. وقبل أن يصبح الوسط الرياضي أس البلاء في المجتمع.. فكفى ما حاق بالمجتمع من بعض ممارساته البغيضة المنافية للدين وللقيم.