حينما تشرفت بلقاء الأستاذ مصطفى أبو العزائم رئيس تحرير صحيفة «آخر لحظة» الغراء صديقة كل القراء، بهدف التعاون مع القائمين بأمر هذه الصحيفة المتميزة العطاء، كنتُ وما زلت أعطي اهتماما خاصاً لأمن وسلامة أفراد المجتمع وإثراء ثقافتهم الأمنية والوقائية لمواجهة التحديات والمستجدات في عالم الجريمة، وسلبيات أو سوء استخدام البعض لتقنيات العصر عصر التكنلوجيا والتطور المذهل في كافة المجالات.. واستميح القراء عذراً هذه المرة في أن اتطرق لموضوع هام يؤرقني كما يؤرق الكثيرين من أبناء الوطن الغالي، وأجد نفسي كمواطن غيور على بلده ووطنه وشعبه ألا وهو قضايا الوطن.. حيث أكتب عن هذا الموضوع ترجمة لما أحسسته ولمسته وأنا في حيرة كالملايين من أبناء الوطن الغالي. والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان متى سترتفع الأحزاب السودانية جميعاً لمستوى المسؤولية والأمانة الوطنية؟ متى سيرتفع المعنيون بأمر السياسة والأحزاب والمعارضة والحركات المسلحة وغير المسلحة لمستوى الأحداث؟ وما يدور في العالم لترسيخ مفاهيم الأمن والاستقرار وتأصيل وتفعيل أطر المحبة والتعاون؟ لماذا لا يرتفع الكل -أكررالكل- لمصلحة الوطن والمواطن المغلوب على أمره؟ سؤال هام يحتاج لدراسة وتفاكر وتشاور وإجابة في ظل ما يشهده سوداننا الحبيب من تحديات، وفي كل وقت تشهد فيه الكثير من دول العالم التقدم والتطور وتنعم بالأمن والأمان والاطمئنان، وتشهد المزيد من التآلف والتعاون والتواصل إلا نحن في بلد المليون ميل مربع، وأمره بسبب غياب الوعي الوطني والحس الأمني وعدم الاستفادة من مرارات التعصب والتفرق والتمزق وعدم التعلم من تجاربنا وتجارب الآخرين، فالكل مشغول بماذا؟ البعض مشغول بتصفية الحسابات الحزبية والشخصية وربما التاريخية والبعض الآخر مشغول بالأمن والبعض الآخر مشغول بما يفرق ويشتت، والبعض مشغول بسبب تحقيق مكاسب شخصية ضيقة أو تصفية حسابات لا دخل للمواطن المغلوب على أمره، والبعض يرفع شعارات للعامة وهو لا يؤمن بها في داخله وهي فقط لكسب ود الآخرين أو تعاونهم أو كيداً في آخرين.. وهناك العديد ممن يحملون هموم الوطن الحبيب ويعملون لفائدته واستقراره ونمائه وازدهاره، وهم كثر والحمد لله وهم موجودون في الحكومة وبعضهم في المعارضة، لأنه ليس من العدل أن تصنيف الكل بسوء النية أوتسمية الكل بالخونة أو الأعداء.. ولكن أفضل تسمية اختارها للجميع هي أن الكل يتشرف بالانتماء لهذا الوطن المعطاء.. الكل يتشرف بحق المواطن ويصيح بأعلى صوته أنا سوداني، والكل ولد وترعرع ونشأ على أرض هذا الوطن الحبيب الممتد شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً، وهمنا الأكبر نحن ملايين السودانيين بجميع كياناتنا وثقافاتنا ولهجاتنا وأحزابنا وأدياننا.. هذا الوطن همنا جميعاً.. السودان وأمنه واستقراره وازدهاره .. المواطن ينشد الاستقرار في زمن انعدم فيه الاستقرار، بما جنت أيدي البعض لأسباب كثيرة لا أود التطرق إليها ولا أعفي أحداً منها، لأن الإصرار والمناوشات والتحديات واستعراض العضلات والتراشق بالألفاظ والعبارات.. كلها لن تجزي ولن نجني منها غير المشاكل والمزيد من التوترات والمضايقات التي تدفع الآخرين للتدخل في الشؤون الداخلية، لارغبة في توفير الأمن لنا ولكن لمآرب أخرى ليست خافية، وفي كل الأحوال نحن من يعطيهم الفرصة.. كل الأطراف المعنية بموضوع أمن وسلامة واستقرار وازدهار. هم معنيون بسلامة هذا الوطن وسلامة المواطنين وجميع المقيمين معنا في الوطن الغالي.. فالسودان أمانة في أعناق من حملوا الرسالة والأمانة ممثله في جميع الأحزاب السودانية قديماً وحديثاً.. الكل معني ومسؤول عما يحدث وعلى الجميع تحكيم العقل والتمسك بالقيم النبيلة والأخلاق الحميدة والمثل الطيبة التي حبانا بها الله.. علينا أن نضع هذا الوطن في حدقات العيون، وأن ننسى الماضي البغيض وأن نرتفع لمستوى المسؤولية والتحديات، وأن نرعى بعقولنا قبل عواطفنا هذه الملايين من أبناء الوطن لأنها أمانة سيسأل عنها الجميع.. وللأسف الشديد الكثيرون مازالوا بعيدين عن هموم الوطن والمواطن ويركزون على ما يفرق ويمزق بين أبناء الوطن الواحد بدلاً عن التآلف والتعاطف ووضع الوطن الحبيب في حدقات العيون والجلوس معاً بكل وطنية وبكل إخلاص ومحبة للتشاور والتفاكر في هموم المواطن السوداني والوطن الغالي بمصداقية وعقلانية وهدوء بعيداً عن إملاءات الآخرين لماذا لايكون الحوارالوطني هو سببٌ للجلوس معاً على طاولة المفاوضات تحت مظلة الإخوة والمحبين ونناقش قضايانا.. نذكر ذلك ونحن نري السودان كلما خرج من معضله بإرادة سودانية وبدأ المواطن يتنفس الصعداء ويحلم بالنماء والعيش الكريم تفاجأ بمشكلة جديدة وتحدي جديد ومصيبة أكبر، وكأن السودان دون غيره موعود للأسف الشديد بعدم الاستقرار والحرمان وعدم الأمان.. إنها صرخة من القلب للجميع أن يراعوا الله سبحانه وتعالى، وأن يحكموا العقل ويضعوا أمن الوطن والمواطن على قمة أولوياتهم.. ولابد من احترام الرأى الآخر والدراسة الموضوعية لكل الخيارات للأفكار والاحتكام أولا وأخيرا لهذا الشعب ولابد أن يُحترم رأي الأغلبية وخيار الأغلبية لأنها وسيلتنا الوحيدة لرفع رايات الأمن والأمان والحرية والاستقرار، وبهذا الفهم.. ندعو الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع جميع الفرقاء من أبناء الوطن الغالي في الحكومة والمعارضة والإخوة حملة السلاح، وكل الخيرين من أبناء هذا الوطن الحبيب أن يخطوا خطوات إيجابية وفعالة نحو استقرار هذا الوطن وتنفيذ كل ما اتفق عليه وبأمانة موضوعية وشفافية وأن يحترم الجميع إرادة هذا الشعب الوفي الأمين والعمل على توفير الأمن والأمان والعيش الكريم لكل أبناء هذا الوطن في الجنوب والغرب والشرق والشمال، والوسط لأنها أمانة سيسأل عنها الجميع.. إنها دعوة لنبذ الفرقة والاحتكام إلى العقل والمنطق وإرداة المواطن بدون مجاملة أو محاباة أو إكراه.. ويجب أن نعي الدروس والعبر مما يحدث في بلدان أخرى بسبب التعنت والإصرار الخاطئ والعناد الذي لا مبرر له لابد أن تكون لدينا الشجاعة في حل مشاكلنا بهدوء وعقلانية وتفادي الحروب والنزاعات وأن نتعالى على الحساسيات وتصفية الحسابات.. وهذه رسالة مواطن يحترم الجميع ويناشد الجميع بحق الوطن الغالي وبحق كل المواطنين، ونرجو من الجميع بدون استثناء ونعني بهم جميع الأحزاب في الحكومة والمعارضة وحملة السلاح وجميع ألوان الطيف الحزبي في السودان لجمع الكلمة والشمل والاحتكام إلى العدل والعقلانية وحكم القانون والدستور واحترام وتنفيذ الاتفاقيات بعيداً عن المضايقات والمزيدات والحرص على ما يجمع ويرفع من شأن الوطن في عالم يتغير ولا يحترم لا الأقوياء وأن نضع نصب أعيننا أهمية احترام إرادة المواطن ورغبته واختياره تاكيداً لروح الديمقراطية والتزاماً بما اتفق عليه على أن يكون ذلك كله بشفافيه وصدق وتنازلات مشتركة بدون تدخلات أو إملاءات أو إغراءات أو تهديدات أو مشاكسات، لأن المهم هو التواصل والتعاون واستمرار العلاقة الطيبة والإلفة والمحبة والاخوة والمعاملة، وأن ينعم الجميع بالأمن والأمان والسلام والله يحفظ الجميع.