لماذا يتحسر الإمام الصادق المهدي على كوب «اللبن المسكوب» وهو نفسه قد ساهم بصورة أو بأخرى في دلق هذا اللبن على الأرض!! وكان هذا قبل «24» عاماً على ما أعتقد!! ü في حواره مع الزملاء كمال حسن بخيت ومحمد عبد القادر في الزميلة الرأي العام قال المهدي إن اتفاقية السلام كرست للانفصال وإن مشاكوس قسمت البلاد على أساس ديني وكنا قد اقترحنا أن يطبق القانون خالياً من المحتوى الديني وما يحمل من محتوى ديني يطبق على المسلمين!! السيد الإمام قال هذا الكلام للزميلة الرأي ولكنني أقول للذين يتمتعون بذاكرة قوية إلى حد ما هل تتذكرون موقف حزب الأمة بزعامة المهدي رئيس الوزراء إبان الديمقراطية الثالثة عندما جاء الميرغني باتفاقية السلام والتي كان اسمها اتفاقية الميرغني قرنق؟!! لقد أيد كل الشعب السوداني تلك الاتفاقية وفرح الناس بها إلى الحد البعيد وأتذكر موقفاً للمرحوم البروفيسور محمد عمر بشير لقد سألته عن شعوره وكنت آنذاك محرراً في بداية الطريق بصحيفة الأسبوع «الأولى».. والناس وقتها حشوداً رهيبة بمطار الخرطوم في استقبال مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وهو قادم لتوه من اديس ابابا.. لقد بكى الرجل وأجهش بالبكاء طويلاً وقال لي جملة واحدة «السودان كله هنا ما عدا الجبهة الإسلامية»!! ولم يشك الراحل وقتها إن «الجبهة» لم تكن وحدها في ذاك الموقف الرافض للاتفاقية..! في عشية ذاك اليوم التاريخي خرج تصريح من أحد قيادات حزب الأمة وإن لم تخني الذاكرة فقد كان السيد إدريس البنا فقد حمل التصريح كلاماً يقول إن الاتفاقية لن تكون على حساب الشريعة الإسلامية!! ومن ثم بدأت المماحكات بين الصادق المهدي وبقية القوى السياسية المؤيدة للاتفاقية بكلمة «توضيحاتها» التي وضعها السيد الصادق «شرطاً» ودخلت بعدها البلاد في مشاحنات وصراعات حتى وقع الانقلاب في الثلاثين من يونيو وبقية الحكاية معروفة للجميع!! ما أريد أن أقوله أن كوكتيل المصائب الذي قال السيد المهدي بأن السودان مقبل عليه هذا الكوكتيل تتحمل وزره كل القوى السياسية بدون استثناء وإن تفاوت الجرم بين هذا وذاك!! الجميع كلهم «أحمد» وحاج «أحمد» فليس هناك فرق!! والضحية دائماً هذا الشعب السوداني الذي تعب وشقي بما فيه الكفاية من لعبة ساسة يسوس التي يجيدها هؤلاء الزعماء.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.