القرار الصائب جداً الذي أصدره السيد الدكتور/ عبد الحميد موسى كاشا – والي النيل الأبيض بخصوص أراضي الجزيرة أبا أسال مداداً عزيراً و"كلام عرب" كثير، ونقاشاً جاداً ومثمراً وسط منسوبي الجزيرة أبا، في مجموعات التواصل المختلفة في الداخل و الخارج. تاريخياً أراضي الجزيرة أبداً لم تكن أصلاً موضوع خلاف بين ساكنيها وأسرة المالك السيد/ عبد الرحمن المهدي- طيب الله ثراه- بقدر ما قدم لوطنه ولمواطنيه، وراث الأرض ومواطنو أبا تاريخ مشترك ومودة ومحبة ومعزة متبادلة.. معلوم أن أصول معظم ساكني الجزيرة أبا أتت من خارجها رغبةً وطوعاً ومحبةً في الإمام عبد الرحمن.. شخصياً أجهل الأسباب التي جعلت الإمام عبد الرحمن يقوم بتسجيل أراضي أبا باسمه، ولكني أحسن الظن بما أقدم عليه ربما بغرض الحصول على أوراق رسمية تمكنه من الحصول على تمويل المشاريع الزراعية التي أقامها، يعلم الجميع أن جدودنا من الأنصار القدامى الذين "فتحوا" الجزيرة أبا جاءوا طواعية ومحبة في الإمام، وحاول جميع الأنصار والمهاجرين إلى أبا تطبيق مُثل وقيم طبقها الأنصار في مدينة رسول الله في مثال نادر في تاريخ البشرية من إخاء وإيثار.. لقد سمعنا في الجزيرة أبا قصصاً مماثلة لما حدث بين الأنصار والمهاجرين في عهد النبوة من تنازل أو اقتسام للأرض والمال من قبل الأنصار، بل وحتى التنازل عن إحدى الزوجات لمن لا زوجة له لا أظن أن الإمام عبد الرحمن كانت في نيته الإستئثار بالأراضي ومن ثم تمليكها لأبنائه متجاهلاً الذين أتوا من بعيد لبيعته ونصرته على إقامة الدين- حسب ظنهم- وضحوا بكل غالٍ ونفيس من أجل رفع راية الإسلام عالية.. من رفع شعار السودان للسودانيين أرضاً ومعنى، من باب أولى أن يكون تفكيره "أبا لساكنيها" ولا يمكن أن يكون في تفكيره ما ظنه البعض من أنها نظرة إستقطاعية ورغبة في استعباد من تركوا الأرض، وربما المال والولد وجاءوا لنصرته.. يتبادل مواطنو أبا مع أسرة السيد/ عبد الرحمن المهدي أسمى آيات التقدير والاحترام، ولم يطالب أحد من ورثة السيد/ عبد الرحمن المهدي أهالي أبا بإخلائها، عليه ليست هناك قضية بين أهالي أبا والورثة، والدولة لها كل الحق في تغليب المصلحة العامة على الخاصة. مواطنو الجزيرة أبا لا يختلفون عن غيرهم من مواطني جمهورية السودان من حيث الحقوق والواجبات، فهم ليسوا رعايا تنظيم أو طائفة أو حكومة بل هم رعايا دولة، يبنغي أن يتمتعوا بما يتمتع به غيرهم من امتلاك لسكن تمنحه لهم الدولة بأوراق رسمية، يأويهم وأسرهم مقابل ما يدفعونه للدولة من التزامات المواطنة. كما ذكرت في بداية المقال تناول قرار د. كاشا والي النيل الأبيض عدداً من أبناء أبا عبر وسائط التواصل المختلفة، واختلفت الآراء بطبيعة البشر وظهرت بعض الأجندة.. البعض من أبناء أبا ولاعتبارت سياسية وعدوانية غير مبررة حانقون وغاضبون على العلاقة التي ربطت بين أسرة المهدي والأنصار.. في المقابل يرى البعض الآخر أن كل ما تقوم به أوتقدمه الإنقاذ حتى ولو جاء مبرأً من كل سوء، لابد أن يكون خلفه غرض سياسي ويرفضونه، ولكن غالبية من قرأت لهم أو تناقشت معهم يؤيدون قرار الوالي بدون تحفظ ويعتبرونه توفيقاً للأوضاع السائدة، وتقنين لها بما يحفظ لأهل أبا حق رعاية الدولة لهم والإهتمام بشأن سكنهم، مما يمكنهم من التصرف في الأراضي الممنوحة لهم من الدولة بالبيع والشراء والميراث كما كان في السابق ويضيف إليهم ميزة رهن العقار أو إجراء أي ضمانات بموجبه. ينبغي ألا نظلم والي الوالية الدكتور كاشا، كل الذي فعله هو نفض الغبار عن قرار أصدره السيد رئيس الجمهورية منذ أكثر من عشرين عاماً، وأراد تفعيله وتطبيقه على أرض الواقع وإنصاف أهل أبا. لنعطي الرجل حقه فإن عدد المرات التي زار فيها د. كاشا الجزيرة أبا ربما تفوق عدد المرات التي زار فيها كل الولاة السابقين الجزيرة أبا، وهو دائماً قريباً منهم يستمع إليهم ويخاطبهم بسهولة ويسر، وقال لهم إن ملف الجزيرة أبا سيجد منه كل العناية وجعله تحت رعايته الشخصية. مها قيل عنه فهو من أسرة أنصارية، ولذلك لن يظلم الأنصار بسبب إنتمائهم لحزب منافس، ولا أظنه يظلم أحداً من رعاياه في الولاية.. أعينوه وأقيفوا بجانبه ولا " تدسوا منه المحافير". أما بخصوص قراره بتشكيل لجنة لوضع قرار السيد/ رئيس الجمهورية موضع التنفيذ، صراحةً لا علم لي بعضوية اللجنة، ولكن لدي بعض النقاط أرجو التأكد من أنها وضعت في الاعتبار حتى ولو استدعى الأمر إعادة تشكيلها، التخطيط عمل فني ويحتاج لذوي خبرة ودراية، عليه أرجو أن يكون الفنيون من غير أبناء أبا تحسباً لأي شبهة أو حساسيات.. أما بقية الأعضاء أرجو أن يكون عدد منهم من أعيان الجزيرة أبا بأحيائها المختلفة الذين يعرفون الكثير من ملاك الأراضي، أو ممن ورثوها مما يسهل عمل اللجنة كثيراً، إضافة لبعض الشخصيات من أبناء أبا المقبولين لكل الأطراف، البعيدون من الإستقطاب الحزبي أو الفكري الحاد، يتطلع الكثيرون من أبناء أبا لتنفيذ قرار الوالي وقفل هذا الباب بصورة نهائية، طالما أن أسرة الإمام/ عبد الرحمن لا مانع عندها، فالأفضل لساكني أبا إملاك أرض ممنوحة لهم من جمهورية السودان وإذا برزت أي إشكالات فأهل أبا ليسوا طرفاً فيه وليتم حلها بين المتظلمين وحكومة السودان. قبل قفل موضوع أبا السكني لابد من تذكير الأخ الكريم/ دكتور كاشا والي الولاية بأن مساحة الجزيرة أبا ضاقت بأهلها، ولابد من امتداد جديد، ولذلك يجب أن يعاد فتح ملف أبا الجديدة (شرق الجاسر حتى شارع الخرطوم الرئيسي)، التي سبق أن تم توزيعها وتسليمها لمستحقيها بعقود بيع، وظل الأمر ساكناً منذ حوالي عقدين من الزمان.. كما عالجتم مسألة أراضي أبا السكنية القديمة بالنزع للصالح العام، فأهالي أبا يتطلعون لرؤية تنفيذ حلم مشروع أبا الجديدة السكنية، في مقال قادم أتناول أراضي الجزيرة أبا الزراعية ومشروع قفا مدير جامعة الإمام المهدي السابق