أسعد جدا كلما صادفت في تلفونات أصدقائي وأهلي، تلك النغمة المحببة من الفنان الرائع الإنسان حمد البابلي - رد الله غربته - عن الإعلام الذي يستحقه أكثر من آخرين، يملؤن الساحات فارغا. يا أغلى من دمي..يا حبيبتي يا أمي يا واحة في دربي..يا راحة في قلبي يا ذخري يا حبي.. يا حبيبتي يا أمي يا غالية ست الكل..انتي الحنان والضل أعيش دوام لرضاك..واخفض جناح الذل يا حبيبتي يا أمي منك عرفت الحب..والطيبة وحنان القلب إلهي يلطف بيك..يخليك لي يا رب يا حبيبتي يا أمي.. كلمات تمس شغاف القلوب صاغها الإعلامي ذوالنون بشرى ،واعطاها البابلي ،إحساسا عبقريا مع اللحن البديع. غدا يحتفل العالم بأمهاتهم،في كل بقاع الدنيا ، في عيد كان مصدره ،علي أمين الصحفي المصري ، في قصة مشهورة لما جاءته أم تشكو هجران ولدها(وليس عيدا لليهود كما هو شائع) يقدمون لهم الهداية ، ويسعدون بقربهم ،يؤانسونهم مستمتعين بعطفهم وحنانهم . أنا كانت من السعداء بأن لي أكثر من أم، فأمي الحرم علي عمر رحمها الله هي من أنجبتني ، كانت سيدة قليلة الكلام كثيرة المكارم ،كانت للكرم عنوان ، سعدت جدا بملازمتي لها في أيامها الأخيرة ، وأحمد الله بأن كان لي شرف مرافقتها في الحج لبيت الله ، وزيارة الديار المقدسة ،وامي الثانية كانت الخالة ست أبوها شقيقتها الكبرى والتي قضيت معها زمانا من عمري، نهلت من عطفها وكرمها ، فقد كانت سيدة حكيمة ، يرجع إليها حتى رجال الأسرة ،في عظيم الأمور ، لحسن تفكيرها وتدبيرها. وأمي الثالثة كانت الحاجة نفيسة الريح علي ، شقيقة الخال الفنان حمدالريح متعه الله بالصحة والعافية، وأمنا نفيسة سيدة كريمة فاضلة، راقية في تعاملها، ديمقراطية في الحوار حتى مع الصغار، من فيض كرمها ولطف معشرها كم نهلت ، وأمنا الرابعة كانت خالتي العاجبة علي عبدالله بنت خال أمي ، سكنت في بيتها عاما كاملا عندما انتقلت أسرتي إلى دنقلا عام 1984م، فكانت لي نعم الأم ، وهي سيدة عظيمة بكل ماتحمل الكلمة من معاني ، لم أجد أكرم منها قط في حياتي، كانت سيدة عاملة تعود آخر النهار ، بعد عمل مضن منذ الفجر ، وتدخل علينا والإبتسامة تملأ وجهها نورا. هؤلاء أمهاتي اللائي ،كم تمنيت لو لقيتهن ولو ساعة ، لأقول لكل واحدة فيهن : كم أحبك وكم افتقدك. سنوات مضت على رحيلهن ، تغيرت فينا أشياء كثيرة ، إلا الحنين لهن ، والشوق لوجوههن الصبوحة ، والاستمتاع بحلو الحديث وعذب الكلمات التي كنت أجدها عندهن،رحمهن الله رحمة واسعة وجعل الفردوس مستقرهن. يأتي عيد الأم هذا العام غدا ، وأنا أعلم تماما أن كثير من الشباب لا يهتمون بأمهاتهن ولا يطيعونهن ، ولا يسعون لتقديم العون لهن ، وهذا أمر مشين ، والله لايعرف قيمة الأم وعظمتها تماما ، إلا من فقدها فالحقوا بأمهاتكم قبل الرحيل . ولازالت ترن في أذني كلمات خرجت من فم أخي وابن خالتي عمارعبدالله علي، يوم وفاة أمه وأمي (الخدرة) جئت لأصبره ، فقال في حسرة : (ياحيدر جنتنا اتقفلت)..ما أقساها من عبارة لايحسها الكثيرون. الأم باب من أبواب الجنة،إلحقوا به وأجعلوه مدخلكم لرحمة الله قبل أن يغلق. والتحية في هذا المقام لأمهات الشعب السوداني ، عظيمات المقام ، التحية لفاطمة أحمد إبراهيم ،الوطنية المعلمة ،الصبورة الصامدة ، في غربتها ، التحية لفائزة نقد المعلمة الرائعة ، والتحية لإحسان كامل السيدة العظيمة ، والتحية لأميرة الجزولي المناضلة العفيفة ، والتحية، لخالاتي نعمة وعازة وسيدة علي ، ولمريم محمد عثمان وإعطاف السر ونورا وسيدة وآمنة أحمدالنور، ولسعاد محمدعلي ، وآمنة وابتسام ورجاء وسناء محمدعلي وكل عام وهن بخير. رحم الله أمهاتي وجزاهن خير الجزاء ،عني وعن إخوتي وأزواجهن. وكل عام وأمهات السودان بألف خير.. وأملي أن تجد كل أم التقدير ماعاشت فلها الفضل العظيم الذي لن يستطيع الأبناء رده مهما كانت الظروف ومها فعلوا ..ألا هل بلغت اللهم فاشهد.