السودان واسع وشاسع وحدوده ممتدة لآلاف الكيلو مترات ومداخله كثيرة، حيث نجد في الشرق البحر الأحمر وارتيريا واثيوبيا، وفي الجنوب دولة جنوب السودان، وفي الجنوب الغربي افريقيا الوسطى، وفي الغرب تشاد، وفي الشمال الغربي ليبيا، وفي الشمال مصر، وتوجد بالسودان معابر برية وبحرية وجوية مع كافة الدول المجاورة على كثرتها، مما يلقي بظلاله على صعوبة حراسة تلك الحدود، والحد من التهريب الذي يستنزف موارد البلاد والعملات الأجنبية من ناحية اقتصادية، وتوجد مهددات كبيرة تهدد سلامة وأمن المواطن، فالمهددات الأمنية منها مهدد عسكري يتمثل في دعم بعض الدول المجاورة للحركات المسلحة، ودخول مواطني الدول المجاورة للبلاد بصورة غير شرعية، وكذلك الاتجار بالبشر.. ومهدد أمني مجتمعي كتهريب الخمور والمخدرات والأدوية المغشوشة وغيرها من المواد الضارة. وما نود أن نلقي بظلالنا عليه هنا مهددات الأمن المجتمعي، إذ لابد من الإشادة أولاً بالقوات النظامية، ونخص بها إدارة الجمارك على هذا الجهد المبذول للحد من ظاهرة تهريب المخدرات والخمور والأدوية المغشوشة. تقوم إدارة الجمارك بعمل واضح للحفاظ على سلامة وأمن المواطن، في ظل استشراء تجارة المخدرات والتهريب بالمواعين الكبيرة كالحاويات، وداخل شاحنات البضائع والأدوية الفاسدة ..وأخيراً النفايات المشعة التي أطلت برأسها كمهدد بيئي، وهذا العمل من الواضح أنه منظم ويتم بمهنية عالية، مما يدل على أن من خلفه أيادٍ خفية، لهذا لابد من الاهتمام بهذه الإدارة وتطوير قدراتها بالتدريب والتأهيل المستمر ومدها بالمعلومات اللوجستية والأجهزة المتطورة المساعدة. إن السودان مستهدف بسلاح العصر، وهو الانحلال الأخلاقي والتفسخ الاجتماعي، ولولا أن رجالاً شرفاء يتصدون لهذا الاستهداف لكان مالا يحمد عقباه. الأمثلة كثيرة على الأداء البطولي والوطني لضباط صف وجنود شرطة الجمارك في كشف العديد من المخالفات، التي لو قدر لها الدخول للبلاد لكان مردودها على الاقتصاد والشباب هداماً وكارثياً. يجب تحفيز الرجال الشرفاء الذين يقومون بإحباط محاولات التهريب عبر المعابر المختلفة، ويجب أن يكون التحفيز مجزياً بالترقيات الاستثنائية والمادية، وهنا نذكر قصة الرجل الذي ذهب للحج وبعد عودته أهدى هذا جلابية وهذا راديو وآخر عمة، ثم قدم لأحدهم مصحفاً فقال له الرجل كتاب الله عظيم ومقدر، لكن (الفيك عرفتها) يقصد أن المفروض أن يعطي حاجته. صحيح أن المواد التي يتم تهريبها ويتم ضبطها تقدر بالمليارات، ولكنها غالباً لا تدخل خزينة الدولة، لأنه تتم إبادتها فيجب أن يكون التقييم بقدر الضرر الذي تسببه والأذى الذي سيلحق بالمجتمع جرائها. كنا في جلسة تداولنا خلالها الأمثلة والنماذج التي أبلت بلاءً حسناً بإحباط محاولات التهريب فوجدنا مواقف تستحق أن تسطر بأحرف من نور، فهم أبناء السودان الذين يعملون بمهنية واحترافية عالية، ويخلصون في عملهم وتملأ جوانحهم بالإيمان بالله وحب الوطن رغم حاجتهم للمال، وقد يكون منهم من ترك أسرته دون مصروف اليوم للطعام والدواء، ورغم ذلك نفوسهم كبار ولا تغريهم المغريات ولا يبيعون نفوسهم للشيطان. نقترح إصدار نشرة سنوية بأسماء محبطي عمليات التهريب والمواد المهربة وقيمتها التقديرية، ويكرم هؤلاء الأبطال في احتفال سنوي تقدم فيه الهدايا والترقيات الوظيفية والشهادات التقديرية. ختم الحديث في الجلسة ابن وزير الخارجية الأسبق الأستاذ/هشام محجوب مكاوي مثمناً دور شرطة الجمارك مستدلاً بقول الشاعر: إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام حقاً هم شرفاء بلادي