قبل أن استرسل في عنوان هذا المقال اسمحوا لي أن أتحدث عن عيد الأضحية لهذا العام، وهو أيضاً مرتبط بهذا العنوان. هذا العام اختفت الابتسامة من شفاه أطفال السودان خاصة أبناء المعاشيين وذوي الدخل المحدود، وبكوا مرتين.. من السرطان.. ومن عدم وجود الخروف، لأن الحكومة فتحت باب التصدير، وبالتالي ارتفاع أسعار الخراف، كل ذلك من أجل حفنة من الدولارات لتجار المؤتمر الوطني وأغنيائه الجدد، مما أدى إلى عزوف الغالبية عن شراء الخروف خاصة المعاشيين لأن المرتب لا يتجاوز المائة جنيه، وهذا المرتب لا يساوي ثمن «جدادة» ناهيك عن خروف، وعليه خرج أطفال هؤلاء إلى أحياء الخرطوم الراقية التي يذبح فيها رب الأسرة يومياً خروفاً له وآخر للزوجة، وخروفاً للأولاد، وخروفاً للبنات، وخروفاً للأطفال طيلة أيام العيد الخمسة، ذهب هؤلاء الأطفال ليستنشقوا رائحة الشواء ويعودوا والحسرة والأسف على وجوههم، حيث لم يعتادوا ذلك إلا في هذا العام وهم في حيرة من أمرهم، وبالسؤال يجيب الأب اسألوا المؤتمر الوطني، والمبكي حقاً أن غالبية عمال السكة حديد لم يصرفوا منحة العيد ولا المرتب المصدق به، في حين غادر المدير لأداء فريضة الحج.. بالله عليكم كيف يضحي هؤلاء؟ أما أداء فريضة الحج في عهد الإنقاذ صار مستحيلاً لارتفاع تكاليف الحج، وأن هناك مسميات بدأت على السطح وهذه بدعة من بدع الإنقاذ الحج الخاص، ولا أدري ما هي ميزة هذا الحج.. هل هناك حجز جناح خاص بجبل عرفات وأن السعي بين الصفا والمروة بالحصين، وأن رجم الشيطان بالنبلة ويا ويل الشيطان الذي يصيبه حجر نبلة، هناك الحج الجماعي أسوة بالزواج الجماعي كالوزراء والمستشارين ونواب الشعب، وهناك حج الأمراء والحج أيام الزمن الجميل كان بالمطوفين، ولكن في هذا العهد الحج بالأمراء ولا نعرف المعايير التي يتم بها الاختيار.. هل بالانتخاب أم بالشهادات؟.. واعتقد أن المعيار هو أن تكون مؤتمر وطني، ولا تقبل شهادة من الأزهر وألا يزيد العمر عن ثلاثين عاماً وليس بالضرورة أن تكون متفقهاً دينياً، وقريباً سوف تشاهدون أميرات الحج بنفس المواصفات، وهؤلاء يؤدون فريضة الحج دون تكاليف أو عناء، وبعد ذلك يصرف لكل منهم أربعة آلاف ريال ونصف نظير ما قاموا به لحجاج ولايتهم.. وعددهم يفوق الألف أمير، تخيلوا كم يكلف هؤلاء والذين ذكرتهم آنفاً (حج مجاني وبالطائرة السودانية لي رسولنا قوماك بي)، والمعاشيون وكل من له حق لا يجده، وكل ذلك على حساب المسكين محمد أحمد. وهناك من الأمراء من هم ثابتون في التشكيلة كما في الهلال والمريخ، يا هيئة الحج والعمرة راعوا لهذا الشعب، أوقفوا هذا أو اختاروا عدداً قليلاً.. وأن يكونوا من كبار السن ومتفقهين يعرفون شعائر الحج.. أو علموا الحجيج ولا داعي لأمراء الحج، وفي كل عام سوف تزيد تكاليف الحج وبالتالي يقل الحجاج، إلا الذين يرسل لهم أبناؤهم المغتربون، خفضوا مخصصات الوزراء والمستشارين ونواب الشعب لتوفروا قدراً بسيطاً من الإعاشة للفقراء والمساكين و(شر البلية ما يضحك).. إن أحد النواب طالب بزيادة المخصصات (في شنو؟) (ولي شنو؟) عشان تعرفوا أن النواب همهم أنفسهم ولا يهمون لمن انتخبوهم، وهناك من يتلذذون بعذاب الآخرين ولا ينفذون قرارات رئيس الجمهورية.. ارتفاع في الأسعار وإخفاء بعض السلع ومن كان يتوقع أن يصل كيلو العدس ثمانية جنيهات وهو وجبة المساكين، والآن تم فتح باب تصدير الذرة، وبالتالي سوف يرتفع سعر الجوال ويرتفع دخل التجار.. يعني ما في طريقة للكسرة، وعليه اقترح أن يقوم كل والي ولاية بالحج عن مواطني ولايته، ويكون بذلك كل الشعب السوداني حاجاً ونشوف بعد كده أمراء الحج يمشوا مع منو، كما أتوجه بهذا السؤال لهيئة علماء السودان الأجلاء وكل من له باع في أداء فريضة الحج أن يفتونا بنوعية هذا الحج المجاني لكل المسؤولين بالدولة، وهل يدفعون هذه التكاليف من حر مالهم.. أم على حساب الدولة. وإذا لا يجوز.. لماذا الصمت. عاش الشعب السوداني.. والعزة والمجد للسودان.. والشموخ لكل معاشيي السودان. القضارف السكة حديد- بالمعاش