٭ من الطرائف التي راجت أيام سياسة «البكور» ، عن طريق «جر» عقارب الساعة ستين دقيقة للأمام، أن سياسياً معارضاً، كان يخطب في جماعة، «إنتو عارفين كنا منتظرين الزمن يغير الحكومة ، قامت الحكومة غيرت الزمن» . ٭ تذكرت الطرفة والتي عمرها ستة عشر عاماً منذ تطبيق البكور وأنا أطالع القرار الذي «غير الزمن» مرة أخرى وأعاد د.عوض الجاز إلى دائرة الأضواء مرة أخرى بتعيينه مسؤولاً عن ملف الصين بدرجة مساعد رئيس الجمهورية. ٭ ويحمل القرار المتوقع من واقع علاقة الجاز بالصين، حيث «حرق» الرجل عدداً من سنوات عمره في ملف البترول عدة دلالات، وهي أن الحكومة تخطط وبشكل كبير لتطوير العلاقة بشكل أكبر مما هي عليه الآن مع الصين، خاصة وأن بكين هي الشريك التجاري الأكبر لأفريقيا، حيث تجاوز حجم التبادل حاجز ال(200) مليار دولار، ومع بلادنا قارب ال(6) مليار دولار. ٭ لكن الحقيقة التي يجب قولها، أن الحكومة فيما يبدو استشعرت خطر تراجع العلاقة مع الصين، فبعد أن كان السودان الدولة الأفريقية الأولى المستقبلة للاستثمارات الصينية تراجع للمركز السادس تقريباً، بل إن الرئيس الصيني في آخر جولة أفريقية له لم يزر الخرطوم، في وقت كانت البلاد مدخلاً للصينيين لأفريقيا وكان الرئيس الصيني السابق بدأ جولة أفريقية له من مقرن النيلين. ٭ في تقديري أن تخصيص ملف للصين تأخر كثيراً، وذلك أن حجم التبادل بين البلدين يبدو متراجعاً ودونكم النفط، حيث كانت البلاد تنتج أكثر من نصف مليون برميل في اليوم، بينما الإنتاج الآن نحو (125) ألف برميل، بل إن الاهتمام الصيني بالجنوب بأت أكبر من الاهتمام بالسودان. ٭ أمر هام يحتاج إلى تفسير ونحن نقرأ إسناد الملف الصيني للجاز، ونقرن ذلك، بسؤال ماهي أولويات السياسة الخارجية الآن؟ هل الملف الصيني أم الروسي، خاصة وأن نائب الرئيس فتح خطاً جديداً مع موسكو يتوقع أن يثمر.. بل وأين الملف الأمريكي.. وللمفارقة أن وزارة الخارجية ليست بها إدارة خاصة بالولاياتالمتحدة، وهناك إدارة تسمى الأمريكتين، بينما واشنطن هي الوحيدة «المنشفا ريق البلد دي». ٭ طفا الملف الصيني على السطح في وقت عصيب والحكومة من جهة قررت الاتجاة غرباً والتطبيع مع الولاياتالمتحدة ما يتطلب مزيداً من بذل الجهد لتطوير العلاقة مع الصين، خاصة وأنه مهما امتدحنا بكين فدورها السياسي مع السودان عادي إن لم يكن ضعيفاً، حيث لم يسبق أن اشهرت كرت «الفيتو» لصالح الخرطوم، بينما استخدمته من قبل لمصلحة زيمبابوي ومعها روسيا فحال دون معاقبة مجلس الأمن لها. ٭ تعيين الجاز يتطابق مع الحكمة «أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي أبداً»، وهي خطوة «دون شك» تعني تقصير سفير السودان ببكين عمر عيسى في عمله - ونعود لذلك لاحقاً- لكن المهم أن الرئيس لا يزال يحتفظ بملاعب يدفع فيها بالمخضرمين، أصحاب الثقة، أو قد يكون التعيين لا يخلو من بعد قبلي.