ü التلفزيون السوداني من أقدم «التلفزيونات» في محيطنا العربي والأفريقي على الإطلاق بدأ بثه المحدود للمشاهدين في الميادين العامة على عهد اللواء أركانحرب محمد طلعت فريد وزير الاستعلامات والعمل في حكومة طيب الذكر الفريق إبراهيم عبود وانداحت حلقات إرساله لتبلغ ذروتها بشكبة المايكرويف في عهد الرئيس الراحل المشير نميري وتناقصت قدراته حتى اضمحلت في فترة الحكومة الانتقالية ومن بعدها الحكومة الحزبية وارتاد الفضاء اللامتناهي في عهد المهندس الطيب مصطفى مديره العام تحت حكم ثورة الإنقاذ الوطني... هل منكم من يذكر اسم ثورة الإنقاذ الآن؟ سبحان الله.. ومن لدن الأستاذ علي شمو المشرف العام على التلفزيون عند نشأته وحتى عهد المدير الحالي الأستاذ محمد حاتم سليمان.. سيذكر أهل التلفزيون مديرين اثنين تركا أثراً خالداً وكبيراً في إدارة التلفزيون مع كامل التقدير والتوقير لكل من تسنم هذا الموقع الخطير والمؤثر.. والمديران هما المهندس حسن أحمد عبد الرحمن.. والمهندس الطيب مصطفي عبد الرحمن.. فالأول هو الذي حَّدث كل الأجهزة بالاستوديوهات واستجلب الكاميرات وأجهزة المونتاج الملوَّنة وعربات التلفزة الخارجية وأجهزة الإرسال القوية.. والثاني هو الذي وضع لمساته القوية في تغيير بيئة العمل وشكل المباني وإضافة أحدث الأجهزة والكاميرات ومحطات البث الفضائي والاستفادة من علاقاتنا الإقليمية والدولية وتحريك جمود عضويتنا في المنظمات ذات الصلة. هذا من ناحية الشكل والمعدات أما من ناحية البرامج فقد كان للتلفزيون دور مقدر في تقوية النسيج الاجتماعي وإبقاء الأسر ملتفة حول «الصندوق الساحر» قبل اجتياح الفضائيات لفضائنا فتشتت شمل الأسرة والتي كانت تجتمع ومعها الجيران حول التلفزيون مثل نادي المشاهدة ورويداً رويداً أصبح في البيت الواحد عدة تلفزيونات «كل وحد يشاهد على كيفو» ثم ظهر اللاب توب ومن بعد الموبايل فانفرط العقد الاجتماعي وظهرت المسلسلات ذات الحلقات المئوية.. وتعدى أثر «مهند ونور» الأغاني الهابطة إلى تخريب العلاقات الأسرية ومن فرط إحساس الناس خاصةالمسؤولين منهم بأهمية التلفزيون كانوا يتصلون مباشرة على التلفزيون لبث خبر أو نشر صورة لشخص «خرج ولم يعد» والشيء الوحيد الذي لم يفعله تلفزيون السودان هو إذاعة أخبار الموتى!! وهي خدمة قدمتها الإذاعة باقتدار فغطت منشطاً مهماً لدى السودانيين وهو الاهتمام والمشاركة في الدفن والعزاء.. والحمد لله. ü وقد سُيِّرت المسيرات الداعية لضبط المظهر العام ضد التلفزيون لأنه يبث المسلسلات التي تُظهر «شعر البنات» أي والله فتدعو بذلك للسفور ولو قيض لأولئك أن يقودوا مثل ذلك الاتجاه اليوم لاضطروا للسفر لكل أنحاء العالم لتنظيم المسيرات والاحتجاج لدى القنوات.. وربما محاولة الاشتراك مع الأمريكان في مشروع «حرب النجوم» لإسقاط الأقمار التي تحمل إليهم صور تلك القنوات!! ü وانقضت خمسة عقود على نشأة التلفزيون وحق للهيئة القومية للتلفزيون أن تحتفل بيوبيله الذهبي.. ولكن.. - هل تمكن الدولة التلفزيون من الاضطلاع بدوره لكي ينافس القنوات التي تزحم براياتها الآفاق؟؟ فحتى يتمكن التلفزيون من إريتاد أفق المنافسة لابد من أموال كثيرة وكبيرة ومتدفقة «ما ماسورة». - هل تستطيع الهيئة أن تفي بالمطلوبات الفنية والبرامجية لنجاح الفضائية في المنافسة الأخبارية والمنوعات؟ - ومتى سينطلق التلفزيون ويتحرر من إسار البرامج والسهرات الغنائية المكررة والمتشابهة؟ - ومتى ستحتل الدراما السودانية مكانتها في الفضائية السودانية أم ستظل كماً مهملاً لا بواكي له؟ - وهل سيتحرر التلفزيون من المحلية في الطرح والمعالجة إلى آفاق أرحب؟ فالناس يهربون من مشاهدة الفضائية السودانية إلى فضائيات أخرى طلباً للتسلية والترويح.. والجمع بين المتعة والفائدة والتي لا تخلو منها شاشة الفضائية السودانية لكن المعوقات كثيرة وكبيرة.. والرسالة مهمة ومعقدة والبلد شاسعة وواسعة والإمكانات محدودة.. والأفكار مقيدة حتى وإن توفر الكاش الذي يقلل النقاش. ü التهنئة للأستاذ محمد حاتم الذي لم يتنكر لجهود أسلافه.. والتهنئة للأستاذ كمال عبيد وزير الإعلام الذي ورث إعلاماً به من الكوادر ما به وبه من الكوابح ما به.. وسيجف ريقه قبل أن يجد جزءً يسيراً من الميزانية المجازة والتي تصدر «كقانون» غير نافذ إلا في التقتير والتعصير. ü جلسة «الجبنة» في ضل الضحى عادة تلفزيونية لا تنقطع.. وفيها يتنفس ناس التلفزيون ويحبكون المقالب والقصص وربما الشائعات وحدث ذات مرة وقد تسلم بعض العاملين في التلفزيون خطابات الإحالة للصالح العام أو فائض العمالة.. وهاج الحوش وماج قبيل وقت نهاية الدوام.. وهم يجيئون ويذهبون لمواساة من شملتهم القرارات.. فقام أحد الخبثاء بوضع «مظروف» مشابه لتلك التي فيها خطاب الإعفاء وكتب عليه أسم الأستاذ «فتح الرحمن» ووضعه تحت شنطة اليد التي لا تفارقه وعندما هم فتح الرحمن بالخروج من المكتب رفع الشطة فوقعت عينيه على المظروف المعنون باسمه فصرخ بأعلى صوته «الله» وسقطت الشنطة من يده وتبعثرت محتوياتها قبل أن يكتشف أنها دعابة. وهذا هو المفروض