بداية لابد من هذه الرمية.. نحن منذ أن رأينا النور.. فينا من أتولد اتحادياً أو حزب أمة- قومي وأن السادة آل الميرغني وآل المهدي هم سادتنا ورموزنا الذين جثموا على صدورنا قبل الاستقلال وبعده.. وأن الحزبين قد استطاعا حكم البلاد فترات من عمر الزمان متقطعة، ألا أنها لم تكن مقنعة بل هي مراحل هشة وبلا شك أن جماهيرية الحزبين تمثلان السواد الأعظم من أهل السودان، وأن جماهيرهما يمثلان الوسطية في أسمى معانيها.. وبلا شك أن حكم العسكر منذ عبود ونمير وسوار الدهب وإنتهاء بالبشير يمثلون حلقة شريرة ضاعت وتاهت فيها الديمقراطية التي ينادي بها الحزبان.. وهذا ما جعل الحزبين، وقد يكون لأسباب موضعية بعض الشيء افتقارها للمؤسسات التنظيمية وممارسة الديمقراطية في أروقة الحزبين، مما شكل خللاً وتناقضاً ظهر بوضوح وجلياً في عهد الانقاذ، ونراه بوضوح بمشاركة ولي العهد الصادق المهدي، اللواء عبد الرحمن الصادق المهدي في الإنقاذ في وظيفة سيادية مساعد لرئيس الجمهورية... أما الطرف الثاني الاتحاد الأصل.. فنجد أنه شارك في الحكومة بوزراء وبمنصب مساعد أول لرئيس الجمهورية شغله أبناء مولانا الصادق – الحسن.. قد قال البعض إن هناك فلسفة للحزبين للمشاركة بولي عهدهما مبنية على نظرية التعلم لفنون الحكم بالممارسة الفعلية.. أي بالاستعداد الجيد لتولي مقاليد الحكم في المستقبل بعد أن يكون قد كسبوا خبرة.. هذه النظرية تعكس فلسفة ورؤى السيد بن محمد عثمان والصادق، وخاصة وأن الانقاذ قد طال مكوثها على حكم البلاد والعباد أكثر من ربع قرن، والله يعلم إلى متى يستمر.. وأن أعمار كليهما قد تجاوزت الثمانين، مما يعني استحالة تمكنهما من حكم البلاد بعد سقوط نظام الإنقاذ.. طال الزمن أو قصر.. ولا شك أن هذا القرار افقدهما مصداقيتهما في مسألة قيادة المعارضة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وإلا كيف يمكن أن يقنعا الرأي العام بذلك، وأبناؤهم مشاركون في النظام الذي يعارضونه.. عموماً دي غلوطية ورب ضارة نافعة، لأن الأمير عبد الرحمن المهدي أصبح يملأ الساحة حراكاً وإن كان ناعماً، إلا أنه إيجابي وأصبح شبه جاهز للمباراة الختامية.. أما الحسن.. صاقعة النجم بين استراتيجيته للحاق بزخم الأمير عبد الرحمن الصادق .. بارسأل رسائل عبر كلمات قوية ومواكبة تترسخ في الأذهان كتعبير دواحش لعدد من قادة حزبه، بعد أن فرض وجوده واستلم قيادة الحزب.. وراثة عديل.. دون تفويض أو مباركة القواعد الاتحادية ظل غياب والده عن البلاد، وغياب أثره على مجريات الأحداث في الحزب والطريقة والبلاد، مما أدى لفراغ ملأه الحسن بوضع اليد والشوت ضفاري به يعلن وجوده، ويملأ الساحة ضجيجاً ب 180 يومياً وهلم جرى... من هنا نرى أن الإنقاذ رغم ما هي فيه من توهان وفقدان للبوصلة بعد فشل مشروعها الحضاري.. إلا أنها تمسك زمام الأمور بالقبضة الحديدية.. الأمنية والتي إن كان لها نفع لما طاح مبارك والقذافي وزين العابدين وفي الطريق بشار.. من هنا نرى الحالة التي عليها الشعب السوداني ومايعانيه من غلاء وانبهار اقتصادياً وسياسياً.. وأن استمر الحال على ما هو عليه حتماً سوف يقع الانفجار وسوف تدخل البلاد في مطب الفوضى، فالمتربصون ممن يحملون السلاح الذي تفشى في أوساط الناس كُثر ولا مناص من هذا السيناريو إلا تنفيذ مخرجات الحوار أو الطوفان.