تضاربت وجهات النظر بين الخبراء والمختصين في الشأن السياسي والاقتصادي حول موازنة العام «2016م» واشار فريق من الخبراء، لتحديات تجابهها ووصفوا حديث وزير المالية بالبرلمان عن إحداث طفرة في معدل النمو بأنه أحلام، وذلك لأن معدل النمو لايحدث فجأة وتوقعوا إجراء تعديل للميزانية في منتصف العام المقبل.. بينما أشار آخرون إلى أن الموازنة إيجابية نتيجة لعدم تضمنها رسوم إضافية، بجانب تحسين أوضاع الناس. تحديات: المحلل السياسي الدكتور راشد التجاني بدأ حديثة متسائلاً هل تستمر الموازنة بشكلها الحالي متضمنة عدم رفع الدعم وزيادة الرسوم أم ستلجأ المالية في نصف العام لزيادة الرسوم ورفع الدعم الذي أصبح سمة سائدة في كل عام، مبيناً أن رفض البرلمان لإضافة رسوم في العام الحالي ماهو إلا وسيلة لتسريع إجازة الموازنة، مشيراً إلى أن الموازنة مبنية على تقديرات وافتراضات، لافتاً لوجود تحدي متمثل في شروط البنك الدولي المتعلقة برفع الدعم. فيما يرى المحلل السياسي صلاح الدومة أن معدل النمو لايأتي فجأة ويقفز من سالب 46%إلى موجب 10% بدون رسم سياسات إيجابية واضحة. أحلام ظلوط: بدوره أشار القيادي بالحزب الشيوعي صدقي كبلو إلى أن الميزانية لم ترصد مبالغ حقيقية لتحقيق الإنتاج وأن بيئة الإنتاج غير ملائمة، وذلك لاعتماده على القطاع الخاص بسبب إهمال الدولة للصناعة، بجانب إهمالها لبعض المشاريع المنتجة كمشروع الجزيرة وحلفا الجديدة والرهد، وقال في حديث ل«آخر لحظة» إن الحكومة تعتمد على سياسات السوق الحر و الاستيراد المفتوح وهذا لايودي لزيادة الإنتاج، وبالتالي كل مايقال عن زيادة إنتاج صعبة التنفيذ وتساءل كبلو هل الحكومة تتمكن من إرجاع سعر الدولار إلى (7) جنيهات، واعتبر حديث الوزير عن زيادة النقود عبارة عن نظرية وفكرة لإصلاح الاقتصاد لكن جانبها الصواب، وهي عبارة عن زيادة في معدلات التضخم. ودعا صدقي للحد من استيراد الخدمات التي لانحتاجها بجانب اهتمام الدولة بمصنع النيل الأبيض وحل مشاكل التكنلوجيا مع الدول الأخرى، وذلك لمضاعفة الإنتاج ويمضي كبلو قائلاً إذا رجعنا للأداء نصف السنوي للعام «2015م»، نلاحظ أن كل الوعود لم تتحقق بسبب تناقص صادرات الذهب والبترول والعجز الكبيرفي الميزان التجاري بجانب فشل البرنامج الثلاثي في تحقيق زيادة سلع بعينها وتخوف صدقي من مغبة أن يشهد العام «2016م» مجاعة نسبة لانخفاض إنتاجية الموسم الزراعي في المناطق المطرية. تفاؤل: الخبيرالاقتصادي والبرلماني بابكر محمد توم قال إن السياسات العامة لموازنة العام «2016م» ستكون ناجحة إذا توفرت لها المعينات للزراعة و الصناعة باعتبارها قطاعات حقيقية حتى تسهم في استقرار المؤشرات و التوازن الخارجي والداخلي، مضيفاً أن الموازنة تضمنت الاستقرار المستقبلي إذا طبقت وتحسنت الظروف، مبيناً أن الموازنة وضعت على هدي البرنامج الخماسي والذي يعتمد على زيادة الصادرات، مطالباً الدولة بزيادة فرص الاستثمار وانسيابها والتعامل السلس مع المؤسسات والمنظمات العالمية و الاهتمام بالقطاع المروي، خاصة محصولي القطن والقمح وجلب بذور محسنة، وذلك لإنجاح هذه السياسات مشيراً إلى أن الأداء خلال العام «2015م» سار بصورة جيدة، وتوقع أن يمضي العام المقبل بنفس النهج. موازنة قاسية: بينما وصف الخبير الاقتصادي كمال كرار ميزانية العام المقبل بالقاسية وتوقع أن تخضع للتعديل في منتصف العام، وأن التصريحات عن الموازنة تندرج تحت شعار الدعاية السياسية ومحاولة لتغطية الفشل الاقتصادي الواضح للعيان، وأضاف في الغالب تحمل هذه التصريحات وعوداً وآمالاً كبيرة حول ارتفاع معدل النمو وخفض معدل التضخم ورفع الإنتاج وزيادة المرتبات والمعاشات، التي لا أساس منطقي يسندها، وزاد أن الحديث عن ارتفاع معدل النمو لايستقيم مع التدهور الراهن في القطاع الزراعي والصناعي، بجانب أن الحديث حول خفض الفجوة بين سعر صرف الجنيه في السوق الأسود والرسمي مستحيل في ظل السياسات الراهنة وعدم وجود احتياطي كافٍ من النقد الأجنبي، ولايمكن خفض معدل التضخم أو البطالة وغيرها، مضيفاً أن المواطن موعود بميزانية قاسية وواقع معيشي صعب. وختم كرار حديثه بأن السياسات الماثلة توجه كافة الإنفاق على العسكر وليس المواطن.