الرسام الكاريكاتيري المبدع المغفور له بإذن الله عزالدين حباه الله سبحانه وتعالى أن يعالج بريشة الفنان ما تعجز مئات الكلمات أن تقوم به، وبأسلوب ساخر أخاذ . في أحد أعداد صحيفة من الصحف السياسية ،ولعلها الأيام رسم كاركاتيراً جسد فيه معاناة كثير من الناس، الذين توصد أبواب المسؤولين في وجوههم، ولعل ذلك الأمر ما انفك ملازماً حتى يومنا هذا ،فالمحليات التي ينبغي أن تكون قريبة من الناس أوصدت أبوابها ووضع عليها حراس شداد غلاظ يمنعون كل من يقترب منها على الرغم من أن كلمة محلية تعني ارتباطها بالناس. رسم عز الدين مكتباً لمدير من المديرين وضع فيه ببغاء بمكتب السكرتيرة ،وتم تحفيظ الببغاء عبارة واحدة يرددها كل ما دخل للمكتب وهي عبارة) عندو اجتماع) وكأنه أراد أن يريح السكرتيرة من عناء الإبلاغ عن اجتماعات المدير التي لا تنقطع. في مرة من المرات اتصلت بوزير من الوزراء فرد على السكرتير وكأنه ذلك الببغاء، سعادتو عندو اجتماع، قلت له معك وزير فلان رد قائلاً دقيقة سعادتك حتى أصلك به، قلت عقوا دعه يكمل اجتماعه فاحرج غاية الحرج ..فالأمر لا يقف عند الفعل الشفيع بل وفي تعليم من يعملون في هذه المكاتب الكذب وهو اشنع الخصال. متى يعرف المسؤول أن ما كلف به أمانة، وأنها يوم القيامة خزي وندامة، متى يعرف أن المواطن هو من الرعية التي استرعاها له الله كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. يضاف إلى ذلك خصلة هي من الخصال السيئة، والتي يرفض المسؤول فيها أن يرد على هاتفه لمواطن تقطعت به السبل، ماذا يضيره لو رد حتى لو كان رده كلمة طيبة تطيب خاطر صاحب الحاجة. كثير من المسؤولين لا يردون على هواتفهم ،بل وحينما يتصلون بمن يريدون تجد على شاشة التلفون (رقم خاص. ( المضحك المبكي أن المسؤول نفسه إذا وقف محدثاً تحدث عن عمر رضي الله عنه، وكيف كانت حياته، وكيف أنه كان يتفقد أحوال الناس ليلاً، فيبكي حينما يسمع صوت طفل يصرخ وقد بلغ به الجوع كل مبلغ، وكيف أن عمراً كان ينام تحت شجرة حتى راع صاحب كسرى، وراع صاحب كسرى إن رأى عمراً عطلا بين الرعية وهو راعيها. لا تكن كعمر ولن تكون، ولكن أفعل ولو جزءءاً يسيراً مما كان يفعله عمر حتى لا تعيش هذه الأمة على اجترار الماضي وتستلذ في خدر بما كان يفعله بشر، طبقوا ما تعلموه واقعا معاشاً فملكوا الدنيا من أدناها إلى أقصاها أو من أقصاها إلى أقصاها كما قال العقاد. وقف خطيب في إحدى مساجد كوستي ،وكنت حينها محافظاً لها.. فلها مني التحيات الزاكيات لأهلها الطيبين ،وقف يتحدث عن زهد عمر وعن خشونة ملبسه وغلظة طعامه ،فنظرت إليه فإذا هو يلبس جلباباً مما يعرف بالسكروتا وساعة رادو وينتعل مركوباً نمرياً فلم أزد على أن أقول سبحان الله. الذي لا يزهد ليس مطالباً بأن يتحدث عن الزهد والذي لا يصلي الفجر في المسجد في جماعة عليه أن يكتفي بالصمت. كثيرون لا يعلمون أن المسؤولية تكليف لا تشريف، وكثيرون لا يعلمون أنها زائلة أو ضل ضحى كما يقولون أو كرسي حلاق، فماأ ن يكلف أحدهم بمهام حتى يهتم بالسيارة والمكتب والحشم، وينسى الأمانه التي علقت على عنقه، وسرعان ما ينسى ماضيه والذي قد يكون في الأغلب بائساً ورحم الله المنفلوطي حين قال: عشت مع قوم يضربون بينهم وبين ماضيهم سداً لا تهدمه المعاول، فإذا اقتنى أحدهم غير بيته وسيارته وحتى زوجته فلا بد أن نختتم بعبارة سامية للأستاذ/ إسماعيل الحاج موسى لو دامت لغيرك لما آلت إليك. رئيس اللجنة الاولمبية السودانية