قدّم أيلا نفسه نموذجاً «للطهر الأُخواني» المدوّن في أدبيّات الحركة، وتعهد بعد نقله من بورتسودان الى مدني، باستنهاض السودان من خلال مشروع الجزيرة.. فهل يفعلها، أم هي «شنشنةٌ نعرفها من أخزم»..؟ الانطباع العام هو أن الوالي أيلا، قد صنع لنفسه أسطورة تلامس الخيال لإداري مُبدع وجماهيري، في زمانٍ عزّ فيه أن تجد كوزاً يتهيّب التاريخ، أو يحترم عقول المشاهدين..! لكنه بهذه الاسطرة، يستدعي صورة طالها القِدم، هي صورة يوسف عبد الفتاح.. إنّ أيلا- أيها السّادة- مثله كمثل رامبو،«بتاع الصّواني»، الذي ضرب «البوهية» على وجه العاصمة الحضارية، ولكلٍ بصماته واسهاماته.. فالمتعافي-مقارنةً بالخَضر- كان أكثر سيطرة وتحويراً، وأيلا مقارنةً بالزبير بشير طه، كان أكثر قبولاً للتطريب، وعم عبد الرحيم أبدى دهشته من بيع«كل الحِتّات»، وهكذا وهكذا، كل ولايات السودان زاخرة بما يجعل هذه القيادات في حالة ابداع مستدام، كلٌ في مجاله، وكلٌ حسب خياله.. هناك من يفعلها بذكاء، وهناك من يُبلِي.. وإن كنت ممن يحسنون الظن، فيمكنك القول إن «الأخ» أيلا من الصنف الأول. يؤكد إعلام عاصمتنا، أن أيلا أحيا بورتسودان، التي وجد فيها دعماً مطلقاً جعله والياً، بصلاحيات رئيس جمهورية.. فكم استقبل فيها رؤساءً، وكم رفع صورته «حيطة بالحيطة» الى جانب الصدر العالي، وكم أكّد أنه أزاح البؤس عن إنسان الشرق.. لكنّه والحق يقال تقدم خطوة باتجاه تحسين ظروف شغيلة الميناء، ولامَسَ حياة البسطاء وحلِم أحلام الضعفاء، لكنه لم ينفذ- وما ينبغي له- الى قواعد اللعبة..! وفي بورتسودان، دار لغط كثيف، حول نشاط «غير مُرحّب به» مع بعض دول الجوار، ولم تأخذ العدالة مجراها..! نُقل أيلا إلى مدني، فاستقبلته البرجوازية الصغيرة هناك بالزغاريد، على قاعدة «بلداً ما فيها أيلا، يا حليلا»..! ومعذرة لاستخدام هذا المصطلح، إذ لا أجد وصفاً لتشعير تلك البرجوازية، التي تظل صغيرة دائماً، بينما تكبر أحزانها..! المُهم تمّت النقلية من الثغر إلى النهر، أي من «الفنار» الى «الخدار» بناءً على رغبة عارمة في اسعاد الجماهير.. وعندما وقع الرحيل، كانت حوريات البحر تبكي بين الأمواج المتكسرة، وكان هو- أيلا- يحمل صخب الحشد، إلى مدني التي تعهّد فيها بتأهيل مشروع الجزيرة.. ومن قولة تيت أعدّ العُدّة داخل الاستاد، لافتتاح أكبر وأطول مهرجان تسوُّق، بلا سِلع..! ضرب المنقول بتقارير المختصين عرض الحائط وقرر- هو بنفسه- تأهيل مشروع يحتاج الى خمسين سنة، حتى يعود الى «سيرته الأولى» قبل الإنقاذ.. وبدلاً عن تطوير العمل السياسي وتخليق المؤسسات والمراكز البحثية الراصدة، لجأ أيلا وطائفته المُؤمنة، الى استرجاع كرنفالات التحشيد المُعتمدة لدى بلاشفة الاتحاد السوفيتي السابق، فطلعت الطلائع في الميدان بألعاب الجمباز والأعلام الفاتنة، حتّى «تبسّم ضاحكاً من قولها :«يا حليلا»..! وفعلاً يا حليلا.. فبلادنا غرقت بكلياتها بين تمكين وتخريب، دون رقيب من صحافة جادّة أو مراقب حذر.. لقد ظهرت نعماءك أيها الحبيب على الكورنيش، وفي المشاغل المخملية المتخصصة في الطلاء.. طلاءً مصحوباً بأهازيج الشعار، و«الأمباية» و كيتة التنظيم.. وباسلوب البسطاء وقولهم، فأنت- أيلا- «أيلا زول كويس، لكن الناس المعاهو ما كويسين»..! لنفترض جدلاً أنه خطّاب زمانه.. كيف له انقاذ مشروع دمّرته «النّفرة الخضراء» التي اردفها الفصام التنظيمي، على ظهر المشروع، «بمنهجية عثمانية» بين الإدارة والوزارة..؟! سؤال..! مجرد سؤال..! يستطيع أيلا كتاجر شاطر ملاعبة البيضة والحجر، ولكن بالقدر الذي يحفظ له فضائل الترويج لبرنامج إصلاح الدولة.. لهذا الأخ حدود، لا تتعدى حدود الإشادة الرسمية بنظام الرّي الانسيابي، أما المشروع كمشروع، فأمره محسوم من خلال استنان الانقاذ لقانون 2005 كل شيء -أيّها الأخ- معروض للبيع العاجل، وفق «الخصخصة»..وإنت ما قصّرت تبْ.. قل للجماهير،أن المشروع «خرج عن دائرة الإنتاج بسبب عامل السِّنْ»..! تكفيك في هذه السِّن أيضاً، طرطشة الشوارع، ومداهمة «بيشيتات» الهيئات التي تُصرف بها مواهي الموتى..! أما أولئك الذين- أجارك الله - يرضعوا غنماية اللبن، ف «خلّيهم لي الله»..!