له تجربة فنية ثرة ومتفردة أسهم بصورة واضحة في تشكيل الوجدان السوداني عبر آلة الطمبور, وأقل مايمكن وصفه أنه رجل متعدد المواهب فهو شاعر وملحن ومطرب متمكن لايشق له غبار ويعد واحداً من أعمدة أغنية الطمبور الفنان عيسى أحمد محمد أحمد الأمين الشهير بعيسى بروي نشأ وترعرع بجزيرة شيري ينحدر من أسرة متصوفه, ترجع جذوره لقبيلة المناصير، متزوج وأب لعدد من الأبناء. النشأة: جزيرة شيري ربما لم تكن تعلم أنها ستنجب فناناً بهذه الروعة صاحب أداء متفرد ومهارة عالية مكنته أن يولد في الساحة الفنية عملاقاً بأسنانه ، أطلق الفنان عيسى صرخته الأولى في العام 1953م بجزيرة شيري التي ترعرع فيها و درس بها كل مراحله الدراسية، ورحل منها إلى المناصير الجديده القرية خمسه بعد قيام سد مروي، والده رجل متصوف. لم يكن الفن والإبداع شيء غريب بالنسبة لعيسى فقد نشأ في كنف أسرة فنية حيث كان شقيقه محمد بروي شاعراً حيث شكل معه ثنائية رائعة ، وله رصيد وافر من الأغنيات تصل نحو 400 أغنية عمالقة الفن: عندما ولج عيسى بروي للساحة الفنية في مطلع ثمانينات القرن الماضي عقب إجازة صوته في الإذاعة عام 1979م وجد أن الساحة الفنية تذخر بعمالقة أغنية الطمبور ولا مجال لاستمرار شخص ليس له ملكة فنية, فالساحة كان بها النعام آدم ، صديق أحمد ، محمد كرم الله ، محمد جبارة . تعامل عيسى مع عدد من الشعراء على رأسهم الشاعر محمد سعيد دفع الله, السر عثمان الطيب، حسن محمد بخيت الشهير (بحسن الدابي) والأستاذ أحمد الحامدابي وشقيقه الأصغر محمد بروي. التأثر بالنعام: عيسى تأثر كثيراً بفنان الطنبور الراحل (النعام آدم ), وعندما عزم الدخول لعالم الفن تعلم العزف على الطنبور أولاً أجاده فى السبعينيات وقد كان ذلك تحديداً في الكاب إذ أن عيسى بروى كان يعمل بهيئة السكة حديد الأمر الذي أتاح له التنقل لظروف العمل فطاف بعض المدن منها بورتسودان ومدني والخرطوم. أبرز أعماله: أول أغنياته والتي كانت من كلماته وألحانه يقول مطلعها يا إلهى أكون سعيد وأمشى في شيري وألحق العيد ويقدر إنتاج عيسى الفني بحوالي400 أغنية خاصة من أجملها أغنية الجدي والتي تقول كلماتها : الجدي الدابك رضيع مالي بي ريدك داير أضيع يا أب طبيعاً حالي وديع أنت راقي وذوقك رفيع وجيهك قمراً دابو إسيبيع صافي غير تدليك وتلميع يا الهواك أصبح لي طبيع وفي غرامك يشري ويبيع ومن الأغنيات الجميلة أيضاً أغنية (بيوت الطين القديمي) والتي كتب كلماتها الشاعر أحمد سيد أحمد بلول ويقول مطلعها بلاد الريد والمحنة بيوت الطين القديمي سلام عليك يعم يطوفك يحلق في سماكي ديمي فنان الشباب: عيسى بروي تغنى للشباب والطلاب والمعاقين والشهداء والمزارعين والزكاة ، حيث ناقش قضايا اجتماعية ملحة كان اشهرها أغنية (أمونة بت الشيخ حمد) وتناول ايضاً قضايا تهم مجتمعه مثل قضية سد مروي التي حينما تغنى لها اعتدى عليه أحد الأشخاص المتهورين وأحدث له شرخاً صحياً كبيراً، لكنه تعافى بعد فترة ولسماحة نفسه الطيبة عفى عنه تماماً، بعدها واصل عطاءه الفني بصورة أقل من الأول معطياً اهتماما اكبر لقضايا المعاقين الذي أصبح بحكم القدر ينتمي إليهم. تغنى الكثير من فناني الغناء الحديث بأغنياته الخالدة مثل (أنا اه اشتقت ليك، وليك أسبوعين ما جيت وغيرها(. الصوت الحنون ويقول أحد أصدقائه توفيف الطيب إن الفنان عيسى، صديق عزيز وأخ كريم التقيته في مطلع الثمانينات عندما ولد في الساحة الفنية عملاقاً باسنانه . وظهر في ظروف لم يكن من الممكن الاستمرار فيها بدون مقومات فنية معتبرة ويمضي توفيق قائلاً جاء عيسى وهو يغني من أشعار أخيه الرائع الوديع السهل اللطيف محمد بروي وعند الحاجة كان يترنم بأشعاره وألحانه، بإيقاع شايقي لم تستخدمه الشايقية إيقاع سريع خارج عن المألوف ورغم أن الناس بطبعهم مقاومون للتغيير إلا أنهم ,وعلى غيرالمتوقع ، قد استجابوا بنفس الدرجة من السرعة لهذه السرعة المفرطة ويضيف توفيف كان عيسى لا يفارقنا حينما كنا نقيم القوافل الثقافية في المنطقة وكان يأتينا في الخرطوم ويقدم الروائع من أغانيه تحت دهشة الجميع . فقد تفرد عيسى بصوت متميز حنون على ما فيه من بعض غلظة، وتفرد أيضاً بأسلوب الأداء الذي يدفعك للطرب دفعاً ويرقص القلب ويرهق الروح. الرحيل: الموت غيب الفنان عيسى بروي فجر أمس إثر علة لم تمهله طويلاً وشيع جثمان فقيد البلاد إلى مثواه الأخير بمقابر القرية بالمناصير الجديدة.