الله.. الله.. ياتونس الخضراء.. يا أنت يابلاد العطاء والبناء والنماء.. يا أنت ياجوهرة الشرق.. يا أميرة متوجه باليواقيت والذهب.. يا أنت.. يا ريحانة كل بلاد العرب.. الله.. الله.. يا تونس الخضراء.. يا بلاد تعطرت خضرتها بأريج حدائق السماء، وكيف لا وقد أشرقت شمس الإسلام على وهادك الخضراء في القرن السابع الميلادي، وأسس المسلمون على أرضك الطيبة مدينة (القيروان) التي اشتعلت في جنباتها نار القرآن، وبذلك غدت (القيروان) أول مدينة اسلامية في الشمال الافريقي وكان ذلك سنة (50) هجرية، وبذلك تكون مدينة القيروان قد تماثلت وتشابهت بمدينة سنار في السودان التي كانت عاصمة لأول دولة إسلامية في السودان هذه المدينة التي سيحتفل بها السودان في العام القادم بعنوان (سنار عاصمة الثقافة الإسلامية 2017م)، وجاء ذلك بعد أن أدرك ممثلو العالم الإسلامي عبر المنظمة الإسلامية للثقافة والعلوم، هذا الأمر وجعلوه أساساً لاستئناف مشروع تنويري إسلامي ابتدره المسلمون في محاولة لتعمير الأرض وتمكين أسس الاستخلاف عليها. ومن ثم كانت (القيروان) في تونس وسنار في السودان، وهذه صفة مشتركة بين البلدين الشقيقين، وهناك صفة أخرى مشتركة بين البلدين في الشأن السياسي، حيث حصلت تونس على استقلالها عام 1956 وحصل السودان أيضاً على استقلاله عام 1956 وتشكلت به أول حكومة وطنية برئاسة الزعيم المناضل اسماعيل الأزهري، وكانت تونس قد أصبحت رسمياً المملكة التونسية، وكان ذلك في نهاية حكم السيد محمد الأمين باي وفي 25 يوليو 1957 أصبح الزعيم التونسي الكبير الحبيب بو رقيبه أول رئيس لتونس، ثم تلاه في الحكم الرئيس زين العابدين بن علي بعد أن قام بانقلاب عام 1987 واستمر حكمه حتى عام 2011 بعدها هرب من تونس خلال الثورة التونسية التي كانت الشرارة الأولى لثورات (الربيع العربي) التي زلزلت الأرض تحت أقدام الطغاة في الوطن العربي، حيث اشتعل الحريق الكبير في ليبيا ومصر واليمن. وتونس الخضراء الضاربة في عمق التاريخ كانت قد تشابه تاريخها القديم مع السودان، فهي قد لعبت دوراً مهماً في ذاك التاريخ القديم في عهد الفينيقيين والامازيغ والقرطاجيين والونداليين والرومان، وقد عرفت في تلك العهود باسم مقاطعة افريكا إبان الحكم الرومان لها، وقد سميت باسمها القارة كلها كما سميت في أحد العهود باسم (الإيالة التونسية).. أما تشابهها التاريخي مع السودان، يرجع الى أن تاريخ السودان هو أيضاً ضارب في القدم، حيث قامت على أرضه الحضارة النوبية التي سبقت الحضارة الفرعونية في مصر، وذلك في عهد حكم تهراقا وبعانخي الذي حكم مصر في فترة من فترات التاريخ القديم . عفواً سادتي لهذا الاستطراد، ولكن أين لي وأنا في حضرة الشقيقة تونس الخضراء التي ستظل خضراء في قلوبنا ما دومنا كلينا نعيش على هذه البسيطة، ومن ثم اتحدث اليوم عن تونس الحديثة وعن مشاركتها في التظاهرة الاقتصادية والتجارية، التي انتظمت البلاد خلال قيام معرض الخرطوم الدولي، الذي شاركت فيه الشقيقة تونس بوفد قوامه ثمانون شخصاً، من رجال الأعمال والمسؤولين وذلك لابرام العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع السودان، وجاء ذلك في هذا الزمن الأخضر الذي تنعم به الشقيقة تونس برئاسة فخامة السيد الرئيس الباجي قايد السبسي، وفخامة الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير، رئيس جمهورية السودان، وكانت هذه المشاركة قد تمت بجهود مضنية قام بها سفيرنا لدي تونس، أما القدح المعلى لتلك الجهود الخارقة قد قام بها سعادة السفير عماد الرحموني سفير تونس لدى السودان.. هذا الإنسان الخلاق الديناميكي الحركة.. المخلص لبلده والوفي لبلدي السودان، هذا الإنسان الذي فتح أعيننا كسودانيين على الإرث الثقافي التونسي والى الحراك الاقتصادي الذي ينتظم الشقيقة تونس الخضراء في هذا الزمان الموشى بالعطاء والبناء والنماء، والذي فتح أيضاً أعيننا على العلاقات الخارجية للشقيقة تونس التي تربطها علاقات وثيقة مع كل من الولاياتالمتحدةالامريكية والاتحاد الاوربي، وهو حليف رئيسي لديها خارج (الناتو) والذي يعتبر الزبون الأول لتونس والحليف الاقتصادي لها، وكان سعادة السفير الرحموني قد بصر الجميع من خلال خطاباته التي كان يلقيها في احتفالات السفارة بالعيد الوطني لتونسبالخرطوم. وذكر أن تونس لها علاقات وثيقة مع فرنسا على وجه الخصوص من خلال التعاون الاقتصادي، والتحديث الصناعي، وبرامج الخصخصة، وكان سعادة السفير الرحموني يذكر بأن تونس تعتمد على الصناعات الموجهة نحو التصدير في عملية التحرير، وخصخصة الاقتصاد التونسي الذي بلغ متوسط نمو الناتج الاجمالي 5% وذلك منذ بواكير عام 1990 من القرن الماضي. وسعادة السفير عماد الرحموني يقود خير من خيار الأشقاء التونسيين بالسفارة التونسيةبالخرطوم، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ الأسعد الجريدي القائم بالأعمال، والأستاذ حسني صولا الملحق الثقافي والاجتماعي، والأستاذ المولدي بن فريعه المدير الإداري والمالي وهو شاب خلوق، ويتمتع بأدب جم، ويقوم بعمله بدقة متناهية، ويهتم بكل صغيرة وكبيرة في عمله، ومن السودانيين الذين يعملون بالسفارة التونسيةبالخرطوم الأستاذ طارق أحمد العبيد، وهو شاب يتدفق حيوية وحركة ويعتبر الدينمو المحرك لعمل السفارة، وهو يعمل آناء الليل وأطراف النهار، وكثيراً ما يعود الى أسرته الصغيرة عند أول ضوء للفجر، ويعود مجدداً الى العمل في السفارة في الصباح الباكر ويعمل بهمة عالية. الانحناءة والتحية والتقدير لكل الطاقم العامل بالسفارة، وفي مقدمتهم سعادة السفير عماد الرحموني، والأستاذ الأسعد الجريدي، والأستاذ حسني صولا، والشاب المولدي بن فريعة. بقي القول: إن مشاركة تونس الشقيقة في التظاهرة الاقتصادية والتجارية بمعرض الخرطوم الدولي وبوفد قوامه ثمانون شخصاً من رجال الأعمال والمستثمرين والمسؤولين التونسيين، يعد مؤشراً طيباً لتنامي العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين الشقيقين السودان وتونس.. وتجدر الإشارة الى أن الوفد الاقتصادي والتجاري التونسي قد قدم الى السودان وفي نيته قيام مشروعات اقتصادية وتجارية مشتركة تصب في مصلحة البلدين الشقيقين، وهي في مجال الزراعة والصناعة والتعدين والسياحة والطيران، ومشروعات أخرى مهمة للغاية، ويأتي هذا استكمالاً لعمل الوفد الاقتصادي والتجاري التونسي الذي زار الخرطوم في العام الماضي، وبذلك يتحقق الحلم التونسي السوداني، ويصبح الرجاء ممكناً.. الأمل ممكن.. الوعد ممكن.. في أن يتحقق هذا الشعار.. تونس.. الخرطوم.. الزمن الأخضر قادم.