حبس مواطنو الولاية الشمالية أنفاسهم أمس وهم يترقبون بخوف ورعب شديدين، ما سيعلن عنه من نتائج تقارير جمعتها لجنة لتقصي الحقائق حول ما أثير عن وجود مواد مشعة أو كيمائية بمنطقة سد مروي، في وقت احتشد فيه الزملاء ونصبوا كاميراتهم أمام المنصة في قاعة المؤتمرات الكبرى ببرج العدل بالطابق السابع عشر، تأخر أعضاء اللجنة عن الحضور في الموعد المضروب لقيام المؤتمر الصحفي، حضر وزير العدل ووزير الكهرباء الموارد المائية بعد تأخرهما لأكثر من 40 دقيقة عن الوقت المحدد، وجلسا في المقاعد الأمامية تاركين المنصة لرئيس وأعضاء اللجنة . فلاش باك وليس ببعيد عن ذات المشهد وشرق برج العدل كانت هيئة المواصفات والمقاييس قد أقامت ورشة حول كيفية التعامل مع النفايات الكيميائية، في هذه الورشة فجر التصريح الذي نسب لمدير الطاقة الذرية السابق محمد صديق، والذي كشف فيه عن وجود 60 حاوية تم دفنها في منطقة سد مروي دوياً هائلاً .. حيث شكل التصريح مادة دسمة لمعظم الصحف السودانية في صباح اليوم التالي، كما أنه أثار ضجة في الأسافير وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، وسارعت منظمات المتجمع المدني بإصدار بيانات تطالب فيها الحكومة بفتح تحقيق حول االتصريح المنسوب لمدير الطاقة الذرية السابق، وفي الحال كونت نيابة حماية المستهلك لجنة للتحقيق حول الأمر، بيد أنها لم تفلح من دخول منطقة السد بعد أن اعترضت طريقها اللجنة الأمنية بمحلية مروي، ومنعتها من الدخول إلى المنطقة، بحجة أنها لم تحمل تصريحاً رسمياً يخول لها الدخول، عادت اللجنة أدراجها، وأوضحت للرأي العام ملابسات منعها، بعدها ضجت الأسافير مرة أخرى محتجة على الطريقة التي تعاملت بها اللجنة الأمنية بالمحلية، ولم تهدأ عاصفة الغضب الشعبي لاسيما بين أبناء تلك المناطق إلا بعد صدور القرار رقم 12 الصادر من وزير العدل مولانا عوض االحسن النور، والذي شكل بموجبه لجنة برئاسة مستشار قانوني وعضوية عدد من علماء الكيمياء والفيزياء والبيئة وحماية المستهلك وضباط شرطة للتحقيقق حول الحادثة . ملابسات تصريح سابق خلاصة ما توصلت اليه اللجنة أنه لاتوجد مواد مشعة ولا كيمائية ضارة، هذا ما اعلنه صراحة رئيس اللجنة مولانا معاوية عيسى، وذكر حيثيات كثيرة دعم بها تقرير اللجنة النهائي، مستنداً على معلومات علمية دقيقة جمعها فريق متخصص في الكيمياء والفيزياء والبيئة، وتحقيق وتحري قامت به الشرطة تحت إشراف النيابة، وكشف عيسى عن الملابسات التي دفعت مدير الطاقة الذرية السابق لتصريحه الكارثة، وقال ان الرجل استند في شهادته أمام الحاضرين لورشة المواصفات على تقرير سابق أعدته لجنة تكونت من شخصين من الطاقة الذرية والسلاح الطبي وفقا لمعلومات استخباراتية في العام 2013عن وجود حاويات سيتم دفنها في المنطقة، توصلت اللجنة المذكورة بعد عمل مسحي بالمرادم لوجود مواد مسرطنة، لكن معاوية انتقد تقرير اللجنة وقال إنه ليس دقيقاً ولم يستند على معلومات عليمة دقيقة، ولم يفحص المدافن الحقيقية للنفايات بمنطقة السد، ويضيف أن لجنته توصلت إلى معلومات كافية لتفنيد تقرير االلجنة السابقة، مشيراً إلى لجنة أخرى تكونت من تحت قبة البرلمان بعد ما آثارت الصحافة خبر وجود نفايات مشعة بالمنطقة، وقال إن لجنة البرلمان ورغم وصولها إلى منطقة السد في العام الماضي، إلا انها لم تتقص في مسألة وجود مواد كيميائية أم لا، واكتفت بعمل قياسيات إشعاعية طبيعية. مواد ضارة وحسب رئيس اللجنة فإن الوفد العلمي الذي زار المنطقة توزع إلى ثلاثة فرق، فريق للكيمياء - وفريق الفيزياء الاشعاعية - وفريق السلامة والبيئة، وقال إن هذه الفرق اعتمدت منهجاً علمياً بحتاً في عملها الميداني داخل منطقة السد وما حولها، ووجدت تعاوناً كبيراً من المسؤولين هناك، ما مكنهم من التوغل إلى العمق، حتى وصلوا إلى آخر نقطة لايسمح في العادة لأي بشر أن يصلها غير المختصين، وهي منطقة وجود (التوربينات) وأخذت عينات من كل منقطة على حدة من البحيرة والتربة والحشائش وغيرها، ثم تم تحليلها في المعامل الجنائية الحديثة، والتي كشفت نتائجها خلو المنطقة من الاشعاعات الاصطناعية، لكن رئيس لجنة الكيمياء المقداد محمد علي كشف عن وجود زيوت هي عبارة عن مخلفات لمحركات كانت تعمل في تشييد السد، تحتوي على مواد ضارة أًسيئ دفنها، في وقت كان يمكن أن تعالج بطريقة أحسن من تلك التي تمت بها، وطالب المقداد بنبش (الكوش وبعض المكبات) لتتم معالجتها بالطريقة السليمة، وقال إنه وقت دفنها لم يكن هنالك تنسيق سليم بين الجهات المختصة، وأضاف (وجدنا ثلاثة مدافن: الأول به زيوت ومخلفات ورواجع، والثاني مخلفات أكياس البلاستيك، والثالث وجدناه خاليا، لكن رئيس اللجنة ورغم إقراره بالواقعة التي ذكرها رئيس لجنة الكيمياء إلا أنه قال إن الشركة الموكل لها معالجة المخلفات (لام إير الألمانية) رأت ان معالجتها للمخلفات تمت بصورة صحيحة، غير أن خبراء الكيمياء الوطنيين لهم رؤية مغايرة، وقد اعتمدت اللجنة رؤيتهم، وسيتم معالجة الأمر وفقاً لمطالبتهم .