٭ الصبر هو أساس كرة القدم .. ولا يمكن أن تحقق نتائج ما بين عشية وضحاها .. ولا يمكن أن يظهر فريق بمظهر ممتاز بعد فترة إعداد استمرت لحوالي شهر، بها مدرب جديد ومدرب لياقة جديد ومدرب حراس جديد وثلاثة لاعبين أجانب جدد، ومعهم عدد كبير من اللاعبين الوطنيين .. إذا كان دفاع الهلال الذي يلعب بثلاثة لاعبين جدد وبرباعي يشارك سوياً لأول مرة أمام الجمهور السوداني، سيظهر بمستوي جيد، فإن هذا أمر ضد الفكرة الأساسية لكرة القدم .. فالتجانس بين لاعبي الدفاع على وجه التحديد يحتاج إلى وقت أطول، خصوصاً في (التسلل) والتحرك لتغطية الزميل فما بالك بدفاع يقوده مدافع أجنبي جديد لا يجيد اللغة العربية ! ٭ الذين انتظروا فوزاً باهراً للهلال أو اداءًا ممتعاً عاشوا على أحلام وردية نسجها لهم الإعلام من ناحية، ويريدون هم أنفسهم تصديقها .. فأحياناً يلوم الإعلام من يطالب الإعلاميين بكتابة الجميل عن فريقهم، حتى ولو كان عكس الواقع .. ٭ هلال .. قورماهيا في واقعها عبارة عن مباراة إعدادية بين الهلال صاحب الاسم الكبير وقورماهيا الفريق الجيد، ولكنه أقل قامة من الهلال .. ٭ قورماهيا في قمة إعداده البدني والنفسي، لأنه يواصل في دوري بلاده، ولأنه يحس بأن الفوز على الهلال يعني الفوز على فريق أكبر منه .. ومعظم المباريات الودية التي تجري بين نادي كبير ونادي أقل منه تنتهي بخسارة النادي الكبير، أو أداءًا جيداً للنادي الآخر .. والأمثلة كثيرة: منها هزيمة ريال مدريد أمام الأهلي القاهري .. ٭ نعود للمباراة نفسها، لنتحدث عنها في إطارها المعقول، لنقول إن شكل الأداء في الشوط الأول كان مقبولاً، وكانت بصمة المدرب واضحة في الإصرار على الللعب الأرضي، وفتح اللعب علي أطرف الملعب، وتكرار شكل الهجمة بسرقة اللعب عن طريق بشة، والتفاهم بين ثلاثي الهجوم كاريكا وبشة وموكورو، بجانب الأداء الدفاعي الجيد لهم .. كما أن الهلال كسب كل الكرات المنفذة من الضربة الركنية، ولكن توجيه الكرة بالرأس لم يكن جيداً.. ٭ في وسط الملعب لم يكن اشيا جيداً، ولكنه أيضاً أمر متوقع، فهو لاعب صغير السن ولم ينسجم بعد مع المجموعة، ولكنني أعتقد أنه سيفيد الهلال كثيراً .. ٭ ثنائي الارتكاز الشغيل ونيلسون أديا بشكل جيد، وقطعاً معظم الكرات من الخصم، وساهما في بناء الهجمة .. هناك من يعيب عليهما البطء، ولكنهما الأفضل في الإرتكاز طالما أن المدرب اختار تحويل أبوعاقلة للطرف الأيمن، وأعتقد أن هذا هو القرار الذي يستحق أن نقف عنده في هذه المباراة، فهو يؤكد علي رؤية مختلفة للمدرب، وبداية معرفة بتفاصيل أداء اللاعبين .. فعندما يختار مدرب جديد لاعباً جديداً ليكون أساسياً، في الطرف الأيمن على حساب لاعب مثل سيسي شارك أساسيا في البطولة الأفريقية، ولاعب مثل أطهر الطاهر يشارك مع المنتخبين الأولمبي والأول، فإن بصمة المدرب تكون واضحة هنا .. ٭ لقد عرف المدرب مبكراً بقدرات أبي عاقلة الكبيرة في اللعب في كل خانات الملعب، كما عرف ضعف الأداء الدفاعي عند سيسي، وقد ظهر ذلك جلياً في خروج أبوعاقلة ومشاركة سيسي الذي تسبب في الهدف، بعد أن فشل في قطع الكرة، لتصل للاعب قورماهيا الذي قام بعكسها .. أبو عاقلة الذي قدم مستويات عالية مع المنتخب وأمبده أعطى انطباعاً جيداً بقدرته على تقديم الكثير للهلال .. خروج أبو عاقلة ونيلسون ومشاركة سيسي ونزار حامد في الجهة اليمني أعطى فرصة أكبر لقورماهيا لاستغلال هذه الجبهة وتحقيق المراد، وإحراز هدف كان يبحث عنه مدرب الفريق بذكاء، منذ الدقائق الأولى للمباراة، حيث عمد إلى قتل اللعب وعدم مجاراة الهلال، والتركيز على إغلاق المنافذ أمام نجومه، ثم الانطلاق بهجمات مرتدة، وهو يعرف فوارق الإعداد بينه والهلال، وعندما أحرز الهدف عاد ليغلق المنافذ، ويقتل المباراة بقيادة حارسه نجم المباراة الأول .. ٭ هدف المباراة درس كبير للمدرب كافالي .. ولنزار حامد أيضاً .. فنزار المتعطش للكرة أصر على أن تكون الكرة في المنطقة المتواجد فيها، لذلك عندما مرر لسيسي طلب الكرة مرة أخرى، وكان من المفترض أن تتحول الكرة للجهة اليسرى .. ونزار لاعب موهوب ولكنه غير منضبط تكتيكياً، ونفس الشيء ينطبق على سيسي .. كما ظهر من الهدف عدم التغطية الجيدة عند المدافع أبيكو الذي تميز في الضربات الرأسية والكرات المشتركة.. ٭ عمار الدمازين أدى بهدوء ورزانة وثقة، رغم أنه يشارك لأول مرة أمام جمهور الهلال .. طريقة لعب الشاب القادم من الأمل عطبرة وطوله وقوامه الرائع، ذكرتنا ببداية مساوي، وإن شاء الله يكون خير خلف لخير سلف، ولن نتحدث كثيراً عن والي الدين الذي يبدو أنه يشبه فعلاً والي الدين .. ٭ ويمكن أن نكتب الكثير عن المباراة، ولكننا نود أن نقول باختصار إنها مباراة ودية أعطت دروسها للفريق الأزرق، وقصرت له الطريق نحو الوصول للجاهزية، وهذا هو الأهم ..