حزنت والله ووالي الخرطوم يقول لا توجد شركة سودانية مؤهلة لتتولى مسؤولية نظافة الخرطوم.. أهلنا زمان كانوا يسردون أمامنا قصص الماضي عن خرطوم الستينيات والتي كانت تُغسل شوارعها ليلاً بالماء والصابون وتتعهدها البلدية بالحفاظ على الحدائق والميادين الخضراء عنواناً للجمال والنظافة والرقي. وهذا ما تتميز به العواصم عن المدن والمدن عن القرى والأخيرة عن «الحلال والفرقان». الخرطوم الآن أقرب «للفرقان» من الأحياء المخططة والنظيفة «فحقوا» يغيروا العناوين «دي» فبدلاً من أن نقول مدينة الرياض أو حي أبوروف نقول «فريق» الرياض وفريق بانت وهكذا.. والبديل المتاح أمام الولاية هو البحث عن شركات أجنبية تجي «تنظفنا» وتعلمنا كيف نشيل «الوسخ» و«القرف» من أمام بيوتنا ومن حياتنا «كمان». والي الخرطوم الفريق عبد الرحيم محمد حسين أورد أمثلة من هذا النوع في حفل الإفطار الذي أقامه أمس لعدد كبير من الصحفيين بداره, قال إنهم قاموا بتأهيل أربع شركات سودانية, وبعد التجربة والبرهان في محلية الخرطوم لم تقدم الشركات شيئاً في ملف النظافة.. فقد كانت تطرق الأبواب تطلب الرسوم من المواطنين قبل الخدمة. نقاش أمس لم يخرج من الحلم الكبير والقديم في أن نرى الخرطوم كالعروس في ليلة زفافها كاملة الأناقة والجمال. تحدث الأساتذة محمد عبد القادر والطاهر ساتي وحسين خوجلي وآخرون بل إن «الحسين» طالب بترك الخرطوم التي أصبحت حقتنا كلنا، مثلها مثل كردفان أو دارفور او الجزيرة والشمالية و ننتقل منها (لنيو خرطوم) عاصمة رشيقة ونظيفة يفخر بها السودانيون أمام الزوار والضيوف. ما خرجنا به -ونعرفه- أن مشاكل الخرطوم أكبر من ولاية وهي بحجم دولة.. عدد تلاميذ الخرطوم في المراحل الصغرى إضافة لطلاب الجامعات يتجاوز ال2 مليون مواطن, وهذا الرقم ربما يعادل سكان ثلاثة ولايات مجتمعة هي نهر النيل والشمالية وواحدة من ولايات الشرق. الخرطوم وصلت مرحلة الاختناق وهي ليست الحلم الجميل الذي ننشده ولكنها أفضل «السيئين» بين مدن السودان الأخرى في حياتنا المعاصرة. كل هذه المشكلات الحياتية و اليومية والتي تعيشها الخرطوم اليوم هي «قمة جبل الجليد» أما القاعدة فهي عجز الدولة التام في القضاء على أسباب الحروب والنزاعات وحل قضية الحكم المستدام بتداول السلطة عبر الانتخاب الحر والمباشر.