أحبائي الشباب، قبل أن أكتب أليكم أعرفكم بشخصي، معكم البروفيسور دكتور القمص فيلوثاوس فرج السفير العالمي للسلام، كاهن كنيسة الشهيدين، وأنا شاب مثلكم رغم أن عمري يزيد عن السبعين عاماً. أحبائي كنت أفكر أولاً أن أكتب إلى شباب وطني السودان، ورأيت من الأفضل أن أتحدث إلى شباب العالم لأنه عالمي، وقد أصبح قرية صغيرة.. أنتم الشباب ذكركم الكتاب المقدس بكل افتخار، حيث يقول سليمان الحكيم: أذكر خالقك في أيام شبابك قبل أن تأتي أيام الشر أو تجئ السنون إذ تقول ليس لي فيها سرور (جامعة 12: 1)، ويقول أيضاً كسهام بيد جبار هكذا أبناء الشبيبة (مزامير 127: 4). وأيضاً فخر الشباب قوتهم (أمثال 20 :29). أحبائي الشباب، في زمان الكتاب المقدس لم يكن العالم قد عرف المخدرات بعد، ولكن الكتاب ذكر كثيراً عن الخمر وتحريم الخمر، وما قيل عن الخمر ينطبق على المخدرات، فالخمر تذهب بالعقل وتفقد الإنسان كرامته وهكذا المخدرات تفعل نفس الشيء ، وهنا نقرأ آيات مقدسة عن الخمر وأنت تطبق هذه الآيات على المخدرات وهذه بعض الآيات: -الخمر مستهزئة، والمسكر عجاج ، ومن يترنح بهما ليس بحكيم ) أمثال 20: 1(. 2-لا تكن بين شربي الخمر ، بين المُتلفين أجسادهم )أمثال 23 :20 ( 3-لا تنظر إلى الخمر إذا إحمرت حين تظهر حبابها في الكأس ، وساغت مرقرقة ، في الآخر تلسع كالحية ، وتلدغ كالافعوان (أمثال 23 :31،32). 4-أشعياء العبرانى الشاعر يقول : ويل للمبكرين صباحاً يتبعون المسكر ، للمتأخرين في العتمة تلهبهم الخمر(أشعياء 5: 11)، وفي موضع آخر يقول : ولكن هؤلاء أيضاً ضلوا بالخمر وتاهوا بالمسكر (أشعياء 28 :7)، وأكتفي فقط بهذه الآيات وأقول إذا كانت الخمر مستهزئة، فالمخدرات تهزأ بنا وبقيمنا وصحة شبابنا، إذا كانت الخمر تجعل الناس يترنحون بها فإن المخدرات تذهب بهم إلى عالم الذهول، وإذا كانت الخمر تبدو مرقرقة وجميلة هكذا المخدرات في بدايتها ولكنها في الآخر تلسع كالحية ، وتقضي على من يستعملها وتقوده إلى هوة لا قرار لها . يا شباب العالم، أنتم لله، أنتم رعية الله المقدسة، ولقد كرم الله الإنسان بأن جعل جسده هذا مسكناً له، وهذه دعوة بولس الرسول فيلسوف المسيحية الذي يقول : أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي من الله (كورنثوس الأول 6 :19)، وإذا كنت عزيزي هيكلا لله فمن يفسد هيكل الله ماذا يحدث له ، إنك عزيزي الشباب مستودع طاهر للقيم النبيلة والفضائل الجميلة، وإذا كان الله بروحه القدس ساكن فيك ، فهل ترغب أن تطرده، من غير الممكن أن تكون المخدرات في داخل جسد فيه روح الله. أحبائي الشباب ..كيف ننجو نحن إن أهملنا خطراً هذا مقداره ؟ خطر يقلب موازين الحياة، ويتلاعب بالهرم السكاني حيث يموت الشباب ضحايا للمخدرات، ويصبح العالم ممتلئاً بكبار السن الذين ليس في قدرتهم إدارة الحياة، ونحن الآباء نعيش وأملنا عندما نفارق الدنيا أن يتعهدنا أبناؤنا، ويسترون أجسادنا ويحيون ذكرنا، ويعملون الخير باسمائنا، ولكن المخدرات تجلجل الهرم السكاني، وبدلاً من أن يسترنا الشباب بعد رحلة العمر، يذهبون هم قبلنا وهذا مكمن الخطر ، من يعيش في شر المخدرات تنتهي حياته بالموت، أو تجعله بقايا إنسان، ونحن نعلم أن السيد المسيح هو ابن الإنسان، والذي رد إلى الإنسان كرامته، أن الأديب العربي عباس العقاد كان معجباً جداً بالمسيح ابن الإنسان ، وأحصى المرات التى ذكر فيها هذا التعبير في الكتاب المقدس. اختتم بأن أذكر لكم قصة أبراهيم أبو الموحدين لقد كان رجلاً غنياً جداً ولم يكن له ابن يرث هذه البركات، وأعطاه الرب نسلاً وولد ولداً، ولكن في صباح يوم سمع صوت الرب يقول له : أبراهيم أبراهيم خذ أبنك وحيدك وحبيبك وقدمه لي محرقة ذبيحة ، اطاع أبراهيم ولكنه كان يبكي، هل ابنه الذي يرثه يموت قبل موته؟ ولقد كان هذا امتحان إيمان ونجح إبراهيم في هذا وهنا جاء كبش الفداء . يا شباب العالم أتحدوا ضد المخدرات، إنها وهم كبير ، والمخدرات خطر خطير ومن يحياها يضل عن الإيمان ويطعن نفسه بأوجاع كثيرة ، الرب يحرس شبابكم وصحتكم وقوتكم ويبارك حياتكم أمين.