حصرتُ الأمثال الشعبية عندنا - والتي تتحدث عن الكرم والبخل وإطعام الطعام والإقلال والشره - فوجدتها تفوق مائة مثل.. وأول الأمثال طرافة.. تأكل أكل السوسة والعافية مدسوسة، وتمر الفكي الشايله ومشتهيه، ولاقيني ولا تغديني ونظيره بليلة مباشر ولا ذبيحة مكاشر، يليه المثل الظريف.. بصلة المحب خروف.. أما عن الجود فأجمل الأمثال فيه الجود بالموجود، والكريم لايضام وهو فصيح وشعبي، والفقراء إتقاسموا النبقة والنفوس لو تطايبت العنقريب يشيل مية «مائة».. والكريم عطاي والكريم ليهو رب أما الإحسان تلقاه قدام.. والحث على الكرم وسترة الحال أحسن الأمثال فيها اتدينوا واتبينوا، والأصل معروف والدين في الكتوف، والسترة والفضيحة متباريات، وعيب الزاد ولا عيب سيده، والفرق بين المديدة والعصيدة كمشة دقيق.. أما الغني الميسور البخيل فتروى عنه الحكايات فيقال المال مال جن، والمال بي سيدو، والزول حراس نعمة وقد يوصف بأنه قيحة والقيح هو «المِدة» وما يخرج من الجروح من صديد.. وهذا تمثيل بشع للبخل والبخيل، أما أظرف تعبير عن البخيل الذي لا يصرف حتى على أقرب ذوي قرباه كوالديه وشقيقاته المحتاجات ويكون إنفاقه فقط داخل بيته فيطلق عليه الأهل في الشمال تعبيرهم البليغ «الزول داب حماره».. وحماره هنا تعني امرأته وأطفاله وحماره.. ولا غير... لا زكاة لا كرم لا أداء واجب.. فإنفاقه لا يتجاوز بعد المرأة.. حماره.. حدوده خارج سور المنزل زريبة الحمار.. أما ناكر الجميل الذي تطعمه ويعض يدك.. فله مثل تأكل خيرنا وتشكر غيرنا.. ولكن البعض لا يكترث لمآلات عمل الخير.. ولا يريد جزاءً ولا شكوراً على إحسانه.. فيقول لك اعمل الخير وارميه البحر يرجاك قدام.. فاليد العليا خير من اليد السفلى.. هذا على نطاق الأمثال وما أكثرها.. أما القصص الشعبي الذي يفسر ويترجم هذه الأمثال فيحتاج إلى صفحات وصفحات.. وربما أُتيحت الفرصة لنتسامر حول أمثالنا الشعبية الخالدة، وعلى كل الموضوع حمدو في بطنو.. أو قل «حمده في بطنه».