كلام السياسة كتير، و(المُزازاة) مع ناس الحكومة تجيب الفَقُر.. الصبر حار، والصيام في هذا الزّمن الشين، أفضل لصاحِب الرُّخصة من شرابه للعصير البارد.. الصيام ما صعيب على السودانيين..الصعيب الميز.. ميز رمضان، من حلو مُر، وبليلة وعصيدة، وجبنة، وكهرباء، وسحور. الصعيب، من بعد رمضان حاجيات العيد.. صعيبة على المساكين، الشغالين في الحرّ والهجير. رمضان السنة دي، جانا في قلّاية، لكنه يأتي دائماً، ببركاتو وبي خيراتو.. رمضان اختبار، وفرحة العيد مقسّمة زي الرّيدة.. الصّبُر قاسي و المحبّة مثل ضُل الرقراق، مثل نارٍ في الجوف.. المحبة زي نار القصب، تبوبي وتهمُد، والله كريم على عِيالو. رمضان ما مُشكلة أبداً، المشكلة في قطعة الكهرباء. المشكلة هي أن تصوم الشهر الفضيل في زمناً شين.. الصيام هيِّن على شغيلة العرق الحلال، لأنهم اعتادوا على البطن التّفوفي.. هؤلاء يتقلّبون يومياً (فوق جمراً تهِبو الرِّيح).. ما في زول في دنيا الأُخوان البطالة دي، بيأكل ثلاث وجبات زي أيام زمان.. قلّ المنام والابتسام، وقلّت المآكل والمشارِب، والكهارِب.. رمضان ساهل، لكن أمر الشاي صعيب.. قريّفة الشاي صعيبة في اليوم الأول والتاني.. صعيبة على الغالب والمغلوب، على الحاكم والمحكوم، على المُفلِّس والمتعافي، فهُم جميعاً، في قريّفة الشاي سواء..! الكلام في الشاهي كتير.. في دارفور لم يزل البرامكة يتغنون لشجرة الشاي.. (يوم زرعوها، ما في سوداني حاضر، والبيشرب شاييها يقرْيِّف لي باكِر)..! شجرة الشاي عند البرامكة كأنها شجرة الخُلد المُشار إليها في مُحكم التنزيل.. كأنها زُرِعت منذ الأبد لتكون مدار الكأس في مجلسهم.. ومنذ الأبد، توارث أبناء آدم الكيد.. منذ الأبد وقعوا في الكَبَدْ: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) صدق الله العظيم. قال عمر ود الكيك، عن الشاي إنه (سِمّاً لا بِيشبِّع الجيعان، ولا بِسمِّن الباطِن). وقال عبد الرحيم البرمكي في وصف مجلس شرابه : (الكفتيرة كُمُندان، والكبابي عساكِر، وبينهم خط أحمر متواصِل)، ومن المأثورات عند برامكة دارفور، أن (الشاهي بلا قِرفة، زي السلام بلا عِرفة)، أمّا علي ود صالح ود مُحمّد ود داربيّ، فقد قال في مدح الشاي، أنّه يشبه سبعة، ويشربوهو سبعة: (إنت يا الشاهي.. يَشْربك يوغندي.. بالطيّارة جايبِنّا.. ويَشْربك تاجِر.. في دكّانو قَافلِنّا.. ويَشْربك تشّاشِي بالصِنَج رافعِنّا.. ويَشْربك حاكم.. مال السُلَط ماكلِنّا.. ويشربك عالِم.. وحتى العلِم وراثِنّا.. ويشربك البِمشي بأصابع الجِنّا.. ويشربك واحد لامِن يَصفِّر سِنّا)..! وقال برمكي آخر: (إنت يا الشاي، حرام على تلاتة، وحلال على تلاتة.. حرام على الزول الراّقِد وما بيفتِّش على قوت عِيالا، وعلى المقدود سِروالا، وعلى الناس المابعرفو شرباتا.. الراقد في الضل لا يحترم الشاهي، ويخلطو بموية المريسة.. والمقدود سِروالا، ينقعو في الحرّاية.. والنّاس الما بِعرفو شرباتا، هم العِيال والناس الما عِندهم كيف.. هم الكمكلية الذين ما قدروا الشاي حق قدره.. لذلك يجب إلّا يُدفنوا في مقابر المسلمين.. وإنت يا الشاي، حلال على تلاتة.. حلال علي زولاً بَاعا أي اشتراه بي بنات بقراتا.. وحلال على زولاً حشَّ من البِلدات، وقيَّل في قِعير شِدراتا.. وحلال علي زول بيعرف شرْباتا).. في النهاية، (الدُّنيا كيف كيف، ما تعرِف)..! (الدُّنيا حنْضَلاية، بطُنها مُرّة.. زولاً تَقوقِي، وزولاً تَجُرّه)..! إنها الغرّارة الغدّارة.. إن استحلت فقد تفور بصاحبها، وإن عصلجت تنفتح على أشياء لم تكُن في الحسبان، ودوام الحال من المُحال.. الدنيا دوّارة، تشيل منّك، ومرّة تديك..! مرّة تقبِّل عليك، ومرّة تحرِن وتقيف دووت، ومرّات تدّيك ضهرها..! الدينا (تَقوقِي) لي ناس، و(تجُر) ناس تانين إلى الوراء..! الدُّنيا دار الغِش.. أصْبِر على أحوالها ولا تكن مثل صاحب المقاعِد الثلاثة، الذي كان يتأفف على أهل السودان في القصر، وفي البرلمان، وفي ناديه الكاثوليكي..! (دُنيا فَرنْدفَسْ، درْدِقي بِشيشْ)..!