في الآونة الأخيرة انتشرت الجريمة الإلكترونية وقفزت إلى أعلى معدلاتها وتزايدت أعداد البلاغات الخاصة بها والجرائم من هذا النوع ترتكب ضد أفراد أو مجموعات، مع وجود دافع إجرامي لإلحاق الضرر عمداً بسمعة الضحية، أو التسبب بالأذى الجسدي أو النفسي للضحية بشكل مباشر أو غير مباشر.. الحكومة توعدت الإعلام الإلكتروني بالحسم، وطالب وزير الإعلام د.أحمدبلال عثمان بإدراجه ضمن قانون الصحافة والمطبوعات واعتبر الواتساب مهدداً للأمن القومي.. هذه القضايا وغيرها دفعت «آخر لحظة» لتحمل أوراقها وتتجه صوب الخبير في جرائم المعلوماتية وكيل النيابة السابق مولانا عبد المنعم عبد الحافظ لتطرح على منضدته حزمة من التساؤلات الخاصة بجرائم المعلوماتية، فجاءت إجاباته واضحة وصريحة فإلى مضابط الحوار. حوار:ثناء عابدين ٭ في البداية عرفنا بالجريمة الإكترونية؟ - الجريمة الإلكترونية جريمة ذات طابع خاص لاتشبه الجرائم الأخرى من حيث السلوك الإجرامي والدوافع والطريقة في تنفيذها، ذلك لأنها ترتكب بوسائل تقنية حديثة، وهذا يقودنا إلى أن المجرم الإلكتروني لابد أن يكون إنساناً مثقفاً لديه المهارة الكافية في التعامل مع البرمجيات لتنفيذ جريمته و ترتكب لتسبيب أضرار للغير والكسب غير المشروع، وهي من الجرائم المستحدثة الخطرة التي تهدد المجتمع في أمنه القومي والاقتصادي و الأخلاقي والمجتمعي. ٭ متى ظهرت الجريمة الإلكترونية بالبلاد؟ - الجريمة الإلكترونية ظهرت في السودان مع ظهور الشبكة المعلوماتية في التسعينات، ولكنها لم تكن بالشكل المعروف، بل كانت مخالفات الكترونية بسيطة لاتذكر، وبعد عام 2000م بدأت الجريمة الإلكترونية تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، في الانتشار وأصبحت تتزايد يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة. مع مرور الزمن، وفي العام 2010 م ظهرت خدمة الواتساب وانتشرت الأجهزة الذكية وتفشت الجريمة الإلكترونية، وهناك جرائم تحدث عبر خدمة الواتساب، خاصة القروبات، ومنذ ذلك العام وحتى الآن تزايدت الجريمة الإلكترونية التي أصبحت مقلقة وخطورتها لاحدود لها فهي عابرة للدول والقارات لأنها سريعة الانتشار. ٭ أنواع الجرائم الإلكترونية؟ - هناك أنواع متعددة للجرائم الإلكترونيه منها جرائم الاحتيال الإلكتروني الذي نصت علية المادة 11 من قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م بالاضافة لجرائم التهديد والابتزاز الذي نصت عليه المادة 10 وذلك بابتزاز الشخص، مثلاً أن يبتز شخصاً ويطالبه بمبلغ معين أو نشر محتوى خاص به، صورة مثلاً، أما التهديد الإلكتروني تلك العبارات التي من اجلها يتم ارغام الشخص الضحية بإتيان فعل غير مشروع أو عدم اتيان فعل مشروع، وهناك جرائم السرقة الإلكترونية، وهي أكثر شيوعاً وتتم عبر أجهزة تقنية مثل «الإلكترونك كارت»، وعبرها تتم سرقة المعلومات بفهم تقني دقيق مثل تحويل المكالمات العالمية إلى محلية مما يسبب اضرار للشركات العاملة في المجال وهناك جرائم النشر الإلكتروني وهو التعدي الإلكتروني لحقوق المؤلف، كل ذلك بالإضافة لجرائم خفية غير ظاهرة، مثل غسيل الأموال والاتجار بالبشروانتشار الأفكار المتطرفة والتبشير بها وسط الشباب ولابد للجهات المختصة أن تضع يدها عليها، وهناك انتهاك الخصوصية وإشانة السمعة. ٭ وزير الإعلام طالب بتضمين النشر الإلكتروني لقانون الصحافة والمطبوعات؟ - لا يمكن محاسبة جرائم النشر الإلكتروني بقانون الصحافة والمطبوعات ولايمكن محاسبة الجريمة غير الإلكترونية بذات القانون، وهذا يعني أن هناك مبدأ قانوني معلوم لا يمكن تجاوزه، وهذا مايسمى «الاختصاص النوعي»، وأي جريمة نشر إلكتروني تنشر عبر الشبكة المعلوماتية تحتكم لقانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م واي جريمة اخري خلاف ذلك لاتعتبر إلكترونية، بل يتم تصنيفها حسب السلوك الإجرامي الذي تمت به. ٭ التشريع جاء متأخراً والجريمة ظهرت باكراً؟ - القانون صدر عام 2007، وماقبل ذلك لم يكن هناك تشريع إلا أن الجرائم الإلكترونية كانت بسيطة، فصدور القانون كان بمثابة النجدة، بعد أن بدأت الجرائم في الانتشار لضبط الإجرام الإلكتروني. ٭ هل يمكن التحكم في المواقع الإلكترونية؟ - التحكم في الموقع الإلكترونية عمل تقني ينفذه أصحاب الاختصا ، و السودان ينعم بفنيين مهرة يمكنهم التحكم في مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي وهنالك المركز القومي للمعلومات، والهيئة القومية للاتصالات لديها مركز يعمل ليل نهار للتحكم فيها، لأن الجريمة يمكن أن تتم بضغطة زر. ٭ هل يحق لشركات الاتصالات مراقبة المحادثات ومواقع التواصل الاجتماعي؟ - لايمكن لأي جهة أن تراقب المحادثات مواقع التواصل الاجتماعي، والمراقبة لاتتم إلا بإذن قضائي أو من النيابة وغير ذلك فإن المراقبة غير قانونية. ٭ هل هناك مواقع حكومية تعرضت للهكرز؟ - نعم هناك مواقع حكومية وغير حكومية تعرضت للهكرز وتمت ملاحقتها ولكنها لم تكن بالصورة المزعجة بالرغم من أن الهكرز منتشر عالمياً، وفي السودان لاننكر أن مواقع تم تهكيرها، لكنها ليست بالصورة التي تحدث في العالم. ٭ انتشرت في الآونة الأخيرة الشائعات عبر الوسائط الاجتماعية؟ - نعم هناك شائعات كثيرة تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الواتساب والقروبات، وانتشرت شائعات تتحدث عن موت بعض الشخصيات مما يسبب أضراراً سالبة لأصحابها وأسرهم، بالإضافة إلى أن هناك شائعات تنشر في شكل الرسائل التي تحذر المتلقين من أن عدم نشرها يحدث للشخص كذا وكذا، وإذا نشرتها سيحدث لك كذا وكذا وهذا يسمى التصيد الإلكتروني. ٭ لكن يصعب التحكم في ضبط الشائعات، دونك شائعة أبوالقنفذ؟ - صحيح لايمكن التحكم في ضبط الشائعة كما ذكرت ذلك، لأن الانتشار يتم بصورة سريعة عبر الوسائط. وبعد شائعة أبو القنفذ ظهرت مليون شائعة، وأنا أدعو الناس لتحري الدقة واستشارة ذوي الاختصاص في الأمر قبل نشر المعلومة حتى لاتصبح شائعة. ٭ أشهر القضايا التي مرت عليك إبان كنت وكيل نيابة؟ - أثناء ما كنت وكيل نيابة طوال الخمس سنوات الماضية مرت علينا قضايا كثيرة حتى أنني ألفت بها ثلاثة كتب في إطار التوعية بالجرائم المعلوماتية، وكيفية التعامل مع الوسائط الإلكترونية. ٭ أشهر القضايا؟ - أنا لدي عدد من نماذج القضايا التي وردت إلى النيابة، لكن لا استطيع أن أذكرها، لأنها ربما تكون إلى الآن لم يُفصل فيها، وخطأ ان نتحدث عنها لأن المحكمة قد تأخذ وقتاً طويلاً، ولكن هناك جرائم قرصنة إلكترونية على وزارات عرضت علينا. ٭ بماذا تنصح المستخدمين؟ - عليهم تفادي الرسائل الغامضة غير الواضحة والدردشة مع أشخاص لايعرفونهم، وأن لايتفتح المجال لذلك ولاتتبادل معهم الحديث حتى لايتم الاستدراج لتنفيذ الجريمة وكيفية الاستفادة من التقنية فيما يفيد. ٭ كيف يتم التوصل للمجرم الإلكتروني؟ - بنفس الطريقة التي ارتكبت بها الجريمة، والتقنيون يستطيعون أن يصلوا للمجرم عبر الشبكة المعلوماتية، ويتم القبض عليه عبر المحتوى الذي تمت الشكوى فيه؟ ٭ هناك شكاوى من بطء في التوصل للمجرم؟ - لا ليس هناك بطء، بل هناك مشكلة في عدم اللجوء للقضاء، فالمجتمع السوداني مازال يرى أن الشكوى في مثل هذه الأمور مستحيلة، وأنه لايمكن التوصل للمجرم، وهناك من يفضل عدم التبليغ في مثل هذه القضايا لأسباب خاصة، أو من يراها عابرة وضررها بسيط ويغض النظر عنها. ٭ هل مدير القروب في الواتس مسؤول قانونياً عن ما يحدث من إساءة لبعض الأشخاص؟ - والله القروب عبارة عن مجموعة من الناس يتبادلون المعلومات، وأصبحت مهمة اجتماعياً، ولكن يجب أن يكون التعامل عبرها بأدبيات وتجنب نشر المواد المشينة لسمعة أشخاص وتجنب الأخبار الكاذبة وعدم نشر الشائعات حتى لايتسبب في الإزعاج العام الذي تترتب عليه آثار سلبية، ومدير القروب لا يعامل معاملة صاحب الموقع الإلكتروني، لايستطيع أن يتحكم فيما يدور فيه. ٭ ألاتتفق معي بأن هناك عدم وعي بالجرائم الإلكترونية؟ - نعم لايوجد وعي بهذا الأمر، والتوعية تتم عبر الإعلام، إذ يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في هذا الجانب، و الصحافة يقع عليها الدور الأكبر في التوعية. ٭ هل يحق للنيابة أن تتحرى عن شائعة لم يبلغ عنها؟ - عادي يمكن لأي شرطي أن يقدم بلاغاً للنيابة ويتم التحري فيه، ليس بالضرورة أن يكون الشاكي مواطناً. ٭ هل لديك إحصائيات بالجرائم التي تمت أثناء توليك للنيابة؟ - عندما بدأت العمل بالجرائم الإلكترونية في العام 2009 إلى 2010 كل البلاغات التي وردت للنيابة ما بين 50-60 بلاغاً، وهذا عدد بسيط وارتفعت في عامي 2011 و2012 إلى 120 بلاغاً وفي 2013م، ومع دخول خدمة الواتساب قفزت إلى أكثر من 300 بلاغ. ٭ بلاغ في ذاكرة مولانا؟ - كما ذكرت لك هناك نماذج كثيرة، مثلاً، هناك «أ» قام بنشر صورة ل«ب» وألفاظ مسيئة لها ولأسرتها مما سبب لها أضراراً، وتم فتح البلاغ في 2011، وبعد ثبوت الأدلة تحت المادة (17) إشانة السمعة، تمت محاكمة «أ» بالسجن والغرامة وتعويض الشاكية. ٭ هل التوصل للمجرمين يتم سريعاً خاصة في قضايا الهكرز؟ - نعم لأن السودان يمتلك تقتية لا غبارعليها، ومن خلالها يتم تحديد الموقع الذي تمت فيه الجريمة.