هل إصدار كتاب بعد 35 عاماً من –فترة كتابته- يعد مغامرة في ظل متغيرات عديدة جرت في ساحات الكتابة، التي افترعت لها طرائق ومسارات فلت فيها الكُتَّاب الجدد من سلطة ودروب الكتابة في كافة حقول المعرفة، فتحول الأمر الى مايشبه القطيعة مع أي منتج يحاول أن يتأسس على مركزية القواعد القديمة، والداعي هنا نزع الوصايا والتي- حسب روادها- مُكبِلة ومُقيدة للمبدع الذي يبحث عن التجريب والتحليق في فضاءات لا منتمية. هذه الملاحظات طرحتها للروائي والقاص صديق الحلو، بعد أن أخبرني أنه قبل أيام دفع باربعة كتب جديدة، وفي نفس الوقت قديمة لأنها كتبت قبل 35 عاماً فقال: لولا الأصدقاء لما فكرت في نشرها أصلاً، وأضاف: قرر أصدقاء محبون لمشروعي الكتابي تكريمي ووضعوا أمامي أكثر من خيار، وبعد تفكير مطول قلت لهم عليكم بإصدار كتبي التي قد لا ترى النور إلا من خلال قوة دافعة، وأفضل أن تكون بعيداً عن المؤسسات الرسمية، بعدها اتفقت مع داري المصورات وبنان على طباعتها وتوزيعها داخل السودان وفي المعارض الدولية. الحلو قال لنا: إن تأخر صدور الكتب لم يك أمراً محبطاً له، بل العكس فقد اشتغل عليها من جديد، إلا أن بنية النص والاجواء العامة ظلت كما هي فروايته (أيام الشدو الأخيرة)، كانت تعالج مشكلات اجتماعية لفترة السبعينيات.. أما الآن فقد عدل فيها حتى تكون صالحة لكافة الأزمنة والأمكنة، وبذا تتحقق عملية الانتماء عند القارئ. أما(حروبات كبيرة)، وهي رواية تاريخية تدور حول فترة المهدية تاريخياً واجتماعياً، دون أن يغفل الجانب الديني والسياسي لكونهما أبرز قيمات تلك الفترة. (فصول) وهي عنوان لكتبابين في القصة القصيرة، اهتم فيهما بالجانب الرومانسي والمح الى أنه حاول أن يقدم خلالهما النموذج المثالي للعلاقات الإنسانية والاجتماعية، ويرى أن الحب تبدل معناه هذه الأيام، لأن المحبين اصبحوا في متاهات كبيرة بسبب الظرف الاقتصادي، لذا ترك الحوارات والمنلوج وأسماء الأماكن والناس كما هي، ويرى أن الاحتفاء بأيام الزمن الجميل واجب الكُتَّاب القدامى. ما يجدر ذكره أن الحلو نشرت له خمس كتب ( امرأة من الزمن الماضي، دروب وعرة، غصة في الحلق والفصول)، وظل طوال فترة عمله في الصحف والدوريات الثقافية ينشر المقال والقصص القصيرة.