المُتلاعبون بالأرواح!! صيدلي: بهذه الطريقة تم اكتشاف المضاد الحيوي المغشوش قانوني: العقوبات المُخفَّفة التي تُفرض على المخالفين تُغري غيرهم بالسير في ذات الطريق رئيس شعبة الصيادلة: أغلب الدواء المغشوش يدخل إلى البلاد في شكل تبرع مجاني من بعض الدول للمنظمات الخيرية ثم يتسرَّب ويُباع إلى الصيدليات رئيس اتحاد الصيادلة: (تجارة) الدواء رائجة ومُربحة ولذا فهي تغري (التجار) بالدخول فيها!! الخرطوم: ياسر الكردي-مشاعر أحمد بعد أن (تعايشت) معدة (المُستَهْلَك السوداني) مع السلع المغشوشة، ها هي تستعد لاستقبال الأدوية المغشوشة، هذا إنْ لم تكن قد استقبلتها حقيقةً قبل سنوات وسنوات، تلك ناحية؛ أما الأخرى فهي أنه حتى ولو كان (تسلُّل) هذه الأدوية يتم (من خلف الستور)، يبدو أنها الآن أصبحت (تتوهَّطُ) في أرفف الصيدليات عياناً بياناً، بدليل أن وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفسير مامون حميدة؛ بنفسه أقرَّ بوجود عدد من شركات أدوية غير ملتزمة بجودة وحفظ الأدوية ومراقبتها فضلاً عن وجود أدوية مغشوشة وأخرى منتهية الصلاحية، وذهب مسؤول الصحة بالولاية أبعد من ذلك حين قال: خلال تفتيش الوزارة ل"30" صيدلية بالخرطوم وُجِدَ أنَّ 40% من أدويتها منتهية الصلاحية وأخرى مغشوشة؛ ومع ذلك فهى متداولة في الصيدليات. قصص حقيقية مُرعبة (أ. ج) صيدلاني خبرته في المهنة تفوق الثلاثين عاماً ويملك ثلاث صيدليات بالعاصمة والولايات، قال لنا إنَّ القصص الدالة على (فوضى) الأدوية بالسودان لا تُحصى ولا تُعد، لكن سأسردُ لكم واحدة تُعبِّر عن (الحاصل) وهى أن علاج السامكسون (Samixon) – مضاد حيوي- يُصنَّع في الأردن وتحتكره شركة الحكمة، انتشرت منه كمية ضخمة في السوق، حيث استوردتها جهةٍ ما من دولة يُعتقد أنها الصين، وقد تم توزيعه بسعر زهيد جداً. يقول (أ.ج) : أنا واحد من الصيادلة الذين اشتروا هذا الدواء دون أن أعرف أنه (مغشوش)، وبالنسبة لرِخَص سعره فقد اعتقدتُ أنه دواء (مكسور) – أى يُباع بأقل من سعره الرسمي- لكن بعد فترة اتضح أنه دواء مغشوش بدليلين هما أن الأصلي فترة صلاحيته سنتان، أما المغشوش الذي انتشر في السوق فمكتوب عليه فترة الصلاحية ثلاث سنوات، وأيضاً كان هناك فرق بسيط جداً في الصندوق، وعندما تقدَّمت شركة الحكمة الجهة المحتكرة للدواء بشكوى لإدارة الصيدلة وقامت الجهات المختصة بعمليات تفتيش فاتضح أن (جهة ما!!) بولاية (شمالية!!) تمتلك كمية مهولة من هذا الدواء المغشوش، لكن رغم ذلك تم (لملمة) الموضوع!!. ضبطيات بالجُملة وقبل أن تنتهي التعليقات على حديث وزير الصحة بولاية الخرطوم الخاص بال(30) صيدلية بالخرطوم والتي وُجِدَ أنَّ 40% من أدويتها منتهية الصلاحية وأخرى مغشوشة؛ ومع ذلك فهى متداولة في الصيدليات؛ نعم قبل أن تنتهي التعليقات على هذا الخبر المُجلجل، أوردت بعض صحف الخميس خبراً آخر لا يقل خطورة عن الأول وهو أن مجموعة شركات كبرى تعمل في مجال الأدوية تورَّطت في أكبر عملية غش واحتيال، وذلك بترويجها لأدوية فاسدة ومنتهية الصلاحية وقامت بوضع ديباجات مزوَّرة عليها لإيهام الناس بأن هذه الأدوية صالحة لمدة عامين. (السوداني) سألت رئيس اتحاد الصيادلة د. صلاح إبراهيم عن حقيقة هذه المجموعة واسمها فقال: هى شركة واحدة وليست مجموعة، وإدارة الصيدلة بولاية الخرطوم قامت بإلغاء رخصتها وحرمانها من مزاولة نشاطها في السوق. وبسؤالنا له عن اسمها تحفَّظ رئيس اتحاد الصيادلة عن ذكر اسم الشركة، قائلاً يكفي أن الجهات المختصة قد ضبطتها وعاقبتها. وحسبما ورد في الأخبار فإنَّ وزير الصحة بالولاية قرر إبادة كل المضبوطات على أن تتحمل الشركة تكلفة الإبادة. لكن المُحيِّر في الأمر المدير الفني للشركة تم اخلاء سبيله وحرمان شركته من التسجيل داخل ولاية الخرطوم من تأريخه وإنذار نهائي بإلغاء الرخصة نهائياً، إلى جانب غرامة مالية قدرها 150 ألف جنيه تحصل أولاً قبل إعادة الرخصة. وبسؤالنا للمحامي أمين الحسين عن هذه الإجراءات قال ل(السوداني): إنَّ العقوبة الموقَّعة على الشركة بسيطة جداً مقارنة بالجريمة، فكيف تُنذر شركة تتلاعب بأرواح المواطنين؟ إذ يُفترض أن تُلغى الرخصة نهائياً بلا إنذار، ثم كيف يُخلى سبيل مدير الشركة رغم خطورة هذه الشركة؟ هذا يُغري الآخرين لممارسة ذات السلوك. وكأنَّ الأسبوع الماضي هو أسبوع الضبطيات فقد أوردت صحيفة الانتباهة أمس أن السلطات ضبطت أكبر مخالفة بأكبر المستشفيات الخاصة وهى رويال كير بضاحية بري، أثناء مداهمة مفاجئة حيث اتضح أنها تستخدم أدوية ومحاليل مختبرية منتهية الصلاحية في علاج المرضى. ما هو الدواء المغشوش؟ وعن الدواء المغشوش والمخاطر التي تقع على المستهلك (المريض) قال رئيس شعبة الصيادلة د. نصري مرقص: إن الدواء المغشوش هو الدواء المقلد أو مهرب لأنه لا يمر بمراحل الفحص والتقييم والفعالية والسلامة ويكون غير مسجل ولكن وجوده بحجم 40% من 30 صيدلية أمر مزعج ومجلس الأدوية والسموم قائم بدوره من تفتيش في الشركات والصيدليات والمخازن والمنظمات، ولكن الدواء المغشوش غالباً ما يدخل إلى البلاد في شكل تبرع مجاني من بعض الدول للمنظمات الخيرية التطوعية ويتسرب ويباع إلى الصيدليات بصورة أو بأخرى ومعظم المنظمات الخيرية أصبحت منظمات تجارية، وأضاف من الصعب على المواطن التفريق بين الدواء الأصلى والمغشوش نسبة للتشابة الشديد في العبوة والشكل ولكن في حالة الديباجة يكون مكتوباً عليها الدول المصنع إليها هنا يظهر الغش، ولكن هذا هو دور الصيادلة في التفريق، وعن مخاطره على المريض يقول مرقص: إن الدواء غير الفعال يتعاطاه المريض لفترة وهو على اعتقاد بالعلاج إلى أن يصل مرحلة خطيرة قد تصل إلى الموت، وأكثر الدول التي تقوم بتهريب الدواء هي الدول المجاورة والتي يكون فيها الدواء إما مدعوماً أو أقل سعراً، وأكد أن العاملين بالصيدليات أعينهم مفتوحة يراقبون باستمرار ويحرصون على محاربة الدواء المغشوش والمهرب أما الحالات الاستثنائية فهي لا تمثل ظاهرة في المهنة. ماذا يقول اتحاد الصيادلة؟ يقول رئيس اتحاد الصيادلة د. صلاح إبراهيم: إنَّ الغش في الدواء هو شيء عالمي وحتى الشركات العالمية صعب عليها محاربته كما أن معظم دول إفريقيا 70% من أدويتها مغشوشة لذلك هو ليس شيئاً مزعجاً ولكن نحاول أن نحد منه، كما أن هنالك قانوناً يحكم الصيادليات والشركات المستوردة والمصنعة كما أن أي شركة تغش أو تعبئ دواءً منتهي الصلاحية يتم سحب الرخص منها، وقال إن تجارة الدواء تجارة رائجة ومربحة فهي تغري التجار في الخوض فيها، وواصل في حديثه قائلاً: إنه يصعب التفريق بين الدواء الأصلي والمغشوش، ولكن هنالك رقم متسلسل معين لكل دواء يمكن أن يعرف به اسم الشركة المصنعة والدولة التي وصل إليها الدواء، ومعظم الشركات العالمية يصعب عليها التفريق بين أدويتها والأدوية المغشوشة، وغالبية الدول التي تهرب الأدوية تكون دول معبر فقط لا يصنع فيها الدواء، أما أكثر الدول المهربة فهي الآسيوية. وأكد د. إبراهيم أن هنالك مساعي لعمل شراكة بين اتحاد الصيادلة العرب واتحاد الصيادلة السوداني وإدارة الجمارك ووزارة الصحة للحد من الأدوية المغشوشة باستخدم التقنية. الجانب القانوني أما من الناحية القانونية في الغش عامة وفي الدواء بصفة خاصة وعن عقوبته والمواد التي تطرقت إلى ذلك يقول المحامي أحمد الطاهر: الغش هو إظهار الشيء في غير حقيقته.. هذا من ناحية لغوية أما المادة (84) من القانون الجنائي للعام 1991 تقول: إن من يغش دواءً أو مستحضراً طبياً بطريقة تقلل من مفعوله أو تغير من تأثيره أو تجعله ضاراً بالصحة قاصداً بيعه باعتباره سليماً أو يبيع أو يقدم أو يُعرض أي دواء بتلك الصفة بسوء قصد يكون ارتكب جريمة غش الأدوية والتعامل فيها ويعاقب بالسجن أو الغرامة أو بالعقوبتين معاً وأضاف الطاهر إلى حديثه قائلاً: إن قانون الأدوية والسموم للعام 2009 نص في المادة (37) على يعتبر أي دواء أو مستحضر صيدلاني أو مستلزم طبي أو مستحضر تجميل مغشوشاً إذا كان تم إنتاجه عمداً أو احتيالاً ليحتوي على كمية أقل من المادة أو المواد الفاعلة أو لا يحتوي على أي مادة أو مواد فاعلة.. لا يجوز تصنيع أو استيراد أو بيع أو عرضه للبيع أو توزيع أو تداول أي دواء أو مستحضر صيدلاني أو مستحضر تجميل مغشوش.. وكل من يخالف أحكام الأوامر واللوائح الصادرة بموجب هذا القانون يعاقب بالسجن لمدة لا تجاوز خمس سنوات أو الغرامة أو العقوبتين معاً.