٭ كانت أغلى نصيحة أسديت إلى ياسر عرمان هي عدم ذكر المحكمة الجنائية في لقاءاته الجماهيرية عندما رشحته الحركة الشعبية لمنصب الرئاسة، وطبيعي أن تكون النصيحة المهمة من مفكر الحركة د.منصور خالد. الأخير قال لعرمان - والقصة رواها لي وزير جنوبي - «الجنائية بتخربش وجدان الشعب السوداني».. وفي تقديري أنها مثل الحديث عن بناء علاقة مع إسرائيل. ٭ قبل نحو أربع سنوات جرى اسم عضو مجلس الولايات وقتها، شريف محمدين على كل لسان، وذاع صيت الرجل بعد أن طالب بالتطبيع مع إسرائيل بدلاً من استعدائها واتكأ على حجة أن كل الدول العربية لها علاقة بإسرائيل في السر والعلن. ٭ استحضرت حديث شريف، «غير الشريف» - انبه أقصد الحديث - وبعض الصحف ومن بينها «آخر لحظة» تورد حديثاً لوزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور في ندوة بمركز دراسات المستقبل أمس الأول جاء كالآتي «سندرس مقترح تطبيع العلاقة مع إسرائيل». ٭ تفاجأت بأن عدداً من الوكالات الفضائية المرموقه وفي مقدمتها قناة الجزيرة لم تعر حديث غندور في هذه الجزئية اهتماماً، وهاتفت عدداً من المراسلين، وقال لي أحدهم لو كان حديث الوزير دقيقاً لكتبنا بالأحمر «عاجل .. السودان يدرس مقترح التطبيع مع إسرائيل»، لكن الأمر لم يكن كذلك. ٭ هاتفت أكاديمياً كان حاضراً للندوة التي تناولت العلاقات الخارجية ورسم من خلالها غندور صورة دقيققة لتلك العلائق وشخصها تشخيصاً دقيقاً كالعهد به عند إدلائه بأي تصريحات أو اعتلائه المنابر. ٭ كان حديث غندور إجابة على مداخلة من شخصية أجنبية وهو القيادي من دولة الجنوب عبد الله دينق نيال والذي استوزر في عهد الإنقاذ، كما سبق أن كان وزيراً للخارجية بالإنابه لفترة ثلاثة أشهر، قال الرجل لغندور لو تريدون علاقة مع الولاياتالمتحدة مطلوب منكم أمران التطبيع مع إسرائيل و الثاني كان بشأن البترول. ٭ اندهش غندور لحديث نيال وهو أحد جنود الحركة الإسلامية السودانية، التي ترفع أهم شعارين «الشريعة وعدم التطبيع مع إسرائيل».. كان حديث دينق غريباً ولم يكن متوقعاً أن يصدر منه، وربما انفصال الجنوب أثر عليه كثيراً، خاصة وأن علاقة بلاده بإسرائيل معلومة للجميع، فجاء رد غندور تساؤلياً وكالتالي «إسرائيل ياعبدالله؟؟» وسكت برهة ثم أضاف «ما في مشكلة ندرس المقترح». ٭ قطعاً واحدة من الثوابت القائمة عليها الإنقاذ عدم التطبيع مع إسرائيل.. بل هي واحدة من المسائل المتفق حولها بين كل السودانيي ، وكل العالم يذكر مؤتمر اللاءات الثلاث والذي عقد عام 1967 في الخرطوم وأطلق تلك الصيحة القوية «لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض» مع إسرائيل». ٭ ودون شك غندور الذي يُعد واحداً من أبرز أعمدة الإنقاذ والحزب الحاكم و اكثرهم عقلانية، أذكى من أن يدعو لدعوة باطلة منتهية الصلاحية و تخربش الوجدان.