* ظللت طيلة نهار الأمس أرصد كل تحركات الرجل ذو الثمانين عاماً داخل سرادق عزاء زعيم المؤتمر الشعبي حسن الترابي الذي كان يجلس على كرسي منصوب بعناية داخل (الصيوان) في الجناح المخصص لقيادات التنظيم، ورغم علامات الإرهاق التي ظهرت على محياه إلا أن الرجل كان مصراً على أن يقف ويعزي كل القادمين، ذكر لي الشاب الإسلامي (عصفور الجنة) إنه أشفق على السنوسي فترجاه أن يأخذ قسطاً من الراحة، ثم يأتي لمواصلة تقبل العزاء، إلا أنه انتهره وطالبه بالابتعاد عنه.. * النشأة شهدت الأبيض حاضرة شمال كردفان صرخة ميلاده في العام 1937، وهي المنطقة التي حفظ فيها القران وأكمل مراحل تعليمه الأولي والثانوي ثم حمل حقيبته مغادراً إلى الخرطوم في نهاية ستينات القرن الماضي، وفي العام 1962 نال دبلوم معهد بخت الرضا لتدريب المعلمين. وبكالريوس القانون في جامعة القاهر ة عام 1970، وسطع نجمه كقيادي بارزاً في حركة الإخوان المسلمين بالجامعة، حيث كان مسؤولاً عن تأسيس فرع للإخوان المسلمين بها. وفي العام 1968 أصبح عضواً باللجنة التنفيذية لنادي المريخ في أم درمان، وتم اعتقاله في مارس 1970 ثم أفرج عنه أواخر عام 1971 خلال العفو الممنوح من قبل الرئيس نميري، وتزعم السنوسي انتفاضة شعبان في العام 1973. وغادر إلى ليبيا في ذات العام و انضم إلى المكتب التنفيذي للجبهة الوطنية السودانية، وأمضى وقته مسافراً بين ليبيا وبريطانيا والسودان، وفي عام 1976 عاد للبلاد قائدا لفصيل من المقاتلين، وكان مسؤولاً عن منطقة شرق أمدرمان. ثم غادر البلاد مجدداً بعد الاختباء لستة أشهر. وحكم عليه بالإعدام غيابياً. رجع إلى البلاد بعد المصالحة الشهيرة بين الإسلاميين ونميري في العام 1977 وعمل في الأعمال التجارية الخاصة.. وأسس وكالة للسفر والسياحة بالخرطوم. وخلال هذه الفترة كان منظماً في قيادة الجبهة القومية الإسلامية. واعتقلهم النميري مجدداً في مارس 1985. تم الإفراج عنه بعد انتفاضة، أبريل 1985. وانتخب للجمعية الوطنية عن الجبهة الاسلامية القومية (دائرة الخريجين الانتخابية كردفان). وتم اعتقاله تمويهاً مع شيخه الترابي في صبيحة مجئ الإنقاذ ومعلوم ان السنوسي كان مسؤول تنظيميا عن الرئيس البشير قبل الإنقاذ. * الانضمام للاخوان المسلمين أعلن السنوسي انضمامه لجماعة الاخوان المسلمون من بين ثلاثة أخوان فقط داخل الجامعة، وهم بشير حسن بشير وابراهيم هاشم، وحسب زميله في جامعة الفرع حينها المرشح السابق لرئاسة الجمهورية السلطان كيجاب فإن السنوسي شكل تحولاً كبيراً لمسيرة الحركة الإسلامية داخل الجامعة، حيث كان يجهر بإنتمائه للحركة الإسلامية في وقت كان فيه كثيرون ممن ينتمون إلى تنظيمات أخرى يخفون إنتماءاتهم. ويكشف كيجاب تفاصيل مثيرة للسنوسي داخل الجامعة ويقول إنه كان يمتاز بحماس شديد ويدافع بقوة عن مباديء وأهداف الجماعة ، وكان عنيفاً وحاداً وهتافياً يجهر بحق حركة الإسلام ليدحض به باطل اليسار المتزمت الطاغي . * سر التكليف يبدو أن قيادات الشعبي أرادت باختيارها السنوسي أن تقتدي بسيرة الرسول الكريم وحسبما جاء في الأثر فإن النبي لما اشتد به المرض اختار صديق عمره أبوبكر الصديق أن يصلي بالناس، وعلى ذلك اجتهد اصحابه من بعده واختاروا أبوبكر خليفة لرسول الله . وليس ببعيد عن هذه السيرة أن يسارع السنوسي ليخطب في جموع المشيعين، ثم يصلي بهم مودعاً شيخه ،ولم يذهب القيادي الإسلامي البارز حسن رزق بعيداً عن هذا الحديث، حيث امتدح تنصيب السنوسي خلفاً للترابي قبل مواراة جثمانه الثرى، وقال كذلك فعل الصحابة مع أبي بكر الصديق، ويمضي رزق بالقول إن السنوسي من المؤسسين الأوائل للحركة الاسلامية ومن أكثر الناس صحبة للترابي، وتدرج في التنظيم حتى أمسك بمعية خمسة من الاخوان بملف العمل الخاص الذي فجر ثورة الانقاذ، وقبلها كان ضمن المجاهدين في حركة 1976 وعرض نفسه إلى الخطر، لذلك من الطبيعي أن يخلف الترابي . * وجه الشبه ولا يخلتف اثنان في كثير من اوجه الشبه التي تجمع بين الترابي والسنوسي، فكلاهما حفظا كتاب الله تعالى في طفولتهما ثم درسا القانون، غير الشبه الرباني الذي يجمعهما، لكن جوهر الاختلاف الذي قال به مقربون من السنوسي أنه حاد الطبع قوي الشكيمة، وقال القيادي بالشعبي محمد الأمين خليفة إن كل أعضاء الأمانة العامة سيعينون السنوسي في قيادة الحزب وملء الفراغ العريض الذي خلفه الترابي