يبدو أن تحقيق الإستقرار في ولايات دارفور سيظل هاجساً لكل الحكومات التي تتعاقبت على السودان كما كان وسيظل كذلك، وحتى الوقت الراهن وبعد سنوات التمرد التي تجاوزت الثلاثة عشر عاما ما تزال الدولة تبذل خلالها مجهودات كبيرة للقضاء على ما تبقى من فصائل التمرد، و كذلك التصدى للتحديات الانسانية وتوفير أسباب الإستقرار للنازحين واللاجئين الذين عادوا إلى قراهم طوعا عقب إستتباب الأمن فيها بشكل كبير وتطبيع عجلة الحياة هناك. على أن إحتواء الصراعات القبلية سيبقى تحديا كبيراً لإستكمال عملية إستعادة الإستقرار في ولايات دارفور الخمس، لاسيما بعد نجاح الدولة فى القضاء على فصائل التمرد من خلال المراحل المتعددة من عمليات "الصيف الحاسم" فى السنتين الأخيرتين. طفت الى سطح الاحداث مؤخرا أحداث الضعين لتعيد الى الواجهة مجددا مسألة الأمن والاستقرار وفرض هيبة الدولة بدارفور ، التى كادت أن تطيح بكثير من المكاسب التى تحققت مؤخرا على صعيد الأمن والإستقرار والسلام. الحلول المستدامة ولإيجاد حلول مستدامة للصراعات القبلية لابد من التنبيه إلى ضرورة السيطرة على السلاح المنتشر في أيدى دارفور والمتفلتين من عناصر الترتيبات الأمنية بالمجموعات العائدة من التمرد والموقعة على اتفاقيات للسلام مع الحكومة على وجه الخصوص. وفي ظل توفر وسائل الحركة ذات الطبيعية القتالية لدى المجموعات القبلية أو المتفلتة، غير المتوقع أن تهدأ حدة الصراعات القبلية هناك، فبين الفينة والأخرى تطفو الى السطح الصراعات بين القبائل، وما ان هدأت الاشتباكات بين السلامات والمسيرية بمنطقة أم دخن بولاية غرب دارفور وما تلاها من أحداث وادي راتع بمدينة الجنينة أواخر العام 2013م، حتى إنفجرت الأوضاع أكثر من مرة بين الرزيقات والمعاليات بشرق دارفور، وكان آخرها حادثة الهجوم المسلح يوم 18 أبريل الجاري على منزل والي شرق دارفور، وما نتج عن ذلك من استشهاد فردين من الحرس بمنزله وجرح فردين آخرين. وهذه الحوادث تعطي مؤشر إلى بوادر توتر وتطورات سالبة على مشهد الصراعات القبلية وانتقالها إلى تصفية الحسابات ومحاولة الزج بحكومات الولايات في حلبة الصراع واتهامها بالوقوف إلى جانب بعض القبائل ضد الأخرى وفقاً لإدعاءات بعض المتفلتين التي تروج لمثل هذه المزاعم كما حدث مؤخرا باتهام حكومة ووالي شرق دارفور بمناصرة قبيلة ضد أخرى فى إطار صراعات محلية امتدت لعقود طويلة فى المنطقة وتعدد مسبباتها كذلك. جمع الأسلحة لكى يتحقق الهدوء التام الأوضاع في دارفور ويتم بسط الأمن لتوفير الاستقرار في ولاياتها، لابد من تسريع عملية جمع السلاح من أيدي المواطنين والمراجعة الصارمة لمسألة حمل السلاح من أيدى عناصر الفصائل التى تشملها الترتيبات الأمنية، فضلا عن سحب كافة الآليات والأسلحة الثقيلة من أيدى "الأهالي" بحيث لا يسمح بها إلا للقوات النظامية. دية وقصاص ومن ضمن القضايا التى تناولها الرئيس البشير خلال زيارته الى ولايات دارفور مؤخرا، مسألة دفع الدولة لديات القتلى الذين يسقطون فى النزاعات القبلية، حيث قطع بعد القيام بذلك مستقبلا. ذلك أن طريقة تسوية المشاكل عبر الادارات الأهلية أدى الى شيوع الإبتزاز من قبل بعض ذوى النفوس الضعيفة، ونظرا لارتفاع قيمة الدية فإن ذلك شجع ذوي القتلى تفضيلها على القصاص دائما مادامت الدولة هى الجهة التى ستقوم بالدفع!، وهو الأمر يشجع على مزيد من القتل وسفك الدماء. هيبة الدولة ومن الأهمية بمكان أن تنصب الجهود على معالجة الصراعات القبلية في دارفور والتي تتسبب فيها حوادث نهب أو حالات قتل فردية ثم تتطور وفقاً إلى صراع قبلي مدمر يقع ضحيته عدداً من مواطنين من الطرفين وأحيانا من رجال الدولة أنفسهم. بنظر المراقبين، ولكى تنجح الدولة فى إستكمال سياساتها الرامية لتطبيع الأوضاع فى دارفور يجب عليها عدم التهاون في اجراءات بسط هيبة القانون والحزم فى فض النزاعات والخلافات القبلية. SMC