تصريحات متضاربة ومربكة ظل يطلقها قادة في الحكومة والمعارضة عن قرب التسوية السياسية بالبلاد، ففي الوقت الذي أكد فيه مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود بتوقيع 99% من قوى المعارضة الرافضة للحوار الوطني مع الحكومة على خارطة الطريق الإفريقية في الأيام المقبلة، تواثقت قوى نداء السودان المجتمعة بأديس أبابا على عدم التوقيع على الخارطة، بيد أن إبراهيم محمود قال إن الحكومة كانت تتمنى أن يوقع المعارضون بإرادتهم، ما يعني أن ضغوطاً تمارس على الممانعين وتدفعهم دفعاً تجاه التسوية، خاصة وأن محمود هدد بتصنيف تلك القوى باعتبارها إرهابية حال رفضت التوقيع . أوباما على الخط حديث محمود عن التسوية يسنده قول المقرب من دوائر صنع القرار الأمريكي القيادي بحزب الأمة مبارك الفاضل خلال استضافته بخيمة الصحفيين أمس الأول عن مشروع تسوية سياسية بالبلاد عبر تحركات أمريكية من أجل تحقيق السلام في السودان خلال ستة أشهر قبل نهاية فترة ولاية حكم باراك أوباما على الولاياتالمتحدةالامريكية، وكشف مبارك عن لقاء جمع مسؤولين أمريكان بمسؤولين حكوميين وعدت فيه أمريكا برفع العقوبات وإزالة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب في حال نجح السودانيون في تحقيق الاتفاق بينهم . ونقل موقع الجزيرة نت أمس مطالبات للمبعوث الأمريكي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث لقوى المعارضة السودانية خلال اجتماع جمعه بها بأديس أبابا أمس بالموافقة على خارطة الطريق بناء على مفهوم (يكون في شكل ملحق يحوي رؤية المعارضة السودانية وكشف بوث أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مهتم بتحقيق انجازات في ملف السلام حول العالم قبل نهاية ولايته العام الجاري. رمال متحركة ومن المتنظر أن تدفع قوى نداء السودان برد مكتوب لدى المبعوث الأمريكي بعدما قررت خلال اجتماعها أن الحوار الذي جرى في الخرطوم ليس ما تدعو إليه، وإنما تدعو إلى حوار شامل يسبقه اجتماع تحضيري يناقش الإجراءات وشروط تهيئة المناخ، لكن المبعوث الأمريكي يسعى إلى حمل المعارضة على التوقيع على خارطة الطريق، ومن المتوقع أن تمارس الولاياتالمتحدةالأمريكية ضغوطاً على قوى المعارضة، وتدفعها إلى التوقيع، لكن فإنه يصعب على المراقبين التكهن بما ستؤول إليه الأمور في ظل الرمال المتحركة في أديس أباباوالخرطوم، والتي ربما تنجح المساعي الامريكية من رصف الطريق أمام التسوية من حجارة تعنت القوى السياسية والمعارضة، حتى تصل عبرها إلى القصر الجمهوري . جدية أمريكا المحلل السياسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم البروفسير حسن الساعوري رهن نجاح المساعي الأمريكية لتحقيق السلام في السودان بجدية أمريكا نفسها في تحقيق التسوية السياسية، وقال إن الأمر لايخرج من احتمالين: الأول: إذا كانت واشنطن جادة في الضغط على المعارضة السودانية للوصول إلى تسوية مع الحكومة، أم أنها تناور كعادتها، وأضاف إذا كانت أمريكا جادة في مسعاها فهذا يعني أنها سترفع يدها عن دعم المعارضة، وبالتالي ستفقد المعارضة نصيراً كبيراً، وأما إذا كانت أمريكا تناور فقط فمن الطبيعي أن المساعي لن تنجح، ويرجح الساعوري جدية أمريكا هذه المرة، لجهة أن المعارضة فشلت في إسقاط النظام عبر كافة السبل، سواء أكانت العسكرية أو عبر الانتفاضة الشعبية، وبالتالي اتجهت واشنطن إلى خيار التسوية السياسية بين المعارضة والنظام . هوة متسعة لكن يبدو أن الهوة بين الحكومة والمعارضة من الاتساع بمكان، ما يصعب على الوساطة الافريقية والمبعوث الأمريكي ردمها، لا سيما وأن المعارضة لازالت تتمسك بالشروط التي وضعتها مسبقاً للدخول في حوار مباشر مع الحكومة، في وقت لازالت الحكومة ترفض هذه الشروط لاسيما الشرط المتعلق بعقد مؤتمر تحضيري يمهد لإجراء حوار شامل تشارك فيه كافة القوى السياسية، وتعتبر الحكومة أن حوارها مع القوى المعارضة ينحصر في اقناعها لللالتحاق بالحوار الوطني المقام بالداخل قبل انعقاد الجمعية العمومية، ويظهر ذلك من خلال تصريحات إبراهيم محمود أمس الأول بقوله: إن تأخير انعقاد الجمعية العمومية يهدف إلى إتاحة الفرصة للمانعيين للالتحاق بالحوار الوطني، خاصة وأن بعض القادة كانت تصريحاتهم ايجابية تجاه مخرجات الحوار بعد الاضطلاع عليها، واعترفوا بمطابقتها لاجندة المعارضة، الأمر الذي ربما يصعب مهمة بوث، بيد أن الرجل أكد أن أوباما يصر على تحقيق إنجاز ملفات سلام حول العالم قبل نهاية ولايته .