المتابع لمسيرة الحوار الوطني يجد أنها قطعت شوطاً بعيداً، ولعل المهمومون بأمر هذه البلد يقومون بدعوة الذين لم ينضموا لركبه في كل يوم، والمدعوون يؤيدون في كل يوم، ولعل ما يجعلني قلقة على الحوار الذي استبشرنا به خيراً هو إحساسنا بأن البعض يظن أن الحل لمشاكل البلاد لن يتم إلا بالغائبين عنه، وهذا غير صحيح.. فالرافضون له هم افراد وليس كيانات، لأن الكيانات التي ينتمون لها غير مرتبة، ويمكن أن نقول إنها مجرد أسماء وأن غالبية قياداتها تشارك اليوم الجميع، بعد أن انسلخوا من أحزابهم بسبب ضعف المؤسسية، وأعتقد أن الرافضين أشخاص يمثلون أنفسهم وخاصتهم فقط، وإذا رجعنا لخطاب رئيس الجمهورية الذي يسمى بالوثبة حوى كل مطلوبات المعارضين، ومنحهم الضمانات الكافية للجلوس في طاولة الحوار، كما أن المقررات التي خرجت بها لجنة 7+7 طالبت بنفس مطالب المعارضة، ووافقت عليها الحكومة وانزلتها لأرض الواقع، كل ذلك لم يقنع الرافضين وبعد أن تأكدوا من كل العقبات التي تمنعهم من المشاركة، بدأوا في البحث عن منابر خارجية، وهم يعلمون أن المنابر الخارجية لا تحل، بل أنها تزيد المشكلات تعقيداً، مما جعلنا نحس أن هولاء يعلمون أن العالم الخارجي لا يريد لهذا البلد أن يستقر، وأن المفاوضات الخارجية هي التي حولت الدول التي بدأت تخرج من الخارطة العالمية وأن شعوبها تعيش في حالة حرجة جداً في المخيمات.. بالإضافة لأن العالم الغربي رفض استقبال المهاجرين له، والفارين من ويلات الحرب التي يدعمها بالسلاح، ويحتضن مفاوضات فصائلها الفاشلة، ونحن حقيقي نريد حلاً داخلياً يحفظ بلادنا وينشر في ربوعها الأمن والسلام .. سادتي الرافضون للانخراط في الحوار الوطني أشخاص وليس كيانات، ولا يمكن أن نرهن مسيرة الحوار من أجلهم، وإذ أن السودان لا يخلُ من الرجال والقيادات السياسية التي بامكانها إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل البلاد، كما أن هولاء يعيشون صراعات في كياناتهم الصغيرة، ولم يستطيعوا حسمها، فكيف يمكنهم أن يحلوا مشاكل دولة، ففاقد الشيء لا يعطيه، ولكم أن تتأكدوا من ذلك من خلال خلافاتهم المعلنة.. ولا أظن أن من الحكمة أن نرهن مصير بلد وسكانها الأربعين مليون بمشاركة أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.