الصحافة مصادر هذه الحقيقة التى يعرفها كل من يعمل فى مجال العمل الصحفى ولاتعمل الصحافة إلا بعد أن يتحرك المصدر بالقول أو الفعل ورغم تنوع المصادر العامة المفتوحة والمصادر الخاصة المغلقة إلا أن مصادر الصحفى الشخصية هى التى تميز عمله . فى تاريخ الصحافة السودانية عرفت بعض الشخصيات الصحفية بغزارة مصادرها ولذا تتميز خدمتها الصحفية . الصحفى توفيق صالح كان من الرموز الصحفية التى تميزت بقوة مصادرها تدربت على يديه فى صحيفة الصحافة مطلع الثمانينيات الماضية فكان مثل محرك البحث بمعلوماته وارشاداته للمحررين فى قسم الأخبار إذ يقوم وهو رئيس القسم بتهيئة مصادره لمحرريه فيأتوا بالأخبار المتميزة والذين عاصروا الصحفى توفيق صالح يشهدوا له انه كان أفضل مدير للأخبار رغم قلة حركته تدرب على يديه عشرات الصحفيين الذين حذقوا المهنة وبنوا المصادر وكيفية التعامل معها . لاحظت أن الصحفى الفقيد عمر الكاهن رغم مصادره المتعددة وقوتها إلا أنه عندما يعمل حاسته السادسة لالتقاط مادة خبرية لايستخدم الهاتف وكان رحمه الله يحمل فى جيوبه هاتفين جوالين إلا أنه يفضل عنهما المقابلة الشخصية ولعمرى هذا هو سر تميز الكاهن وتفرد أخباره عن الأخرى لأن المقابلة الشخصية للمصدر فيها الكثير من التقدير له ولذا يستطيع الصحفى أن يحصل على مبتغاه ومايريده فى جو تظلله الثقة ويسوده الاحترام . الصحفى المصرى المعروف مفيد فوزى وهو صحفى شامل كان رئيساً لتحرير مجلة صباح الخير المصرية ومن أفضل الذين يديرون الحوارات الاذاعية والتلفزيونية واشتهر ببرنامجه التلفزيونى حديث المدينة ذكر فى حوار صحفى معه قبل بضعة سنين أنه لم يستخدم يوماً ما الهاتف فى حصوله على مادة يقوم بنشرها من مصدر من مصادره وإنما يستخدم الهاتف لترتيب الموعد وتحديد الزمن المناسب مع المصدر الذى سيرفده بالمعلومات أو الأخبار أو الشخصيات التى سيحاورها ويرد ذلك الى أن استخدام الصحفى للهاتف مع مصادره لايعبر عن كثير احترام وينتهك خصوصية وقت المصدر الخاص أو حتى الوقت الرسمى المخصص لاجتماعات أو أعمال لايجب إقتحامها . لاحظت ان صغار الصحفيين اكثر استخداماً للهاتف مع مصادر الأخبار والمعلومات فى صحافتنا السودانية وفى كثير من الأحيان يتم الإتصال بالمصادر فى أوقات غير ملائمة نظراً لطبيعة عمل الصحافة الذى تبلغ ذروته عند العصر وهو الوقت الذى يسترخى فيه معظم العاملين بعد عناء يوم العمل كما أن الإتصال المباشر بالمصادر عبر الهاتف لايمكن المصدر من توثيق معلوماته التى لاتكون بالقرب منه أو عند بعض زملائه او مرؤسيه ولايستفيد الصحفى بالاتصال الهاتفى المباشر من اجواء الثقة وملاحظة الانفعالات الشخصية للمصدر التى يمكن ان تضفى للخبر أبعاداً وقيمة إضافية وتكون فى بعض الأحيان أهم من المعلومات التى أدلى بها المصدر . شكا بعض الصحفيين الأجانب أن السودانيين لايردون على هواتفهم المحمولة وهى ملاحظة بل وحقيقة ولكن هل يجب على الشخص أن يرد على كل من يتصل به إن لم يكون ضمن القائمة المسجلة لديه خاصة مع كرم السودانيين الذين يتبرعون بتزويد كل من يريد برقم هاتف صديق أو زميل أو حتى شخص عام رغم أن الهاتف المحمول للاستخدام الشخصى وفيه خصوصية الاستخدام . التقاليد مهمة لكل مهنة من المهن ويبدو أن تقلب السياسة والسياسات تجاه الصحافة حال دون بناء تقاليد لها يقدمها القدامى للقادمين .