نطوف في هذه المساحة اليوم مع شخصية أقل ما يمكن أن توصف بأنه رجل صريح أكثر مما يجب، لا يتهاون في تطبيق القانون على الكل دون محاباة لأحد، بلغ بسرعة فائقة مناصب تنفيذية رفيعة في الدولة، ولكن يبدو أن صراحتة الزائدة وتمليك أجهزة الإعلام ملفات لا ترغب الحكومة في كشفها لحساسيتها، جعلت الرجل يغادر أي موقع يتبوأه بعد فترة وجيزة، غاضباً أو مغضوباً عليه، مولانا أحمد أبو زيد ولد بقرية البادراب بجنوب كردفان، ينحدر من أسرة دينية تنتمي للطريقة التيجانية، درس المرحلة الوسطى بمنطقة كابشا ثم الثانوي بخور طقت، وتنقل في عدد من المواقع حيث عمل قاضي المحكمة العليا ورئيس الجهاز القضائي بولايتي غرب وشمال كردفان، ورئيساً لدائرة المحكمة العليا لولايات كردفان ودارفور، كما عمل بالجهاز القضائي، ثم وزير دولة بالعدل، وبحسب مقربين فإن أبو زيد غادر منصبه بوزارة العدل غاضباً، وفي حديث سابق له وصف مغادرته للوزارة بأنها أشبه بالاستغناء عنه، من أبرز المقربين للرجل رئيس القضاء الأسبق مولانا جلال الدين محمد عثمان. توتر علاقة العلاقة بين أبوزيد والمستشاريين القانونيين بالوزارة بدأت في التوتر عقب إعفائه من منصبه كوزير دولة بوزارة العدل في أعقاب صدور كشف تنقلات لمستشارين كبار بالوزارة، ليتم تعيينه بقرار رئاسي رئيساً لديوان الحسبة والمظالم، وظل يعمل في موقعه الجديد، مستنداً في منصبة الموكل إليه بمنطوق المادة (43) من الدستور الانتقالي لسنة 2005، والتي تم بموجبها إنشاء الديوان الذي يقع تحت مسؤولية رئيس الجمهورية والمجلس الوطني من قانون ديوان المظالم الصادر في العام 2015م، والتي أعطت الديوان سلطات التفتيش الإداري ومراجعة الإنجازات والاخفاقات التي تقع فيها المؤسسات، فالديوان يقوم بتفتيش المؤسسات، ومن ثم إعداد تقرير أولي يبعث به لهذه الجهات، وينتظر ردها على الملاحظات الورادة فيه، والمخالفات التي سجلت على المؤسسة لإعطائها فرصة للرد عليها وتبيانها. صراعات تشريعية أبو زيد الذي عاد إلى الأضواء مجدداً من خلال التقرير الأخير الذي قدمة بالبرلمان ووجه فيه انتقادات عنيفة لرفقاء الأمس في وزارة العدل، بسبب استلامها لقضية تجاوزات الحج بوصفها إدارية، وهي من اختصاص الديوان، كما فتح النيران على مديري مؤسسات حكومية ووزارات متهماً إياهم باستغلال سلطاتهم التقديرية وتجاوز القانون واختراق العدالة، وكشف عن صراعات تشريعية بين الوحدات الحكومية . اتهام متبادل وبالرغم من أن أبو زيد كشف عن تلقي مستشارين بوزارة العدل رواتب من جهات أخرى وطالبهم بردها، فهو نفسه لم يسلم من رائش الاتهامات، حيث اتهمته مصادر عدلية موثوقة بالعمل بمعايير مزدوجة لدى اتهامه مستشارين بالوزارة، لكن مصادر للصحيفة، قالت إن أبو زيد الذي شغل منصب وزير دولة بوزارة العدل العام الماضي، وتم إعفاؤه لا يزال يقود العربة "اللاندكروزر" التابعة للوزارة، وظل يصرف حصتها من الوقود لقرابة الخمسة أشهر، في حين أن ديوان العدالة يتبع لرئاسة الجمهورية، ومن المفترض أن يسلم أبو زيد العربة ويمتنع عن صرف حوافز وزير الدولة بوزارة العدل، بينما وصفت مصادر عدلية آخرى أبو زيد بأنه شخص خلافي ويميل للصراعات، ومضت إلى التأكيد على أن معظم تنقلات المستشاريين بوزارة العدل التي أجريت في فترة وزير العدل الحالي عوض الحسن النور كان لأبو زيد دور بارز فيها، وأشارت ذات المصادر إلى أن تنقلات المستشارين لم تكن لمصلحة عامة، ولا تخرج من كونها إنتقام من المجموعة المؤيدة لوزير العدل السابق مولانا بشارة دوسة. الحرص وتاكيداً منه على سرية عمله ذكر أبو زيد في حوار له نشر أمس بالزميلة (السوداني) أن حرصه الشديد على تأمين تقاريره التي يعدها، ومنعاً لتسربها أو إطلاع أي شخص عليها يحملها معه حتى عند دخوله الحمام.