الأرض من القضايا المحورية التي أثير فيها النقاش والجدل أثناء أشغال مؤتمر الحوار الوطني بقاعة الصداقة، وفي أكثر من لجنة من لجان الحوار لما لها من إعتبار.. فهي قضية جوهرية في اللجنة الإقتصادية لما لها من التأثير الإقتصادي في طلب المعاش والرزق وابتغاء الكسب، وهي قضية حيوية في لجنة الحكم، لما لها من التأثير السياسي في محوري الحكم والإدارة، وهي قضية مطروقة بشدة في لجنة الهوية، لما لها من بصمة بارزة عند التوافق على الهوية القومية الجامعة التي تجمع الشعث وتصبه في قالب المواطنة، وهي قضية أساسية عند لجنة الحريات لما لها من مفهوم أساسي ومفتاحي عند الممارسة لحرية التملك والتنقل والتجارة والعمل. أما الأرض في لجنة السلام والوحدة، فهي معنية بتوطيد واستدامة السلام عليها وبصون الوحدة، فإذا ما أحسنت استخدامها تجد فيها الخير الكثير مثل الإطعام من جوع والأمن من خوف، أما إذا أسيىء فيها الفهم والاستخدام، فتجلب للناس شراً مستطيراً وتصبح سبباً للتنازع وباعثاً للحرب التي تهلك الحرث والنسل. تصدت لجنة السلام والوحدة لهذه القضية الحيوية من خلال مدارسة الأوراق التي تطرقت لها، وتأثيراتها على مجريات السلام، ونود أن نبين شيئاً منها لما للأرض من معنى ومغزى. فمن بعد تطاول الجلسات وحِدّة النقاش واختلاف الرؤى والآراء، وبعد السماع الى أهل الخبرة والمهنة والتخصص، من خلال المحاضرات التي قدمت، ارتأت اللجنة أن تقف على تطبيق وممارسة السلطة تجاه الاراضي لبعض الدول من أجل العبرة والمقاربة.. الإتحاد السوفيتي (سابقاً): لا يعترف الدستور بملكية الأرض لأحد، لأنها مصدر من مصادر الثروة القومية بريطانيا العظمى: تعتبر كل أراضي الجزر البريطانية بحوزة الملك أو الملكة، ولا يجوز لأحد أن يمتلك منها شيئاً بل الملك هو الذي يملك حق الإنتفاع. كوريا الشمالية: تدار الأرض فيها بواسطة مفوضية مركزية تضع في حسبانها النظام والقانون. دول اسكندنافيا: تقتني الأرض على التراضي ولا تلجأ الى ممارسة حق الشفعة، أو نزع ملكية الأرض إلا في حالات نادرة. فرنسا: لها قانون للأراضي يعرف باسم (التوجيه العقاري) يعتبر اقتناء الأرض المخصصة لمشاريع التنمية والتعمير من مقومات المصلحة العامة، ويمكن نزع الملكية لفائدة المصلحة العامة القبائل العربية: كانت القبائل العربية قبل الإسلام تمتلك رقبة الأرض ولها مطلق التصرف فيها، وعلى سبيل المثال كانت مكةالمكرمة تمتلكها قبيلة خزاعة حتى أخرجهم منها قصي بن كلاب جد الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقسمها أرباعاً بين القبائل وكانت تلك التراتيب متبعة حتى جاء الاسلام. المنظور الإسلامي: أن الإسلام لا يقبل اشتراط أن تتطابق فيه الأرض والعرق، ويتحدث الإسلام عن القربى المكانية، فالأرض لا تكون لبني فلان أو لقبيلة علان، إلا على سبيل المجاز والوفاء التاريخي، ولقد جاء في صحيفة المدينة (إن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وأن ذمّة الله واحدة).. إذن من يتوطّنون أرضاً واحدة متساوون في الحقوق والواجبات، فالجار المعني في الإسلام هو شخص أو أشخاص لا يرتبطون في الغالب الأعم ارتباطاً رحمياً أو دينياً مع المجموعة الأساسية، ربما فرقهم العرق أو الدين لكن جمعهم المكان، والرابط المكاني له حرمة كحرمة العرق أو الدين ويكوّنان معاً الإطار العام للسلطة المحلية، وذلك من أجل الانصهار القومي الذي ينادي به الإسلام.. فالمسلم الذي يعرف مغزى الإسلام لا ينادي بالانفصال أبداً بسبب الدين أو العرق أو اللون أو الجهة.. وهذا هو وجه الخلاف الأساسي بين الدولة اليهودية (اسرائيل) وأرض فلسطين ففي المنظور الإسلامي أن الأرض لله والدولة مستخلفة عليها ومسؤولة عن إدارتها بالحق والعدل الديار: الدار رقعة جغرافية من الأرض تسمى أو تنادي باسم قبيلة من القبائل، مثل دار الجعليين أو دارفور أو دار الكواهلة أو دار زغاوة .......الخ من أجل الوفاء التاريخي لكن ليس للقبيلة المسمية بها الحق القانوني في الامتلاك أو التصرف فيها إلا وفق القانون أو العرف.. أما الحواكير فسيكون موضوع المقال التالي لما بها من لغط ومفهوم خاطىء، أدى أحياناً الى التنازع والاقتتال بين القبائل.